تنقّل العاملون في "جمعية الإسراء للتنمية الخيرية" بين عدة مناطق، بعد فقدان مقرهم في "مخيم اليرموك"، إلى أن انتهى بهم المطاف في ضاحية "قدسيا"، لم يتوقفوا عن تقديم الخدمات ومد يد العون لشرائح مُجتمعية واسعة من بينها الأيتام والعجزة وذوو الاحتياجات الخاصة، إلى جانب مرضى السرطان وطلاب الجامعات، والعائلات المحتاجة.

ظروف طارئة

تأسست "جمعية الإسراء" عام 2006، وهي تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بوصفها جمعيةً غير ربحية، ويقول رئيس مجلس إدارتها "أحمد عبد الناصر" في حديث إلى "مُدوّنة وطن": «لدينا ما يزيد على 2430 عائلة مُستفيدة، سابقاً كان التواصل معهم سهلاً، لكن ظروف الحرب تسببت في توزعهم بين أماكن مُتباعدة، بموازاة ازدياد أعداد المُستفيدين في الأعوام الفائتة، ومعظمهم يُمضي ساعاتٍ طويلة حتى يصل إلى المقر الجديد البعيد نسبياً عن "دمشق"، لكن لا حيلة لنا أمام هذا العائق».

الكلمة الطيبة والابتسامة عنوانٌ للجمعية، نبذل كل ما يُمكن في سبيل من يقصدنا

في السابق، كانت الجمعية تقوم بتقصي أوضاع الراغبين بالاستفادة منها، لكنها اليوم تكتفي بثبوتياتٍ رسمية، كبيان عائلي يُتيح معرفة عدد أفراد العائلة وأوضاعهم، والتقارير الطبية وصور الأشعة التي تشرح الوضع الصحي لصاحبها بوضوح وهنا يُوضح "عبد الناصر: «نريد أن تصل المعونات إلى من يحتاجها، نحن وسطاء لا أكثر لكن يهمنا أن تسير الأمور بشكل مُنظّم، تبعاً لما لدينا من جداول ووثائق، مع التنويه إلى أن الجمعية تستقبل حالياً الحالات الحرجة من أيتام ومعوقين ومرضى سرطان فقط».

عمل تشاركي

في السياق ذاته، تكفل الجمعية 260 طالباً جامعياً، شرط الالتزام بالدوام وتحقيق نتائج جيدة في الدراسة، يُضيف رئيس مجلس الإدارة: «تبعاً لما يتوفر عندنا، نُقدم لهؤلاء أجرة الطريق، لاسيما أن الوصول إلى الجامعة والعودة إلى البيت يومياً أصبح أمراً مُكلفاً بالنسبة للعائلات التي تعيش أصلاً ضائقة مالية، أو ممن فقدوا المُعيل، وعندما يتخرّج هؤلاء تتوقف المعونة وتذهب لغيرهم، علماً أن عدداً من طلابنا القدامى الذين حصلوا على فرص عمل، تواصلوا معنا لكفالة طلابٍ جُدد، كونهم اختبروا بتجربتهم معنى مساهمتنا».

يُشير "عبد الناصر" إلى خدماتٍ قدمتها الجمعية خلال فترة وباء كورونا، شملت أسطوانات أوكسجين وأسرّة طبية وأجهزة للمساعدة على المشي لكبار السن "ووكر"، على أن تتم إعادتها للجمعية، كما تُصبح الجهود مُضاعفة في شهر رمضان وفترات الأعياد، بسبب ازدياد التبرعات التي تتحوّل معظمها إلى سلّات غذائية وأضاحي. ويضيف: «الخدمات مرهونة بالتبرع، لذلك نعرض ما نقوم به في صفحة الجمعية في فيسبوك، وندعو الجميع للزيارة والدعم، كي يصبحوا شركاء لنا في العمل».

تدريب مهني

يُؤمن القائمون على "جمعية الإسراء" بضرورة عدم الاستسلام لفكرة الأخذ، لذلك يحاولون تعليم النساء المُستفيدات مهناً تسمح لهن بالاعتماد على أنفسهن ومساعدة عائلاتهن قدر الممكن، وبناءً عليه حُوِّلت إحدى الغرف إلى مَشَغلٍ مهنيٍّ مجاني، لتعليم الخياطة والحلاقة والكروشيه والماكياج، يُضاف إليها شغل السنارة والتطريز، ومن ثم يُقام معرضٌ لبيع المُنتجات والمشغولات التي صنعتها المُتدربات، ويعود ريعها إليهن بالكامل، وبعضهن أثبتن جدارتهن وأصبحن مُدرّبات، وأنشأن عملاً خاصاً.

"رجاء يونس" التحقت بجمعية الإسراء منذ ثماني سنوات، حين نصحتها صديقتها بالتطوّع وتعليم حرفة الحلاقة التي مارستها خمسة وثلاثين عاماً، تقول: «أسعدتني فكرة خدمة الناس ومساعدتهم بما أمتلك، فتطوّعت للتدريب في دورات تشمل عدة مراحل، حرصت خلالها على مواكبة الجديد، وتنبيه المتدربات إلى ضرورة مجاراة كل ما يطرأ في مهنة لها مَكانتها، ويُمكن أن تساهم فعلياً في تحسين الظرف المادي».

بدورها بحثت "نبال حلاوة" عن مكانٍ للتطوّع بعد أن كبر أولادها وشعرت بالفراغ، تضيف: «اتبعتُ دورة كروشيه في الجمعية لتطوير نفسي، وتطوّعت منذ ثماني سنوات لتعليم الكروشيه التي تستهوي كثيراً من المُتدربات، وحالياً نساهم جميعنا في التحضير للمعرض السنوي».

مُتطوّعات

بدأت حكاية "نجاة الشهابي" مع الجمعية حين تهجّرت من بيتها واحتاجت للمساعدة، إضافة إلى رغبتها في مساعدة المحتاجين والتخفيف عنهم، تقول للمُدوّنة: «لفتني حرص العاملين على استيعاب الجميع ومحاولة إدخال السرور على قلوبهم، وأدركت ضرورة الانضمام إليهم والعمل معهم في السنوات المريرة التي أثقلت كاهلنا، فتطوّعت أربع سنوات، تدرّبت خلالها على العمل، ثم توظفت وصرت مسؤولةً عن المستودع».

تستقبل "الشهابي" مع بقية الكادر الثياب الجديدة والمُستعملة، ويعملون على جردها وفرزها حسب الأعمار، ليتم توزيعها على العائلات المستفيدة، وتتابع حديثها: «الانضمام إلى الجمعية ترك أثراً في حياتي، تعلّمت التعاطي مع مختلف الشرائح والنماذج والصبر في سبيل عمل الخير، أدعو النساء للتطوّع والمُساهمة في أي عمل ينفع الآخرين ويكون مُعيناً لهم في أيامنا هذه».

في قسم البحث الاجتماعي التقينا "منال عثمان"، والتي اتبعت دورة خيرزان في الجمعية، تطوّعت بعدها للمساعدة في الأشغال اليدوية ثم انتقلت إلى البحث الاجتماعي بعد التدريب فترةً من الزمن، تشرح عن عملها بالقول: «نستقبل الحالات الراغبة بالاستفادة من خدمات الجمعية، ونسجّل كل ما يلزم من معلومات ووثائق تتعلق بالمسكن والوضع الاجتماعي والصحي، بحيث يكون لكل مُستفيد ملف خاص، نرجع إليه عند الحاجة».

تقول "عثمان" للمُدوّنة: «الكلمة الطيبة والابتسامة عنوانٌ للجمعية، نبذل كل ما يُمكن في سبيل من يقصدنا».