حملت "الدبات الأثرية" المكتشفة في منطقة اللجاة، والتي تعددت نماذجها من عصر لآخر، العديد من الموروثات الحضارية المتعاقبة على هذه المنطقة منذ أكثر من ألفي عام، فضمن هذه التلال أو ما تسمى "دبة" يرقد حاملو مشعل الحضارة، وعلى حجارتها دُوّن ونُسخ فن الحضارة، حتى باتت تلك التلال بمنزلة الكتب المؤرخة للذين وطأت أقدامهم هذه المنطقة، لتبقى أوابدها شواهد حية على ما تركه الأقدمون خلفهم من حضارات ما زالت تدرس في الجامعات حتى اليوم.

التّاريخ يتحدّث

يقول رئيس دائرة آثار السويداء "وليد أبو رايد" لـ"مدونة وطنeSYria ": «من يبحر في قلب منطقة اللجاة قاصداً استكشاف ما تخفيه صخورها ونوازلها البركانية من معالم أثرية، فبكل تأكيد سيخرج و"جعبته" المعرفية مملوءة بالكثير، وأول غيث تلك الأوابد التي ما زال ماضيها يحاكي حاضرها، تلة "كوم الرمان" والتي لابد أن تكتحل بها عينا كل من جاء طريق الحج زائراً ومستكشفاً تاريخها، العائد لأكثر من ألفي عام، والمتجول في أرجاء التلة أو "الدبة" سيقرأ على صفحات حجارتها غير الممزقة، أن التاريخ ما زال يرقد هنا ليقص على من جاء التلة سائحاً حكايات الماضي بحلوها ومرها، ولتعلمه أنها كانت الحصن المنيع ضد من أتى الحمى غازياً، حيث يعود تاريخ تلك التلة إلى عصر البرونز الوسيط، ورغم تلك السنين فتلة "كوم الرمان" ما زالت تشكل الحضن الدافئ للأبراج والأبنية المنتشرة حولها، وكأنها حارس الحضارة والناطق بلسان حال من كان في تلك المنطقة مستوطناً».

إذا أردنا معرفة المزيد فما على المهتمين بالآثار سوى التوجه نحو شرق "ريمة اللحف"، حيث يصادفهم "كوم المغاربة" المحاط بسورٍ دفاعي أهم ما يميزه ارتفاعه العالي، وبناؤه الحجري المشيد بحجارة منحوتة غاية في الروعة والجمال، ولابد لمن يزور الموقع أن تكتحل عيناه بنبع الماء الملازم لتاريخ الموقع ليشكلا معاً توءمة تاريخية، ومن يترك الموقع ويقفز خارج سوره، فستصادفه مغارة طبيعية، طبع على صخورها نبع ماء ثانٍ، مياهه باردة وعذبة وما زالت متدفقة ليومنا هذا

فنّ العمارة

ويتابع "أبو رايد" قائلاً: «من يغادر تلة "كوم الرمان"، ويتوجه شرقاً فلا بد له أن يدخل إلى تل "كوم الصوان" الذي يغفو على سفح تلة مرتفعةٍ، حيث تؤكد الأبحاث الأثرية التي أجريت في المنطقة، أن التل ولدّ بنائياً منذ نحو ألفي عام، وخلال تلك السنين كان مقراً للعديد من الحقب الزمنية، إذ يتألف الموقع من طابقين اثنين، مشرعة أبوابها نحو ساحة مركزية مسقوفة من الربد، مستندة على عمود بازلتي مركزي، وأهم ما يميز الموقع أبوابه البازلتية "الحلس" وقد استمد الموقع صلابته كونه مشيداً في منطقة اللجاة ذات الطبيعة الصخرية القاسية، ليبقى هذا المعلم شاهداً حياً على فن العمارة في تلك الأزمنة».

كوم الرمان

إبداع الطبيعة

كوم المغاربة

ومن التلال أو "الدبات" الأخرى أيضاً حسب قول الباحث الأثري "نايف أبو معضب" تلة "كوم التين"، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من ألفي عام، والباحث في تاريخها سيجد أن هذه التلال ما هي إلا قرى صغيرة، كانت تتبع إدارياً لتلة "دبة بريكة"، وهي بمنزلة الأم الولادة لتلك التلال، وكلها تعود لعصر البرونز الوسيط.

ويضيف "أبو مغضب": «إذا أردنا معرفة المزيد فما على المهتمين بالآثار سوى التوجه نحو شرق "ريمة اللحف"، حيث يصادفهم "كوم المغاربة" المحاط بسورٍ دفاعي أهم ما يميزه ارتفاعه العالي، وبناؤه الحجري المشيد بحجارة منحوتة غاية في الروعة والجمال، ولابد لمن يزور الموقع أن تكتحل عيناه بنبع الماء الملازم لتاريخ الموقع ليشكلا معاً توءمة تاريخية، ومن يترك الموقع ويقفز خارج سوره، فستصادفه مغارة طبيعية، طبع على صخورها نبع ماء ثانٍ، مياهه باردة وعذبة وما زالت متدفقة ليومنا هذا».

نايف أبو مغضب