رسالة سلام متجددة تنطلق من ربوع مدينة "القامشلي"، منبرها ولادة المركز الثقافي "الأرمني"، الذي يهدف لنشر الثقافات المتنوعة للحضارة السورية ويسعى ليكون ساحة غنية للحوار الأدبي والثقافي.

الموسيقا أولاً

شكل الجانب الموسيقي ركناً أساسياً في المركز الثقافي "الأرمني"، بدأ العمل فيه من خلال تعليم الأعمار الصغيرة، كخطوة أولى ومهمّة حسب ما يقول المدرب "هاروت مادارجيان" الذي اعتبر أن خطوة افتتاح المركز الثقافي مهمّة وذات قيمة كبيرة، خاصة وأنه الأول من نوعه على مستوى المنطقة.

تم التواصل مع المركز الثقافي العربي "بالقامشلي" بهدف التعاون والتنسيق، وهو على مسافة واحدة مع كافة ثقافات وفنون المنطقة، وكما أسلفنا منبرنا منبر السلام والإخاء

يضيف المدرب "مادارجيان": «من هذا المكان سنقدم الفلكلور والتراث والثقافة والموسيقا الأرمنية، وننشرها بين الناس، بدءاً من مدينتنا الجميلة، والهدف من تعليم الموسيقا للفئة العمرية الصغيرة، هو تعريفهم بالتراث والفلكلور والموسيقا الأرمنية القديمة، حتى يتعرفوا على ماضيهم وفنهم، حالياً العمل مع أعمار سبع سنوات، ثم لاحقاً تأتي الأعمار الأخرى، وثقافات وأغاني وموسيقا المنطقة برمتها، كل ذلك ضمن خطة وبرنامج».

بدورها تتحدث "هاشمية سيمونيلن ديكرانيان" عضو اللجنة الثقافية في المركز عن التنوع الثقافي والذي كان من الأسباب التي حفزت على تأسيس هذا المركز، مبينة أن ظروف الحرب القاسية والتي أثرت على جميع الفئات كانت دافعاً ومن الأسباب المهمة لافتتاح المركز. وتضيف: «ظروف الحرب شردت كثيراً من الأطفال والعائلات، وحتّى نحافظ على ثقافتنا وتراثنا نقوم ضمن المركز بلملمة الجراح وجمع الأطفال وتعويضهم عن معاناتهم القاسية ببعض الأشياء الجميلة، فمركزنا جزء من الثقافة والتراث السوري الذي يغنيه تنوع الثقافات في المنطقة.. إنها رسالة وطن، وثقافة بلد، وهي تنطلق من القيم السورية العريقة القائمة على التآخي والمحبة والتسامح، فحلمنا أن نغني مع باقي الثقافات مع ولادة العام الجديد القادم، وكلنا يقين بأن سورية ستنهض من جديد بعيداً عن آثار الحرب والدمار».

أهداف سامية

أهداف كثيرة وعناوين متنوعة وقفت خلف افتتاح المركز الثقافي "الأرمني" في مدينة "القامشلي"، أهمها نقل الثقافة الأرمنية بمختلف ألوانها وأنواعها، والاحتكاك مع باقي الثقافات، لتكوين اللوحة السوريّة الجميلة الجامعة لكافة المكونات.

رئيس المركز الثقافي الأرمني "هاكوب برصوميان" يؤكد أن الهدف الرئيسي للمركز تنشئة جيل واعٍ، يتعرف على الثقافة والفنون وجميع أدبيات وسلوكيات المجتمع الثقافية في المنطقة، ومنها ثقافة وحضارة الأرمن فيما الرغبة الأهم أن يتم جمع الجيل الناشئ في مكان آمن. ويضيف "برصوميان": «نسعى لإبعاد أطفالنا وشبابنا عن الغوغائيات والفوضى، لدينا بالمركز عدّة أقسام وهي الأول غرفة موسيقية، بإشراف مدرب مختص وأكاديمي، والفرع الآخر مكتبة كبيرة تضم مئات الكتب المتنوعة والمختلفة، ولدينا منصة تواصل اجتماعي مرتبطة مع جامعة "حلب" تابعة لمطرانية الأرمن الأرثوذكس، من خلالها يتعلم الطلاب دروسهم ومحاضراتهم، ما يوفر عليهم الكثير من التعب والمصاريف، وفرع آخر عبارة عن مرسم، يتعلم المتدرب فيه جميع أنواع وأشكال الرسم، وضمنه أيضاً الفلكلور والتراث الأرمني من لباس ورقص أرمني».

ويشير مدير المركز إلى أن الثقافة الأرمنية ولجانها ورسالتها مشكّلة منذ الثمانينيات، وفي هذا العام وبدعم وتشجيع من أبناء الطائفة برمتها داخلياً وخارجياً تم إنشاء هذا المركز.

ويقول: «تم التواصل مع المركز الثقافي العربي "بالقامشلي" بهدف التعاون والتنسيق، وهو على مسافة واحدة مع كافة ثقافات وفنون المنطقة، وكما أسلفنا منبرنا منبر السلام والإخاء».

تعميق التّعاون

فائزة القادري "مديرة المركز الثقافي العربي بالقامشلي" أكّدت أهمية افتتاح هذا المركز الجديد في "القامشلي"، واصفة إياه بالحدث المهمّ وله دلالات كبيرة منها إحياء الثّقافة والتراث الأرمني ورفد الثّقافة السّوريّة بهما، فكلّما اتسعت القاعدة الثّقافية في أي مجتمع زاد الوعي و اكتنزت البنية التّحتية المجتمعية بغنى ثقافي وحضاري ترسخ محاولات إصلاح وتطوير المجتمع.

وتضيف: «نبارك هذا الإنجاز ونتمنى للقائمين على المركز التوفيق في مهامهم الثقافية وأنشطتهم التوعوية وفعالياتهم المجتمعية، والتي ستسهم في تعميق التعاون وتفعيل الأنشطة المشتركة بين المركزين الثقافيين العربي والأرمني في "القامشلي" بما يخدم أهدافنا السامية في خدمة المجتمع على كافة الأصعدة الثقافية والتعليمية والتوعوية».

"مدوّنة وطنeSyria " زارت المركز الثقافي الأرمني بتاريخ 9 كانون الأول 2022.