تعلم الرسم من أخيه الأكبر الفنان "علي الجندي"، رسم الطبيعة التي تسكن روحه وتماهى مع عناصرها بألوانه الزيتية والمائية، ونحت على خشب الزيتون جمال الوطن، ومعظم لوحاته أهداها لأصدقائه، وشارك بمعارض على المستوى المحلي، فكانت أعماله محط الأنظار ومازالت رسالته الفنية تتحدى آلام مرضه.

بدايات الموهبة

يتحدث الفنان "سمير الجندي" إلى "مدونة وطن" عن بدايته ودراسته ويقول: «ولدت في "سلمية" 1950 درست في مدارسها وحصلت على الثانوية عام 1972 في مدرسة علي بن أبي طالب، بدأت الرسم منذ كنت في الصف السادس، كنت أرسم بالألوان الزيتية الطبيعة التي سكنت روحي، وشغفت بالرسم متأثراً بأخي الفنان "علي الجندي" الذي يكبرني بعشرين عاماً، والذي كان رساماً وشاعراً، عشقت الأدب والشعر من صديقي الراحل الشاعر "منذر الشيحاوي"، وكتبت بعض النصوص الأدبية من شعر وقصص قصيرة».

هو فنان متعدد المواهب والاتجاهات الفنية صور لنا الواقع بألوانه المختلفة، ومن ثم جاءت منحوتاته على المنوال نفسه، فنجد في لوحاته واقعية بحتة تُحاكي الطبيعة وعلاقتها بالإنسان، فرسم الأشجار والدروب الريفية والأوابد، إضافة إلى المرأة الريفية وطبيعة عملها الصعبة في تفاصيل دقيقة تحكي معاناة وعزيمة وإصراراً على الحياة

ويضيف: «تطوعت عام 1976 مع قوى الأمن الداخلي، وكانت خدمتي في "دمشق" حتى تقاعدت عام 1983، وفي تلك الفترة تعرفت على الفنان التشكيلي الراحل "غازي الخالدي" فنشأت بيننا صداقة مميزة وكان مرشدي والناقد الصادق لريشتي، فساهم في تطوير ثقافتي الفنية، وقمت برسم مجموعة من اللوحات، أهديت معظمها لأصدقائي، ثم عملت على رسم الصور الشخصية وتكبيرها، فكانت سنداً مادياً مساعداً لي في مسيرة حياتي».

لوحات واقعية من أعمال الفنان سميرالجندي

النّحت وحكاية الزّيتون

منحوتات من خشب الزيتون

يتابع "الجندي" حديثه بالقول: «دخلت عالم النحت على الخشب عام 2011 مع بداية الأزمة انطلاقاً من علاقتي بخشب الزيتون، والذي كنت أعمل في بيعه كحطب للتدفئة، وتوطدت علاقتي به وشدني شكله ولونه وقوته، وشعرت بأن كل قطعة حطب زيتون لها حكاية تنتظر من يرويها، ومع توفر المادة ووجود رغبة ووقت فراغ لدي بعد تقاعدي، بدأت بالنحت الذي جاء كنافذة لروحي التواقة لرؤية وطني معافى، فشاركت بلوحات رسم ونحت بمعارض أقيمت في حمّام "سلمية" الأثري في عامي 2015 و2016، مع مجموعة من الفنانين وبحضور شعبي كبير ورسمي ممثلاً بالوزير السابق "علي حيدر" الذي أعجب بالمنحوتات الخشبية التي كانت تجسد آلام الوطن وأحزانه خلال محنته منذ عام 2011، إضافة إلى منحوتات تمثل بطولات الجيش العربي السوري وتضحياته، كما صورت ببعض أعمالي النحتية التراث الشعبي رمز أصالتنا».

بعيداً عن الأضواء

بدوره يصف "محمد حويجة" وهو صديق الفنان "الجندي" ونقيب معلمين سابق، تجربة صديقه بالمبدعة فهو فنان يحب العمل بصمت بعيداً عن الأضواء.

لوحات رمزية من عمل الفنان سميرالجندي

ويضيف: «عرفته في سبعينيات القرن المنصرم عندما كنا في "دمشق"، وجمعتنا صداقة قوية وذكريات لا تنسى وجلسات ممتعة وأحاديث عن الرسم والنحت والفن.. كان "سمير" شغوفاً بالموسيقا، ولديه إحساس مرهف ويحب العشرة وسرد القصص والحكايات الجميلة التي لا تشعر معها بالملل ولا تمل مجالسته والإنصات لأحاديثه، وبالرغم من عدم دراسته الأكاديمية للفن والنحت، لكن شغفه بالرسم دفعه لتثقيف نفسه وصقل موهبته، فقد شارك بمعارض في الحمام الأثري في "سلمية" وكرمه المحافظ عام 2016 لعمله الفني المتميز، كما كانت له ميول شعرية فكتب العديد من القصائد الجميلة حزناً على فقدان ولده، ومازال يعمل ويكافح ويرسم حكايات التراث الشعبية وجمال الوطن».

قراءة نقديّة

الفنان التشكيلي والناقد "عبد القادر بطمان" تحدث عن لوحات الفنان "سمير الجندي" بنظرة ناقدة قائلاً: «هو فنان متعدد المواهب والاتجاهات الفنية صور لنا الواقع بألوانه المختلفة، ومن ثم جاءت منحوتاته على المنوال نفسه، فنجد في لوحاته واقعية بحتة تُحاكي الطبيعة وعلاقتها بالإنسان، فرسم الأشجار والدروب الريفية والأوابد، إضافة إلى المرأة الريفية وطبيعة عملها الصعبة في تفاصيل دقيقة تحكي معاناة وعزيمة وإصراراً على الحياة».

ويشير "بطمان" إلى أن المرأة مثلت حيزاً مهماً في أعمال "الجندي" وخاصة صور ظلم المجتمع لها، وفي المنحى الثاني لأعماله نجد التعبيرية الواقعية السريالية، حيث مزج فيها الخيال بالواقع كما في لوحته "القدس" التي يصور لنا المحتل بشكل رجل غاصب احتل معظم أجزاء اللوحة وسيطر بشكل تام على كافة المكونات المرسومة والصغيرة جداً في لوحته، وكأنني به يردد كلمات الشاعر "نزار قباني" (وخلفوا القدس في الوحل عارية)، ومن جهة أخرى ينتقد المجتمع وعاداته السيئة كالتدخين وإضاعة الوقت والكسل، إضافة إلى تميز أعماله بالرمزية لكل القضايا العربية، وأما أعماله الخشبية فتذكرني بالنحات العربي السوري "سعيد مخلوف" فهو يحاكي هذا الفنان وفي منحوتاته حركة دائمة وتسامٍ، وتعكس سيطرة الفنان على المادة وتحكمه فيها.

أجري اللقاء في 1 كانون الأول 2022.