أربعة وخمسون عاماً أمضتها الدكتورة "مانيا سويد" في صناعة اسم يليق بها وبعائلتها من دون أن تسعى للحصول على لقب إعلامية أو كاتبة، بل تراكمت تجربتها الإعلامية وخبرتها الأدبية عبر إصدار 25 مؤلفاً في مجالات متنوعة لتشكل مسيرة حافلة توجت بتأسيسها دار "سويد" للنشر منذ عامين.

دار للنشر

"مدونة وطن" تواصلت مع الكاتبة والإعلامية الدكتورة "سويد" المقيمة حالياً في دولة "الإمارات العربية المتحدة"، حيث تقول: «نشأت فكرة تأسيس الدار عام 2016 انطلاقاً من مشروع العودة إلى "سورية" بعد اغتراب دام أكثر من عشرين عاماً، لكن لأسباب متعددة منها الحرب وارتباطي بعقود عمل في الخارج تأجل المشروع حتى الانطلاقة الفعلية عام 2020، حيث تم الترخيص واتخاذ مقر للدار في "مشروع دمر" لدعم الحركة الثقافية في الوطن العربي بشكل عام و"سورية" بشكل خاص، لاسيما مع وجود صعوبات مرتبطة بالنشر، حاولت المساهمة من خلال تكاتف الجهود عبر توقيع مذكرة تفاهم مع اتحاد الكتاب العرب لدعم الشباب بأن يقوم الاتحاد بتقديم المخطوطات وتطبعها الدار على نفقتها الخاصة».

اهتمت "سويد" بنشر دواويني بشكل مختلف عما سبق، حيث تميز غلاف ديواني الشعري "بعد فوات الأوان" بكتابة اسمي كمؤلف بالحجم الكبير، ثم ذكر عنوانه مع وضع صورة خاصة لي على مكتبي من منزلي وكأنها تلخص مسيرتي الأدبية

أكثر من 50 كتاباً

يبلغ عمر دار "سويد" الناشئة عامين، وتجاوز عدد إصداراتها حتى اليوم خمسين كتاباً، تحدثنا عنها مؤسستها بقولها: «أتلمس الخطأ بهدوء، كانت الانطلاقة مع إصدار كتاب للشاعر "شوقي البغدادي"، وإقامة حفل تكريم له وإنتاج فيلم وثائقي على نفقة الدار، ثم طباعة ديوان ويوميات للشاعر "نزيه أبو عفش"، وكتب أخرى لعدد من الكتاب الشباب منهم ابنة الدار الشاعرة والكاتبة "منال يوسف" طبع لها ثلاثة أعمال».

من جناح دار "سويد" في معرض الكتاب السوري

وعن المعارض الدولية ومعايير النشر فيما يتعلق بمشاركات الدار الدولية ومعايير قبول الكتاب تقول "سويد": «انطلقنا من معرض الكتاب السوري في "دمشق" عامي 2020 و2021، ثم شاركنا في معرض "الشارقة" للكتاب بجناح مشترك مع دار نشر أخرى، وهذا العام شاركنا بمعرضي "الشارقة" و"أبو ظبي" للكتاب بجناح مستقل وكذلك في معرض "القاهرة" للكتاب، وتعرض كتبي في معرض "الكويت" القادم.. كانت الدار حاضرة في الفعاليات الثقافية المرافقة للمعارض منها ندوات ثقافية في معرض كتاب "أبو ظبي" وفي المعرض السوري كما تشارك في معرض "الشارقة" في ندوتين».

وتهتم دار "سويد" -حسب مؤسستها- بطباعة كتب الفكر، دراسات أدبية، شعر، رواية، دراسات اجتماعية، سير ذاتية وما يتعلق بدعم الحركة الثقافية والاجتماعية وفق معايير محددة للنشر هي أن تكون مكتوبة باللغة العربية الفصحى، ذات محتوى قيم، وتقدم ما هو جديد للمتلقي.

من حفل توقيع كتابها

الكتابة.. هاجس

من ندوة ثقافية

تتناول الكاتبة "سويد" في مؤلفاتها موضوعات اجتماعية وعاطفية متنوعة، تحاول من خلالها إيصال رسالة إنسانية للقارئ عن القيم البشرية المشتركة.

وحول ميلها المبكر للكتابة تقول: «لمست حبي للكتابة منذ سن العاشرة، دونت أحلامي على الورق، وفي إحدى المرات وقعت الورقة في يد معلمة اللغة العربية ولفتتها الصياغة وشجعتني على الاستمرار بالكتابة، حتى قرأت أول رواية بعنوان "شرق المتوسط" للأديب "عبد الرحمن منيف"، وهنا تملكتني رغبة جامحة بالكتابة بصياغة أفضل، وعندما كبرت أصبحت الصحافة شغفاً وهاجساً بالنسبة لي، لكنني درست الأدب الإنكليزي في جامعة "دمشق" بناءً على رغبة والدتي، حيث كان من المستبعد السماح لي بالقيام بتحقيقات صحفية والاحتكاك بفئات اجتماعية مختلفة آنذاك».

في الإعلام

تعد "سويد" كاتبة في المجالين الاقتصادي والثقافي في مجلات وصحف عربية، بدأت العمل الوظيفي عند سفرها إلى "الشارقة"، حيث تابعت القراءة في الصحافة الاقتصادية، وهنا بدأت مسيرتها الإعلامية التي تقول عنها: «تمكنت خلال أشهر من نشر مقالات عديدة في المجال الاقتصادي، النفطي، الصناعي، سوق الأموال والتجارة الداخلية والخارجية، كما كتبت في المجال الثقافي ونشرت مقالات أدبية تعنى بالسينما والدراما والمحطات الفضائية في مجلات عديدة منها "الصدى"،"دبي الثقافية" ومجلة "الإمارات" الثقافية».

مؤلفات متنوعة

لدى الكاتبة "سويد" حوالي 25 مؤلفاً في الأدب والإعلام والدراسات الفلسفية وأدب الطفل، وحول تجربتها الأدبية تقول: «صدرت أول مجموعة قصصية لي بعنوان "أوراق الكينا" وشملت كتابات من مرحلة المراهقة والشباب مع إعادة هيكلتها بهدف ترك إرث لأبنائي، ثم تطورت الحالة الإبداعية وصدرت روايتي الأولى بعنوان "عائد بغير زاد" عام 2018، ثم رواية "سيرقوني"، ومجموعات قصصية بعنوان "أعواد ثقاب" و"عناقيد اللؤلؤ الأحمر"، وألفت موسوعتين الأولى تزيد على 600 صفحة بعنوان "سينما وأدب في مئة عام"، وبدأت رحلة الكتاب من إقليم "الباسك" في "إسبانيا" بفيلم "كارمن" عام 1915 وانتهت بفيلم "المريخي" عام 2015، وموسوعة ثانية تزيد على 800 صفحة بعنوان "سينما وأعلام في مئة عام"، عن شخصيات خلدها التاريخ وتناولتها السينما، ومتأثرةً بدراستي للغة الإنكليزية صدر لي كتاب "شكسبير وشوقي مفارقات أنثوية"، وهو قراءة لمسرحيتي "ترويض الشرسة" و"البخيلة"».

الأستاذة الجامعيّة

بدأت "سويد" العمل في المجال التعليمي عام 2016 وعن تجربتها تقول: «أحاضر في عدة جامعات في دولة "الإمارات العربية المتحدة" وأحاضر في كلية الإعلام إمارة "الشارقة" عدة مواد منها (مبادئ العلوم السياسية، مبادئ الكتابة الصحفية، مادة الإعلان، أخلاقيات العمل الصحفي، مبادئ الكتابة الصحفية)، ومواد أخرى أدرس فيها مؤلفاتي الجامعية وهي كتابي "الازدواج في العنوان الصحفي" و"صحافة الأزمة"، ومن الصعب أن أقيم علاقتي بالطلاب لأن تعاملي معهم مرن وصارم معاً تبعاً للموقف، اعتبر تجربة التدريس الجامعي من أجمل التجارب في مسيرتي العملية لأن فيها احتكاكاً مباشراً مع هذا الجيل، تطلعاته، أحلامه، شغفه، وكل يوم أتعلم منهم، أضيف لهم ويضيفون لي، فهي علاقة تبادلية».

آراء نقدية

بدوره الشاعر "شوقي بغدادي" يرى أن الدكتورة "مانيا سويد" تمتلك عدة صفات معاً فهي كاتبة وإعلامية، لديها عائلة ناجحة وإنسانة مميزة جميلة ونشيطة، ويقول في فيديو حصري حصلت عليه "مدونة وطن": «اهتمت "سويد" بنشر دواويني بشكل مختلف عما سبق، حيث تميز غلاف ديواني الشعري "بعد فوات الأوان" بكتابة اسمي كمؤلف بالحجم الكبير، ثم ذكر عنوانه مع وضع صورة خاصة لي على مكتبي من منزلي وكأنها تلخص مسيرتي الأدبية».

من جهته يقول الأديب والناقد الدكتور "هيثم يحيى الخواجة": «صدر لي عن دار "سويد" ثلاثة إصدارات هي "دور المسرح في بناء شخصية الطفل"، كتاب "فاطمة المزروعي وتشظيات الإبداع الأدبي"، وآخر بعنوان "ذاكرة الشعر والمطر- تجربة ناصر البكر الزعابي أنموذجاً"، تمتلك الدار استراتيجيتها الخاصة في التعامل، وللكتاب قيمته وليس سلعة للتجارة، لمست من قبلهم المصداقية والابتعاد عن الهدف التجاري، على سبيل المثال عندما أسلمهم المخطوطة التي أعمل على نشرها تتم قراءتها من مديرة الدار الدكتورة "سويد" أو من لجنة القراءة المعتمدة لديها، وإن كان الكتاب بمستوى من الجودة يتم قبوله، وبعد الموافقة على نشره يتم إرسال عقد واضح للكاتب يبين حقوقه وواجباته مع اهتمامهم بجودة الطباعة وتسويق الكتاب في المعارض».

وعن "سويد" الأديبة يقول "الخواجة": «هي مبدعة في مجالات عديدة، قرأت رواياتها ومجموعاتها القصصية كاملةً، تحرص بأسلوبها القصصي على اللغة الواضحة، تهتم بلحظة التنوير والبعد النفسي للشخصيات، تدقق بوعي وحرفية، بحركة الحوادث، وطبيعة العلاقات بين شخصيات القصة سواءً أكانت رئيسية أو فرعية، وتبتعد عن اللغة المعجمية وتميل إلى التكثيف والمحافظة على بنية الجملة العربية».

وعن أسلوبها الروائي يضيف "الخواجة": «نلاحظ في رواياتها التطور اللافت في إبداع الرواية من اقتناص الأحداث التي تفسر العقد الاجتماعية والاقتصادية والعاطفية، وتمنح الصراع بين الخير والشر فسحة كبيرة عبر حركة الأحداث، وتلتصق بالمكان مصورة مفردات جميلة لها أبعادها سعياً إلى التكاملية الفنية في العمل الروائي».

نشير إلى أن د."مانيا سويد" سورية من مواليد "دمشق" عام 1969 مقيمة في "الإمارات العربية المتحدة" منذ عام 1998 حاصلة على بكالوريوس في الصحافة، وماجستير في الصحافة والإعلام عام 2014 من جامعة "كارولينا"، والدكتوراه في الصحافة والإعلام من الجامعة الأميركية "لندن"، وهي عضو جمعيات أدبية ومهنية وعضو هيئة تحكيم المطبوعات الثقافية والإعلامية، صاحبة دار "سويد" للنشر والطباعة والتوزيع في "دمشق" و"الإمارات"، لديها ثلاثة كتب قيد الطباعة.