تقع قلعة "الرحيّة" إلى الشمال الشرقي من مدينة "سلمية"، شمال القرية المعروفة باسمها، وهي واقعة على الطرف الشرقي لسلسلة الهضاب البازلتية التي تمتد من شمال "سلمية" حتى الشرق من بلدة "الحمرا" حيث تجثم القلعة، والتي تعود للعصر الهلنستي وتم العثور على لقى فخارية فيها، وهي دفاعية من حيث التحصين، لدرء عبث سكان البادية.

نظرة تاريخية

يستعرض الباحث "أمين قداحة" في حديثه للمدونة، تاريخ القلعة وظروف تشييدها وأهميتها ويقول: «يُرجع بعض المؤرخين والمهتمين بالآثار أن بناء هذه القلعة يعود إلى الفترة الهلنستية أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، إلا أنها كقلعة الرُّبُّا كانت موقعاً مأهولاً قبل ذلك بكثير، حيث تم العثور على كسر فخارية تعود لأكثر من 2500 سنة قبل الميلاد، ما يعطي للموقع صفة مستوطنة ذات تحصين دفاعي، وبهذا الصدد يقول "أحمد وصفي زكريا" (لعلها من الحصون التي شيدها الرومان على طرف البرية لمنع البادية من العبث)، ويمكننا مشاهدة بئر ذات فوهة واسعة مردومة والعمق الظاهر منها لا يقل عن خمسين متراً، وبقايا الجدران لازالت ظاهرة على سطح الأرض داخل القلعة، ما يجعل إمكانية تتبع الطرق والممرات وكذلك رسم المساكن والغرف أمراً ليس بالصعب، حيث أن هناك إلى الغرب من القلعة مرتفع بازلتي أقل ارتفاعاً من القلعة وقد تم حفر خندق تظهر آثاره ليفصل بين الهضبتين، أما إمكانية الوصول إلى القلعة هو أمر صعب وذلك بسبب وعورة المكان، وعدم وجود طريق قريب يصل إلى القلعة، لذلك لابد من السير لمسافة لابأس بها في أرض وعرة للوصول إليها».

تطل القلعة من الشرق على منحدر حاد، يزيد ارتفاعه على 75 متراً، بينما تتصل بالهضبة الغربية، وقد بُني السور الخارجي للقلعة بشكل بيضوي محوره الطولي (شمال شرق) إلى الجنوب الغربي بطول 340 متراً، ومحوره الصغير بطول 240 متراً، استخدمت في بنائها الحجارة البازلتية الكبيرة و المشذبة من وجه واحد، وهي تأخذ شكل شبه مستطيل، ولم يستخدم أي ملاط أو مونة رابطة في هذا البناء، ويمكن أن نلاحظ في بعض المناطق بعض الأجزاء المؤلفة من مدماكين يزيد عرضهما على 150 سنتمتراً، حيث يبدو أسلوب عمارتها قريباً من العمارة الرومانية المتأخرة

صرح معماري

المهندسة المعمارية "رانيا الخطيب" رئيسة شعبة آثار "سلمية" تعطي للقلعة بعداً لا يقل أهمية عن التاريخ، وهو هندسة العمارة التي استخدمت في البناء، وتقول: «تطل القلعة من الشرق على منحدر حاد، يزيد ارتفاعه على 75 متراً، بينما تتصل بالهضبة الغربية، وقد بُني السور الخارجي للقلعة بشكل بيضوي محوره الطولي (شمال شرق) إلى الجنوب الغربي بطول 340 متراً، ومحوره الصغير بطول 240 متراً، استخدمت في بنائها الحجارة البازلتية الكبيرة و المشذبة من وجه واحد، وهي تأخذ شكل شبه مستطيل، ولم يستخدم أي ملاط أو مونة رابطة في هذا البناء، ويمكن أن نلاحظ في بعض المناطق بعض الأجزاء المؤلفة من مدماكين يزيد عرضهما على 150 سنتمتراً، حيث يبدو أسلوب عمارتها قريباً من العمارة الرومانية المتأخرة».

منظر يظهر جانباً من الهضبة التي شيدت عليها القلعة

وتتابع "الخطيب": «يظهر باب القلعة في الجهة الغربية من السور الخارجي بميلة يسيرة نحو الجنوب، حيث يمكن مشاهدة ساكف الباب بطول يصل إلى 230 سنتيمتراً، وإلى الجنوب من الباب يبرز السور إلى الخارج بشكل قائم ليعطي الانطباع بوجود برج بالقرب من الباب، والذي يقابله من الداخل ممر عريض باتجاه (غرب، شرق)، يقاطعه ممر آخر باتجاه (جنوبي، شمالي)، ويتفرع عنه ممر آخر يمتد إلى الشرق، وتصطف أساسات الجدران المشكلة شبكة من المساكن على جانبي الممرات، وتتميز هذه المنازل بعدم التناظر، بانتظام عدد كبير من الغرف حول باحة داخلية لكل منزل، ومن الصعب معرفة الوظائف التي أوكلت لهذه الغرف، غير أن الانتظام حول الشوارع والممرات وكذلك انتظام الغرف حول باحة داخلية سماوية هو نظام معماري قديم معروف في منطقتنا».

أكثر قدماً

يشير شكل بناء القلعة، حسب قول "الخطيب"، إلى غياب عناصر العمارة الكلاسيكية من تناظر وتعميد وعناصر معمارية مميزة، ما يزيد الاعتقاد بأن هذا الموقع هو أكثر قدماً، ويمكننا أن نلاحظ في الزاوية الجنوبية الغربية من القلعة معالم بناء على هضبة أكثر ارتفاعاً من سوية القلعة، وتتصف غرفه بالضخامة وسماكة الجدران الزائدة وقربه من الباب، وهذا يجعله يمثل أحد أهم العناصر المعمارية الموجودة في هذه القلعة، وتعود ملكية القلعة وجوارها لدائرة أملاك الدولة.

الباحث التاريخي أمين قداحة

أجري اللقاء في 2 تشرين الثاني 2022.

المهندسة المعمارية رانيا الخطيب رئيسة شعبة آثار سلمية