درس الفنان التشكيلي "عبد القادر بطمان"، في دار المعلمين بعد الإعدادية للتخفيف عن أهله وليكون عوناً لهم، وتابع تحصيله العلمي ونال الثانوية العامة وأنهى اختصاص اللغة العربية 1976، ولم يعمل بها، درّس الفنون في الثانويات ومادة الرسم وتاريخ الفن في مركز "سهيل الأحدب"، وحاضر بمراكز ثقافية متعددة عن تاريخ الفن، وأهدى جلّ لوحاته لأصدقائه وباع جزء منها، وعلم الفن لأفراد عائلته وكون منهم ورشة، ونفذ في بيته جميع أنواع الفنون حتى اللوحات الفسيفسائية الأرضية ليصبح تحفة فنية مميزة.

البدايات

يقلب الفنان التشكيلي "عبد القادر بطمان" في حديثه للمدونة، صفحات من مسيرة ومحطات حياته الشخصية والفنية، ويقول: "ولدت في عائلة متوسطة الحال، درست في مدارس "حماة"، ثم دخلت دار المعلمين 1965 نظام الأربع سنوات بعد الإعدادية وتخرجت 1969، ودرست الثانوية أثناء أداء خدمة العلم، وتخرجت من الجامعة قسم اللغة العربية بـ"حلب" 1976، وأثناء دراستي أتقنت كتابة الخط العربي بأشكاله ( الثلث، الديواني، النسخ) ، أما الرقعة فقد جاء سهلاً متهادياً إضافة للكوفي الذي كنت أحبه قبل دراسة الخط وأنواعه، تأثرت بصديقي "نزار قطرميز" وبالخط الحر، وعشقته لطواعيته وتحرره وأدخلت حرفه في أعمالي الفنية المتأخرة والتي صارت طابعاً مميزاً لي، وعاشقاً لحرفنا وقدراته وطاقاته الفنية الرائعة والذي وصل إلى العالمية".

أنشطة فنية

منذ المرحلة الإعدادية في مدرسة حطين شارك "بطمان" بمعرض المدرسة، وكان يرسم لزملائه لوحات ويضعون أسماؤهم عليها. ويضيف: "انتقيت لنفسي واحدة منها فازت على مستوى المدينة، وفي دار المعلمين شجعني الأستاذ الراحل "كسام صباغ" و"سليمان عبود" لمزاولة الرسم، وانتسبت لمركز الفنون بـ"حماة"، وفي المركز تعرفت على مديره الفنان "سهيل الأحدب" الذي كان يشدني للكلاسيكية، وكذلك الفنان "نشأت الزعبي" الذي كان له الفضل في صقل موهبتي، وفي 1968 في معرض مراكز الفنون، حصلت على الجائزة الثالثة على مستوى الجمهورية.. وعندما كان لنا مرسم خاص في مدرسة "أبي تمام" في دار المعلمين، كانت هذه الفترة خصبة مملوء بالأعمال، في المدرسة ومركز الفنون والبيت، وأحياناً مخيمات ورحلات بأطراف المدينة، وهذا ما أكسبني خبرة في خلط الألوان وسهولة الحصول على ما أريد فكان لوني أقوى من خطي، حتى أن بعض اللوحات لم تستغرق معي ساعة فتكون مكتملة، كلوحة البرناوي الكلاسيكية ( باب النهر)، وبعدها بدأت التحرر من دقة الخط ونعومته، وركزت على اللون وحركة الخط وانفعالاته ودخلت الواقعية الجديدة، وأهم ألواني الأخضر الداكن والأزرق، وأول لوحة بعتها كان ثمنها 25 ليرة سورية، وتعادل أجرة أسبوعية للموظف، وقد بيعت لمدرّسة الفنون "هناء جمال الدين"، وقد نفذتها بضربات السكين السميكة، وكانت من وحي باب البلد وبيوته، وهناك أعمال بيعت عن طريق وزارة الثقافة".

أعمال للفنان التشكيلي عبد القادر بطمان كلاسيكيه

وخارجية

من أعمال واقعيه للفنان بطمان

يتابع" بطمان" حديثه بالقول: "سافرت إلى "السعودية" عام 1981، وعدت 1993 بعد أن قدمت وزوجتي استقالتينا من التعليم، فقد درّست مادة الفنون بدل اللغة العربية لمدة أربع سنوات، ورفضت تدريسها لاحقاً لأن الرسام هناك تناط به واجبات جمة، وقدمت لي عروض سخية هناك، وشاركت هناك بمعرض بثلاث لوحات، وأذكر أن مفتش التربية الفنية المصري أعجب بإحدى اللوحات، وهي لحصن قديم (حصن أل الضرمة)، وسلمته أعمالي بشرط إعادتها، ولكن إحداها بقيت أسيرة بغرفة مدير الهيئة الفنية، وقد رأيتها معلقة في مكتبه، وعدت باللوحتين الباقيتين وهما عندي أغلى ما أملك".

العودة للوطن

يقول" بطمان" : "بعد رجوعي الى بلدي درّست مادة الفنون في ثانوية "أبي الفداء" والفنون النسوية لأربع سنوات منتدباً، ودرست مادة الرسم وتاريخ الفن في مركز "سهيل الأحدب"، وحاضرت بمراكز ثقافية لبعض المدن عن تاريخ فن الباروك والروكوكو وغيره، في" إدلب" و"مصياف" و"حماة" وكان هذا بفضل أستاذي الراحل "محمد باسم درويش"، وافتحت معرضاً للشرقيات بـ"حماة" (Oriental batman)، وقد أدخل في عدة كتب للسياحة وبعدة لغات وبعضهم كتب مقالاً عنه بعد عودته لبلده، ولكن بعد الأزمة التي مرت وانقطاع السياح قمت بتأجير المعرض لأعود لنشاطي الفني".

الفنانة التشكيلية سهام منصور

وحول عمل "اللجنة الجامعة" يقول: " تضم 35 فناناً وهاوياً وكانت تجمعاً فنياً مميزاً، وكانت (لجنة الحركة الفنية ) سابقة لها، فكان تجمعنا الفني على منوالها وكنت أمين سر لها وما زلت محاضراً فيها وأنشطتها ومعارضها لدي، سلمني إياها الراحل "محمد درويش" وهي بحاجة لتدوين في كتيب صغير، بالمحصلة صارت اللجنة قيمة وشعلة هامة يغطي ضوؤها مجمل مراكز الفنون السورية ووزارة الثقافة، لقد كانت مستمرة من بلد لبلد، وكنت أشارك في كل معرض بلوحتين أو ثلاث وحصيلتها بيع وافر للمشاركين حتى غير المشارك لأن نظام اللجنة يخصص 30% من المبيعات توزع على مجموع الأعضاء بالتساوي، إضافة لخدمات أخرى تقدمها اللجنة للفنانين".

ذروة العطاء

في عام 1978، شارك الفنان حسب قوله، في معرض الخريف لفناني القطر وبيعت لوحته "قرية خطاب" للوزارة، ويظهر فيها الانفعال والألوان المريحة، وقد بيعت وقتها بـ500 ليرة سورية، كما رسم لوحة جدارية في ثانوية "أبي الفداء" على كامل السبورة في غرفة الإدارة وهي باب النهر، وتبلغ 3 أمتار وبعرض 120 سنتيمتر.

ويضيف: "ساهمت المخيمات الفنية والتي مدتها أسبوعاً بإنتاج فنانين كبير، كانت كلفة المشارك بالرحلة الفنية لا تتعدى ليرة واحدة أو أكثر بقليل، ومحطات المخيمات كانت (البرناوي ، خطاب، تقسيس، دير ماما، عين حلاقيم، مشتى الحلو، شاطئ البسيط، أريحا)، وكانت السيارة مجاناً ذهاباً وإياباً، للمركز الثقافي وكذلك الخيمة، وآخر معرض شاركت به كان (تحية للفنان الراحل "علي الصابوني")، منذ بضع سنوات أقيم في المركز الثقافي بـ"حماة" وكان يضم بعض فناني القطر، وفي البيت أقمنا أعمالاً تطبيقية من لوحات فسيفسائية، وأرضيات بعض الغرف وخزف وقيشاني، وغطينا بها الأعمدة، ورجعت للطين لأشكله يدوياً ببعض القوالب، وقد دربت أولادي جميعاً فكنا نشكل ورشة متكاملة، وعملت على تطويع الحرف العربي وتجريده وتشكيل عمل فني من أحرفه وكلماته، بحيث يطغى الحرف والكلمة على العناصر الأخرى".

شهادات

الفنانة التشكيلية "سهام منصور" تقول: " عرفته كطالب في مركز الفنون التشكيلية في نهاية ستينيات القرن الماضي عندما كنا طلاباً، وذلك قبل معرفته شخصياً، فقد أعجبت بلوحاته مذ كنت في الصف الأول الإعدادي، والتقينا بمعرض جماعي، وتعرفت عليه شخصياُ، كانت لوحاته بالمشهد الطبيعي والطبيعة الصامتة بصياغة واقعية، كانت ألوانه تميل إلى اللون الترابي ومشتقاته أو بتمازج بين الأخضر والرمادي بتكوينات لافتة للانتباه والتعجب، وتطورت أعماله وموضوعاته من الصامتة ومشاهد من "حماة" إلى موضوعات ريف "حماة" و"حمص"، وأقام المخيمات مع زملائه بإشراف الأستاذ "نشأت الزعبي".. ثم التقينا في مركز فنون "سهيل الأحدب" كمدرّسين وأنشأ "جمعية أصدقاء مركز سهيل الأحدب"، وتعاونا سوية مع نخبة من المثقفين في محافظة "حماة" خصوصاً، وفي "سورية" عامة، بتنظيم المحاضرات والمعارض والندوات، وكان الأستاذ "بطمان " يعمل بصمت وهدوء وينجز العمل الفني بطابعه الخاص والمتميز معتمداً على إيقاعات لونية خاصة للمشهد الطبيعي مبرزاً عناصر التراث في الحارات القديمة، ومُظهراً جماليات الناعورة ضمن البساتين بعفوية تامة، وكنا نلتقي أسبوعياً مع الطلبة والمثقفين من خارج المركز بمحاضرات وندوات ونشاطات لنعمل على بناء شخصية الموهوبين وتثقيفهم بمجال الخط والكروكيت والإسكيتش".

وتضيف الفنانة التشكيلية "منصور": "في هذه الفترة أصبحت لوحته في مجملها تتكئ على التراث والأنثروبولوجيا والأدب بأسلوبه البصري التشكيلي، وانشغل باتجاهات فكرية وثقافية وتراثية ونقدية خاصة، أبعدته عن غزارة العمل وأبعدته عن الفن والفنانين في الظروف الحالية، وأشغلته بالبحث والتأليف وكتابة المقالات وبعض الكتب كما انشغل بالشرقيات وإبداعاته في مجال الفسيفساء وكتاباته حول الفن".

ويقول الفنان التشكيلي "نشأت الزعبي": "

عرفت الفنان "عبد القادر" في الفترة التي كنت فيها مدرّساً في مركز الفنون التشكيلية في "حماة" بين عامي (1965، 1970) والذي كان مديره آنذاك الأستاذ الذي سمي المركز باسمه "سهيل الأحدب"، والذي كان يشجع على رعاية الموهوبين خارج جدران المركز ، الأمر الذي أتاح لكل موهوب أن يكتشف ذاته وهو في مواجهة الطبيعة، وما الأعمال التي نحن بصددها إلا ثمرة من ثمرات ذاك التوجه" .

أجري اللقاء في 5 تشرين الثاني 2022

وبالعودة للمبادرة والاستفسار عن سبب عدم دعمها، يقول عضو المكتب التنفيذي المختص بالمحافظة الدكتور "هاني خضور" في تصريح لموقع " مدونة وطن"، إن المحافظة تدعم كل مبادرة وجمعية مرخصة لدى مديرية الشؤون الإجتماعية والعمل، في حين أن المعالج الفيزيائي "وطفة" يعمل منفرداً وفي مركزه الخاص وبجهود فردية، ولم يرخص عمله في مديرية الشؤون اصولاً.