شكّلت الطرق التي أقيمت في العديد من المدن والقرى في جبل العرب في العصر الروماني والنبطي، شبكة مواصلات ربطت هذه المدن والقرى مع مدينة "دمشق" ومع العديد مدن وقرى المنطقة الجنوبية، والتي ما زالت آثارها باقية حتى اليوم.

مقال مهم:

الملخص: شكّلت الطرق التي أقيمت في العديد من المدن والقرى في جبل العرب في العصر الروماني والنبطي، شبكة مواصلات ربطت هذه المدن والقرى مع مدينة "دمشق" ومع العديد مدن وقرى المنطقة الجنوبية، والتي ما زالت آثارها باقية حتى اليوم.

كان الطريق الذي يسمى طريق "وادي اللواء" ينطلق من بوابة القديس بولس جنوب "دمشق" ليصل إلى قرية "براق"، ومن ثم يساير مجرى وادي اللواء اعتباراً من قرية "أم الزيتون" ويتوغل داخل الحمم البازلتية متجهاً نحو تل "دبة بريكة"، فقرية "سليم" ومن ثم إلى "السويداء"، وقد كان مبلطاً، وبالنسبة لطريق اللجاة فقد كان يخترقها بصعوبة بسبب طبيعة المنطقة الوعرة، وكانت توجد على مساره أبراج مراقبة مترابطة فيما بينها لإيصال الإشارات الضوئية وبأبعاد نظامية ووفق المقاييس الألفية، وكان يمر بشرق بلدة "عريقة" ومن ثم يجتاز اللجاة وصولاً للقسم الغربي من مدينة "السويداء"

موغلة في القدم

الباحث الأثري الدكتور "نشأت كيوان" رئيس دائرة آثار "السويداء" الأسبق، يكشف في حديثه لـ"مدونة وطن" عن وجود طرق قديمة سابقة للعصر الروماني منذ الألفين الثانية والأولى قبل الميلاد، حيث كانت تتميز بأنها ترابية وغير مرصوفة بالحجارة، على عكس شبكة الطرق الرومانية التي كانت تتألف من مسارات منظمة ومرصوفة بحجارة منحوتة تسهيلاً للحركة، وقد ازداد الاهتمام بهذه الطرق في فترة حكم الإمبراطور "تراجانوس" ومن جاء بعده، وخصوصاً بعد تأسيس الولاية العربية الرومانية عام 106 ميلادي وعاصمتها "بصرى"، والتي كانت عقدة مواصلات مهمة، وكانت ترتبط بها المناطق المجاورة ومنها "جبل العرب" الذي كان يربطه بها طريق يمتد من "السويداء" الى "بصرى"، والذي اختفى قسم كبير منه، حيث كان يسير من غرب "السويداء" مسايراً على ما يبدو، طريق اللجاة ويجتاز وادي "الزيدي" عند الجسر، وقد أشار الأب "بوديبار" في الخريطة التي وضعها، إلى طريق يربط "دمشق" بقرية "شقا" مروراً ببئر "كساب" الموجود شمال الصفا وكان بالإمكان رؤيته بالطائرة.

الباحث الدكتور نشأت كيوان

شرايين حياة

الطرق التي ما زالت

ويتابع الباحث "كيوان" حديثه بالقول: «كان الطريق الذي يسمى طريق "وادي اللواء" ينطلق من بوابة القديس بولس جنوب "دمشق" ليصل إلى قرية "براق"، ومن ثم يساير مجرى وادي اللواء اعتباراً من قرية "أم الزيتون" ويتوغل داخل الحمم البازلتية متجهاً نحو تل "دبة بريكة"، فقرية "سليم" ومن ثم إلى "السويداء"، وقد كان مبلطاً، وبالنسبة لطريق اللجاة فقد كان يخترقها بصعوبة بسبب طبيعة المنطقة الوعرة، وكانت توجد على مساره أبراج مراقبة مترابطة فيما بينها لإيصال الإشارات الضوئية وبأبعاد نظامية ووفق المقاييس الألفية، وكان يمر بشرق بلدة "عريقة" ومن ثم يجتاز اللجاة وصولاً للقسم الغربي من مدينة "السويداء"».

ويشير الباحث إلى أنه يمكن تتبع طريق يصل "بصرى" بـ"السويداء" عبر قريتي "المجيمر وعرى"، أما إذا اتجهنا شرقاً فيمكن تتبع طريق بوساطة الصور الجوية يجتاز الجبل بين "السويداء" وقرية "سالة"، ونلاحظ وجود أجزاء منه شرقي تل العينة "الجينة"، ويلاحظ وجود برجين، وكان هذا الطريق يتصالب عند تل الغينة مع طريق كان يربط "بصرى" بقرية "المشنف" واعتباراً من "سالة" كان الطريق يمر جنوب قرية "الرشيدة"، ومنه ينزل باتجاه البادية الشرقية باتجاه "تدمر" مروراً بموقع "النمارة" في وادي الشام.

من طرق شهبا

ويبين "كيوان" أن الشيء المميز في طرق المواصلات في جبل العرب كثافتها في العصر الروماني، كدليل على انتعاش النشاط الاجتماعي والاقتصادي، وخصوصاً في الكتلة الجبلية من "بصرى" إلى "أم الزيتون" أو إلى قرى "ملح وامتان" في الشرق، أو الطرق المتقاطعة القادمة من "بصرى" إلى موقع "سيع"، وتتجه نحو قرى "طربا وأم ضبيب وشهبا"، وتتفرع إلى "شقا" وقد عثر على ترقيم ألفي في قرية "الشبكي"، أما الطريق الذاهب من "بصرى" إلى "المشنف" فكان يجتاز قلب الجبل مروراً ببلدة "الكفر وتل قليب" حيث كانت توجد على قمته نقطة مراقبة.

تجاريّة وعسكريّة

بدوره يوضح الباحث الأثري "خلدون الشمعة" أن مدينة "شهبا" كانت مرتبطة بطرق المنطقة بوساطة ثلاثة طرق رئيسة كانت تنطلق من بواباتها الثلاث الضخمة في الشمال والشرق والجنوب، وفي جنوب جبل العرب كان هناك طريق يصل مدينة "صلخد" بمدينة "بصرى"، وآخر يصل بقرية "المشقوق" ويستمر حتى "أم القطين" وآخر يتجه نحو قرية "امتان" ومن ثم "دير الشاعر فالعانات" ويخرج باتجاه الأراضي الأردنية، أما طريق "امتان" فكان يتجه نحو قرى "خازمة ومجدل الشور وملح وشعف" حتى "سعنا"، كما كانت القرى ترتبط ببعضها بشبكة طرق فرعية تشبه إلى حد كبير وضعها الحالي.

طرق تجاريّة

ويؤكد "الشمعة" أن وظائف هذه الطرق تنوعت بين طرق كانت تستخدم لغايات عسكرية، حيث ساهمت في تنقل الفرق والفيالق العسكرية، لكن ليس بأريحية نظراً لطبيعة الأراضي الوعرة كما أسلفنا، لكن لا يوجد دليل قاطع على استخدام العربات للتنقل بين المناطق المتباعدة، كما كانت الطرق المستخدمة لأغراض تجارية ونقل البضائع، تتم عن طريق تحميل الجمال على الأرجح وغيرها من حيوانات الجر، لكن مع وجود حواضر كثيرة في جبل العرب لا بد من الاستنتاج بوجود شبكة طرق مواصلات جيدة ورئيسية وفرعية تربط بين حواضر جبل العرب من ناحية، وبمحيطه الجغرافي من ناحية أخرى، كما كانت توضع مقاييس الأميال أو المسافات على الطرق الرئيسة كدلالات طرقية أو شواخص.

.