وجد التشكيلي الراحل "عبد اللطيف الصمودي" خصوصيته في انفرادات فنية مفعمة باللمسة اللونية الهادئة واللطيفة، فجسدت لوحاته فسحة تعبيرية تروي حكايات عدة بلمسات متداخلة من الزخرفة الهندسية الشرقية، حيث اعتبر شخصية رئيسية بحركة التجريد العربي ومصمماً وناشطاً في الفنون والثقافة، لكونه أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية "الإمارات للفنون التشكيلية" ومجموعة "البانوش"، وغيرها من الجمعيات والمجموعات الفنية في دولة "الإمارات العربية المتحدة".

في سطور

ولد الفنان "عبد اللطيف الصمودي" عام 1948 في مدينة "حماة" وتخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق" عام 1975، وبعد تخرجه انتقل إلى دولة "الإمارات العربية المتحدة"، وأقام فيها حيث عمل كفنان، انضم إلى دائرة الثقافة والإعلام في حكومة "الشارقة"، وعُين في متحف "الشارقة" للفنون منذ لحظة إنشائه، حيث بقي فيه حتى وفاته في عام 2005.

يعد الفنان الراحل من الجيل التجريدي الذي ساهم منذ منتصف السبعينيات بتكريس موجة الحداثة التشكيلية، حيث ساهم بدور إيجابي في إنجاز العديد من المعارض والتظاهرات الفنية، ووجد عبر الممارسة والاطلاع نقاط الالتقاء ما بين البنى الزخرفية السجادية وتفتح الرؤية التجريدية الحديثة، وكانت هذه الإشارات تطل وبشكل دائم في لوحاته لبلورة سلوكه الفني المغاير، عبر اللجوء إلى اللمسة العفوية، والتي كانت تستعيد بوضوح علاقة الفن بالتراث الزخرفي، الذي يشكل أحد المظاهر الرئيسية للتعبيرية المشرقية، حيث أقام أكثر من 21 معرضاً فردياً في عواصم ومدن عربية وعالمية، إلى جانب مشاركاته في العديد من المعارض الجماعية الداخلية والخارجية، ومساهماته في تنظيم العديد من البيناليات الدولية التي أقيمت في "الشارقة"، وعمله بدائرة الثقافة والإعلام في دولة "الإمارات"، وهذا يعني أن أعماله قد عبّرت عن تطلعات الحداثة في الجمع ما بين العناصر التشكيلية القديمة والمعاصرة

نجح "الصمودي" في حل التحديات التي تواجه العديد من الفنانين العرب من خلال تجسيد جمال التراث الإسلامي والشرقي من خلال ثراء مفرداته البصرية، وتعدد إيقاعات الألوان، والمكونات الجمالية، والزخم الموزع في أعماله، وصبغ ناظريه بالروح والعين والخيال، كما عرضت أعماله في وزارة الثقافة في "سورية"، والمجمع الثقافي في "أبوظبي"، وإدارة المخطوطات الإسلامية في متحف "اللوفر" في "باريس"، ومكتب الأمم المتحدة في "فيينا"، ومتحف "الشارقة" للفنون.

من أعماله الفنية

الحداثة والعفويّة

من لوحاته

يتحدث الناقد التشكيلي "أديب مخزوم" عن تجربة التشكيلي الراحل "عبد اللطيف الصمودي" إذ يقول: «يعد الفنان الراحل من الجيل التجريدي الذي ساهم منذ منتصف السبعينيات بتكريس موجة الحداثة التشكيلية، حيث ساهم بدور إيجابي في إنجاز العديد من المعارض والتظاهرات الفنية، ووجد عبر الممارسة والاطلاع نقاط الالتقاء ما بين البنى الزخرفية السجادية وتفتح الرؤية التجريدية الحديثة، وكانت هذه الإشارات تطل وبشكل دائم في لوحاته لبلورة سلوكه الفني المغاير، عبر اللجوء إلى اللمسة العفوية، والتي كانت تستعيد بوضوح علاقة الفن بالتراث الزخرفي، الذي يشكل أحد المظاهر الرئيسية للتعبيرية المشرقية، حيث أقام أكثر من 21 معرضاً فردياً في عواصم ومدن عربية وعالمية، إلى جانب مشاركاته في العديد من المعارض الجماعية الداخلية والخارجية، ومساهماته في تنظيم العديد من البيناليات الدولية التي أقيمت في "الشارقة"، وعمله بدائرة الثقافة والإعلام في دولة "الإمارات"، وهذا يعني أن أعماله قد عبّرت عن تطلعات الحداثة في الجمع ما بين العناصر التشكيلية القديمة والمعاصرة».

ايهامات سجادية

ويستعرض "مخزوم" بعضاً من أعمال الفنان الراحل ويضيف: «منحت أعماله العين ايهامات سجادية، أي جعلت المشاهد الذي يرى الأعمال من مسافة بعيدة يعتقد أنه في معرض للسجاد، وكان معرضه الفردي الأخير في "دمشق" بصالة المركز الثقافي الفرنسي، حيث تضمن مجموعة من اللوحات الجدارية التي اعتبرت بمثابة استعادة لتجربته مع اللوحة الشرقية القريبة من أجواء البسط والسجاد، فقد شكل معرضه الأخير عودة لجمالية اللوحة الجدارية التي يمكن تنفيذها على الأقمشة الدافئة (السجاديات)، حيث عرض لوحات كبيرة جعلها متدلية في فضاء الصالة من دون إطار، وبالتالي جعلها تتمتع بحيوية التنقل والتداول من مكان لآخر بطريقة لفها كالسجاد تماماً، وإذا كانت بعض أعمال "الصمودي" قد ارتكزت على الزخرفة الهندسية الشرقية، فهذا لا يعني أنها وقعت في إطار الصياغة الصارمة التي تحيط برؤية تفاصيل سجادة أو زخرفة قديمة، فقد كان يمتلك حساسية بصرية وروحية عالية تجعله قادراً على إضفاء المزيد من الإيقاعات اللونية العفوية، التي تتجاوز العناصر التزيينية وتمنحه دلالات الوصول إلى اللغة المتجددة والحياة، والتي برزت كإيقاعات بصرية غنائية، حيث كان يعيد صياغة الزخرفة السجادية بإحساس عفوي يذيب التكوينات الهندسية الباردة، ويكشف عن روح الحركة اللونية الحية الحاملة فسحة تعبيرية ذاتية، تروي حكاية الرغبات والأحاسيس بلمسات متتابعة ومتجاورة ومتداخلة تعطي الأهمية الأولى للحن اللوني البصري، المتغلغل في فراغ السطح التصويري أو في مساحة اللوحة».

إنجازات وجوائز

يعد الراحل عضواً في نقابة الفنون الجميلة في "سورية"، وفي اتحاد الفنانين التشكيليين العرب، كما أنه عضو مؤسس لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية مطلع الثمانينيات، ومجموعة "بانوش" التي تتكون من عشرة فنانين، ومؤسس مجموعة (Negative / Positive Group Graphic)، ومؤسس "فور بلس جروب"، كما إنه العضو المؤسس للنشرة الخاصة للفنون التشكيلية "التشكيل" الصادرة عن جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومصمم جناح الشارقة في معرض السياحة الدولي بألمانيا 1985، وهو أحد منظمي ورشة الطفل التي تقام سنوياً بمناسبة معرض الشارقة للكتاب، وعضو اللجنة المنظمة لبينالي الشارقة الدولي للفنون، ولجنة تحكيم جائزة الإبداع الفني "سلطان بن علي العويس" بندوة الثقافة والمعرفة بدبي، وهو عضو لجنة تحكيم المعرض العام للجمعية العمانية للفنون التشكيلية، ومؤسس مجموعة التمارين الذهنية .

و"الصمودي" حائز الميدالية البرونزية لمعرض "الربيع" في "أبو ظبي" 1989، وحصل على الميدالية البرونزية بمعرض" أبو ظبي والإمارات العربية المتحدة" 1991، والجائزة الأولى للفنانين المحترفين الإماراتيين، وتم تكريمه من جمعية الإمارات للفنون التشكيلية على مستوى الدولة، حيث حصل على الجائزة الأولى "بينالي" 1995، الجائزة الأولى "بينالي" الشارقة الدولي 1975، جائزة لجنة الاختيار" بينالي" القاهرة الدولي للفنون التشكيلية بالقاهرة 1995، وتم تكريمه من وزارة الثقافة (قاعة مكتبة الأسد بدمشق).

أجري اللقاء بتاريخ 14 تشرين الثاني 2022