تتميز مدينة "بانياس" بغناها الجغرافي والتاريخي العريق، وهذا أحد الأسباب لاختيارها كمكان لإقامة سوق للمهن اليدوية، يضم /40/ محلاً تم توزيعها على /40/ حرفياً وحرفية، ما يعني توفير عشرات فرص العمل التي شملت مختلف الشرائح من ضمنها شريحة حرفيي ذوي الهمم.

خطوات تحضيرية

شهد افتتاح السوق مراحل عدة، تحدث عنها عضو مجلس اتحاد الحرفيين أ."منذر رمضان" لمدوّنة وطن: «عملنا في البداية على جمع معلومات عن عدد الحرفيين، ونوع المهن والحرف التي تحتويها المدينة، ثم كان لنا اجتماع مع رئيس مجلس مدينة "بانياس"، الذي كان متعاوناً جداً، حيث تمّ الاتفاق على اختيار المكان المناسب لإقامة السوق، لنباشر بعدئذٍ بالتحضيرات بعد عقد اتفاق نص على قيام الوحدة الإدارية بتقديم المكان، ونحن بدورنا قدمنا المكان للحرفيين.. لم تواجه تحضيراتنا أي صعوبات تذكر، حتى أننا أصبحنا نعدُّ بعض المشكلات التي قد تواجه سير العمل أمراً روتينياً يحتاج بعضاً من الوقت، لكن بالعموم التحضيرات لافتتاح السوق لم تأخذ الكثير من الوقت لإتمامها».

لقد اكتسبت مكاناً جديداً للترويج لمنتجاتي، علماً أني أعتمد أيضاً على التسويق الإلكتروني، لكن رؤية الزبون للمشغولات بعينه وتحققه من جودتها يدعم خيار الشراء ويجعله يستمر

أهداف متعددة

يضيف "رمضان": «التركيز على افتتاح أسواق للمهن اليدوية له أكثر من هدف، والحقيقة نتمنى على الوحدات الإدارية ألّا تعدّ الأسواق هذه هدفاً استثمارياً لعدة أسباب، أبرزها أن الحرف التي تضمها هي من الحرف متناهية الصغر، وفرض رسوم استثمار على الحرفيين سيؤثر سلباً في وضعهم الاقتصادي، لذلك ندعو جميع الوحدات الإدارية إلى الالتزام بدورها التنموي والاجتماعي في هذا الجانب».

جانب من السوق

ويبين "رمضان" بأن الحرب الظالمة على "سورية" استهدفت تاريخها وحضارتها بهدف محوها من ذاكرة الأجيال القادمة، لذلك يحاول اتحاد الحرفيين احتضان الحرف من خلال إقامة المعارض والفعاليات المتنوعة، واستقطاب أكبر عدد من الحرفيين المتمرسين في هذا المجال، كذلك الشباب ممن لديهم شغف الاطلاع على تاريخ بلدهم وحضارته وتراثه، وإقامة الدورات التدريبية لمن يرغب بتعلم هذه الحرف، وكذلك تم العمل على الترويج لهذه الحرف الأمر الذي أعطى حافزاً للحرفيين للاستمرار بعملهم، هذه الاستمرارية كانت تحتاج إلى وجود أسواق لعرض المنتجات بهدف بيعها ما يشكل مصدر دخل مساعد للحرفيين وعائلاتهم.

وحضور لذوي الهمم

يضم سوق "بانياس" للحرف اليدوية -يعدُّ معرضاً دائماً- العديد من الحرف والصناعات منها السجاد اليدوي الذي يضاهي بجودته السجاد العجمي، كذلك جميع أنواع مؤن المنزل، وصناعة البسط وهي صناعة تراثية تقوم بها إحدى الحرفيات بوساطة نول يدوي قديم وأمام الزبون مباشرة، أيضاً يضم السوق محالاً لصناعة الخيزران والتريكو والتطريز والشرقيات، ومشغولات من القصب، ومنتجات طبيعية منها العسل والكريمات والزيوت والصابون ومختلف مواد التنظيف وحفر الخشب، ومختلف أدوات الزينة، والنقر على الرحى، وجرن الكبة والقمح، وصناعة الفخار المهددة بالاندثار، أيضاً الرسم والطباعة على الملابس، ومشغولات (الجبصين)، وإعادة التدوير، والرسم والنحت، وأعمالاً فنية بالقهوة، وصناعة الخزف.

الفردوس نعمان وميادة ديب

ويوضح "رمضان" أن السوق يضم مختلف الشرائح والفئات والمهن، وكان لذوي الهمم حضورهم اللافت بأشغال مميزة، ومنهم الحرفية "نسرين حيدر" صاحبة الروح الإيجابية التي تضفي جواً حماسياً في السوق بعطائها واندفاعها وتصميمها، وقد تم التعاون مع مدربة خاصة بذوي الهمم وهي المدربة "فتاة عباس" التي تبذل جهوداً مميزة في هذا المجال.

حرفيات

ترى الحرفية "الفردوس نعمان" أن تأمين مكان يجمع الحرفيين العاملين في مجال الفن اليدوي يضفي مزيداً من الحركة الاجتماعية والثقافية، فالحرفيون هم من أماكن متنوعة من المدينة وريفها ومن القاطنين من محافظات أخرى، وهم من مختلف الاختصاصات سواء العلمية أو الحرفية، وهذا يعني تبادلاً للخبرات الثقافية والفكرية والمجتمعية والتجارية، وتبين أن افتتاح السوق شكل متنفساً خاصة لمن لا يمتلكون وظيفة، وفرصة حقيقية للكسب المادي، وتقول: «أصر معظم الحرفيين على تجهيز محالهم بأنفسهم ومنهم أنا، حيث قمت بطلاء قسمي بمفردي، وتجهيز وسائل العرض بأدوات بسيطة وروح متجانسة، وهذا برأيي يعطي ارتباطاً بالمكان ويخلق جواً من المحبة».

وعن الجانب الترويجي تقول: «لقد اكتسبت مكاناً جديداً للترويج لمنتجاتي، علماً أني أعتمد أيضاً على التسويق الإلكتروني، لكن رؤية الزبون للمشغولات بعينه وتحققه من جودتها يدعم خيار الشراء ويجعله يستمر».

بدورها الحرفية وأحد أعضاء مجلس إدارة السوق "ميادة ديب"، بيّنت أن السوق وفر لها مكاناً مميزاً لعرض مشغولاتها، ومعرضاً دائماً وفّر عليها عناء التنقل بين المعارض وأجور المواصلات وصعوبة تأمينها، كما أن مجانية المكان وفّرت عليها الكثير من التكلفة المادية في حال قررت استئجار مكان لعرض مشغولاتها وبيعها، ورأت أن السوق شكّل مركز جذب للزوّار كونه يقع في وسط المدينة.

وتؤكد "ديب" أنه سيتم العمل على إقامة الدورات الحرفية بهدف تعليم الجيل الجديد حرف الأجداد القدماء، مع التركيز على افتتاح دورات خاصة بتعليم الأطفال الحرف اليدوية ضمن السوق.

يذكر أن اللقاءات أجريت بتاريخ 7 تشرين الأول 2022.