بين البحث عن الصورة والدلالة التعبيرية تميزت الشاعرة "ماجدة نجيب أبو شاهين"، في أجناس شعرية متنوعة بين القصائد العمودية والتفعيلة والنثرية، وهي ترتبط برؤية نقدية، بحيث تعمل على المزج بين المضمر الدلالي والمتخيل في لحظة الإبهام الشعري والإدهاش الذاتي.

أدب الشباب

وبين رؤيتها الأدبية وأدب الشباب توضح الشاعرة "ماجدة أبو شاهين" عضو اتحاد الكتاب العرب لموقع eSyria، أنه يمكن أن نطلق مصطلح أدب الشباب، على الأدب الذي يكتبه من هم أقل عمراً من ثلاثين عاماً، وإن كان السن لا يحدد المستوى الجمالي والإبداعي للنص، فالموهبة القوية تبرز بقوة وتلفت الانتباه، لكن المصطلح يمكن أن يشير إلى عمر التجربة الإبداعية ونضجها تعبيراً وأداء وفنّاً.

ومن سمات الأدب حسب قول "أبو شاهين": "البحث عن لغة تعبير مناسبة للمرحلة العمرية والسياسية والثقافية، وغالباً ما تمتاز هذه اللغة بالشفافية واقترابها من لغة التعبير العاطفي سواء كان النص ذاتياً أم عامّاً، أما الموضوعات في الغالب تتمحور حول الذات وقضاياها وأحلامها وهمومها ويتم البحث عن الانسجام الذاتي مع الحياة هرباً من قيود الواقع التي تحد من انطلاق الروح الشبابية المتدفقة".

الناقد الدكتور فندي الدعبل

وترى الشاعرة "أبو شاهين" أن الشباب اليوم يُلحظ لديهم غياب القضايا الوطنية والسياسية العامة في كتاباتهم قياساً بكتابات الجيل السابق من الكتّاب، مع وجود بعض الاستثناءات طبعاً، وما يطبع أدب الشباب المعاصر التجريب في النصوص، لغةً وانتماءً إلى الأجناس الأدبية المختلفة، فالنص عندهم يجمع بين لغة الشعر ورؤاه، والقصة وأحداثها والمسرح وحواره والخاطرة بإيجازها ووهج فكرتها.

التعبير والرمز

أما على صعيد لغة التعبير، تقف الشاعرة على نماذج مكررة من مستويات اللغة الضعيفة، فأحياناً يطغى على كتابات الشباب التركيز على المضمون أكثر من اهتمامهم باللغة نحواً وإملاءً، وهذا ينم عن جهل بوظيفة اللغة الجمالية وعدم التمكن من أساليب اللغة وبيانها الساحر.

الشاعرة ماجدة أبو شاهين

وتضيف: "نجد كثيراً من النصوص التي تُعنى بالرمز وتمتلك لغة رمزية عالية، قد تصل إلى درجة الاستغلاق على الفهم أحياناً، واقتداءً بكبار شعراء الحداثة مثل "محمود درويش والسياب والشابي" وغيرهم، دون أن يوظفوا هذه الرموز في سياق فكري مناسب، وبعيداً عن رابط يشير من بعيد إلى المعنى المراد "مفتاح الرمز"، وأحياناً نجد في كتابات الشباب هروباً من التحديد إلى الرمز الغامض والذاتية المنغلقة على نفسها، لأن الصورة غير مكتملة الأبعاد عند أصحابها لحظةَ الكتابة ولا في رؤاهم الحياتية بشكل عام، الأمر الذي يشي بنوع من الضياع، ضياع الأهداف وانكسار الأحلام".

وتتابع الشاعرة بالقول: "نجد عند بعض الكتاب والشعراء الشباب ميلاً إلى التعبير باللغة المحكية، ظناً من الكاتب الشاب أن هذه اللغة التي هي دون اللغة الوسطى، أقدر على التعبير وأكثر انتشاراً بين القراء، وما يلفت النظر عند بعض الكتاب الشباب الجرأة في الطرح المباشر والتمرد من خلال تناول قضايا الجنس في عدد غير قليل من كتاباتهم التي تروّج لها بعض دور النشر غير المسؤولة والتي تهدف إلى الربح أولاً.

من أعمالها الشعرية

الدعم وتجربة الابداع

وتؤكد "أبو شاهين" أنه في أدب الشباب ما يستحق الانتباه والدعم والتوجيه بالخبرة وفنّية الأداء، ويوجد في وسائل الاتصال الحديثة ما يشجع على النشر والكتابة الموجزة، حتى أن بعضهم يكتب ما هو أقرب إلى "الفضفضة" والتعبير الحر عن المشاعر، وما يكتب على وسائل التواصل الاجتماعي يمتاز بسهولة النشر وعدم مراقبته في ظل غياب النقد الهادف، خلافاً لما كان في أيام النشر الورقي، إذ كان النص يمر على المحرر والمدقق ويخضع للتدقيق وإعادة تشذيب الأسلوب، ولعل التعليقات التي تلي النشر هي ما يوقع الكاتب في مصيدة الغرور وفخ الاقتناع الزائف بالمقدرة الإبداعية والموهبة.

وعن تجربتها تقول الشاعرة: "تجربتي بُنيت على قاعدة راسخة من قراءة لا بأس بها في التراث العربي شعره ونثره، ومعرفة أساليب العربية وأوزان الشعر الخليلية، كتبت الشعر الموزون على بحور متعددة، وأجد أنّ الموسيقا الداخلية منها والخارجية، أسٌّ مهمٌّ من أسس الشعر..

ومن الأمثلة على تجربتها الشعرية، مقتطفات من قصيدة "عشتار":

هل كنتَ تعرفُ كيفَ يرتسمُ انشطاري.. أنجماً في سقفِ هاتيكَ المسايا؟!

أم هل عرفتَ حرارة الدمع المغمَّسِ بالرحيل وزبدة الحُزن السخايا؟!

حتى تذوبَ بهذه الأشعارِ حُبّاً ثمَ تفترشَ المطارفَ والطوايا ؟!

لا لم تقل شيئاً، وأنتَ بريدُ هذا.. الفجر قِبلتُهُ، ومرسالُ المرايا

معادل التكرار

ويرى الناقد الدكتور "فندي الدعبل" في ديوان الشاعرة المعنون "أنفاس الضياء"، رؤية نقدية فيقول: «ديوان "أنفاس الضياء" للشاعرة "ماجدة أبو شاهين" هو ديوانٌ مغرٍ ومحفزٌ لدراسة ظاهرة التكرار في الشعر العربي الحديث بما أن الظاهرة مبحثٌ مهمٌ من مباحث النقد، وسمةٌ خلّاقةٌ من سمات التوليد والإبداع الشعري، ومقاربةٌ إيقاعيةٌ تساهم في تهيئة مناخ موسيقي ذي سمات دلالية يشي بها النص الشعري".

ويضيف الناقد "الدعبل": "لقد طال واستفحل الجدل حول هذه الظاهرة بين فريق يراها إحدى مورثات الرتابة والابتذال والملل، وهي توسم النص الشعري بالضعف والركاكة، وفريق يرى في التكرار دلالة إيقاعية باذخة الحضور وقيمة جمالية بناءة تساهم في هندسة البنية الموسيقية للنص الشعري، فترفع من منسوب عذوبته وتزيد استلذاذه من قبل المتلقي.

الجدير بالذكر أن الشاعرة "ماجدة أبو شاهين" تحمل إجازة في الأدب العربي عام 2021، ونالت جائزة الباسل للتفوق الدراسي في سنوات دراستها الجامعية، بعد انقطاع عن التحصيل الأكاديمي لأكثر من 25 سنة، صدر لها ديوانا شعر الأول بعنوان "امرأة من نور" صادر عن دار البلد في السويداء 2020، والثاني بعنوان "انفاس الضياء" صادر عن اتحاد الكتاب العرب عام 2020.