صممت في مستودع منزلها مدجنة صغيرة، لتتمكن من تطبيق دراستها التي أعدتها لنيل شهادة الماجستير من كلية الهندسة الزراعية جامعة "دمشق" بجهد كبير، فمن خلال بحث استمر ثلاث سنوات للوصول إلى نتائج قابلة للتطبيق نالت المهندسة "ربا فؤاد رشيد"، الشهادة بدرجة جيد جداً بعد وصولها لنتائج دقيقة، يمكن للمربين تطبيقها والاستفادة من قيمة علمية بحثية حققتها.

من معمل التقطير

عنوان الدراسة كان أحد العناوين التي تم بحثها مع الدكتور "موسى عبود" المشرف على الرسالة، بعد مناقشة عنوان "استخدام تفل اليانسون في تغذية الدواجن" كأحد الخيارات، لكن عدم توافر المراجع حال دون ذلك لتستقي من مكان عملها في معمل التقطير في "السويداء" -حيث جرى تعيينها بعد التخرج- فكرة الاستفادة من تفل العنب، وقدمت رسالتها بعنوان: "تأثير إضافة التفل المجفف إلى الخلطات العلفية لدواجن الفروج".

من معمل التقطير كانت البداية، بعد شراء الكميات اللازمة لاختبارات الأطروحة من التفل المكوّن من بقايا العناقيد وبذور العنب التي يتم تجفيفها على أسطح من البيتون، (حوالي طن)، وتم تخزينها لتكون بعيدة عن الرطوبة ولتكون مادة صالحة للبحث

عن بحثها تقول المهندسة "رشيد": «من معمل التقطير كانت البداية، بعد شراء الكميات اللازمة لاختبارات الأطروحة من التفل المكوّن من بقايا العناقيد وبذور العنب التي يتم تجفيفها على أسطح من البيتون، (حوالي طن)، وتم تخزينها لتكون بعيدة عن الرطوبة ولتكون مادة صالحة للبحث».

المهندسة ربا رشيد

عينة البحث

الدكتور موسى عبود والمهندسة ربا رشيد

تابعت المهندسة التحضير للمشروع من خلال إقامة مدجنة صغيرة في مستودعات قديمة في المنزل، وتأمين 240 طيراً كعينة للبحث الذي حمّلها تكلفة مادية وجهداً كبيراً لم تبخل به مقابل إنجاز البحث الذي يعني لها خطوة جديدة في مسار العلم والمعرفة.

"رشيد" تقتنع أن فائدة العلم البعيدة تتمثل في انعكاسه لخدمة المجتمع، لذا سارت مع حلمها بإنجاز خطوات لتطوير طرق التربية لدواجن الفروج، ومحاولة الوصول إلى خلطات مناسبة لتغذية الطير بكلف أقل وفائدة أكبر، من حيث وزن الطير وجودة اللحوم وفق خطة البحث.

تضيف "رشيد": «بعد العودة لأولى التجارب على دواجن الفروج التي نفذت في "كندا واستراليا ولبنان"، وهي دراسات حديثة بالمجمل، بدأت مقارنة التجارب لمعرفة ملاءمة الخلطة للطيور، وخصوصاً أنّ الفروج لا يستطيع هضم الألياف لأنّ نسبة الألياف في التفل مرتفعة، حوالي واحد وعشرين بالمئة مع العلم أنه يحوي مواد غذائية عالية مثل البروتينات والسكريات وغيرها».

تمت التجربة

وتتابع حديثها بالقول: «كان الهدف الأساسي من تجربة تفل العنب، تقليل تكلفة التغذية والاختبار على الفروج، وفتح آفاق جديدة لاستثمار مادة مكونة من مضادات أكسدة وتحتوي على مادة "بولفينلات"، وهي عبارة عن كحولات تساعد في زيادة مسطح الأمعاء وزيادة امتصاص الغذاء، بالتالي عندما قدمنا خلطة للفروج بنسبة 2 بالمئة تفل و68 بالمئة من الذرة، نتج لدينا فروج متوسط وزنه حوالي أربعة كغ، أما نسبة الأربعة بالمئة فأعطت نتائج مختلفة، ونسبة 6 بالمئة لم تساعد في الحصول على أوزان، لأن نسبة الألياف أصبحت أكبر وبذات الوقت الفروج بهذه الحالة يأكل كمية لا يتمكن من هضمها، وبالتالي فإن النسبة الخفيفة كانت مناسبة وحققت زيادة وزنية تصل إلى 2.5 كغ بعمر الشهرين، إلى جانب رائحة اللحم الجيدة، وبعد التجربة حللنا اللحم وكان مناسباً من حيث اللون والرائحة وأعطت المادة أمداً أطول لحفظ اللحوم، وأرفقت الدراسة بتحاليل دقيقة نفذت مع "أكساد" في البداية وضمن خطوات البحث».

رغم التكاليف

ورغم التكلفة المادية الكبيرة التي تحملتها الباحثة لإنجاح مشروعها فإنها تدرك أهميته بالنسبة للمربين، ولعملها كباحثة حرصت على تقديم تجربة فريدة أثبتت نجاحها بالاستفادة من مادة لا ينحصر وجودها بمعمل التقطير والمعاصر الخاصة، بل في المنازل بعد صناعة دبس العنب كصناعة منزلية تراثية، وبالتالي المادة الأولية متوافرة وهناك فرص كبيرة للاستفادة منها.

المهندسة عملت بيديها لضمان نجاح التجربة وتضيف: «فضلت العمل بنفسي وبمساعدة والديّ اللذين تحملا معي صعوبة التجربة التي استهلكت الكثير من وقتي كطالبة وموظفة عليها واجبات كبيرة تجاه العمل، وكنت حريصة على القيام بكل ما علي فالماجستير بداية لتجربة أطمح لاستمرارها، قد يكون بدراسة الدكتوراه على الرغم من شعوري بالإرهاق المادي والمعنوي، وما يتطلبه المشروع من تأمين الظروف المناسبة والمراقبة اللحظية والدقيقة، فضلاً عن التخطيط لاستمرار المدجنة، والذي يحتاج لكلف إضافية ودراسة أكبر، أتمنى أن أتمكن من استمرارها بما يكفل تطبيق وتطوير التجربة بشكل واسع، وتقديم الخبرة العملية للمربين خاصة في ظل غلاء كلف الأعلاف وتأسيس مدجنة كبيرة تؤهل لاستمرار البحث وفرصة للعمل».

تستحق الثناء

يقول الدكتور "موسى عبود" المشرف على الرسالة: «نشأت فكرة البحث عند الطالبة، فأخبرتني أنها تعمل في معمل التقطير بمدينة "السويداء"، وتناقشنا بالفكرة وتوصلنا إلى إمكانية تجريب استخدام تفل العنب كمخلف ناتج عن صناعة الكحول في تغذية الدواجن.. فكرة البحث طبقت للمرة الأولى في "سورية" بنسبة 2 و4 و6 بالمئة، وقد توصلت الباحثة "ربا رشيد" إلى نتائج إيجابية على صعيد المؤثرات الإنتاجية أي الوزن الحي وكفاءة التحويل، وأيضاً إلى نتائج على صعيد لون اللحوم بعد التخزين ومن الممكن أن يتم تطوير فكرة البحث على الدجاج البياض، أما بخصوص استخدام المادة بشكل مباشر في تغذية الدجاج البلدي في الأرياف، فيجب أن يتم تقييم موضوع الاستساغة لكن من المفضل استخدام التفل ضمن العلف المحبحب بشكل كبسولات، وبالتالي منع الطير من عملية الانتقاء من جهة ولفائدة عملية الحبحبة في تحسين القيمة الغذائية».

وبشير "عبود" إلى أنّ نجاح أيّ مشروع بحثي يرتكز على جهود الباحث بدرجة كبيرة، إذ تمكنت الباحثة من تنفيذ بحثها بنجاح لأنّها كانت مصممةً على النجاح، وسعت بكل جد دون كلل أو ملل لإنجاح مشروعها.

نشير أخيراً إلى أن الباحثة خريجة الهندسة الزراعية عام 2015، وهي رئيسة قسم الإنتاج الحيواني في المعهد التقاني الزراعي ومدرّسة فيه لعدة مواد، عملت لمدة عام في معمل التقطير وأشرفت على تنفيذ وتطبيق مشاريع الفطر المحاري.