شكّل النحات والفيلسوف الراحل د."عبد الله السيد" أحد أبرز الأسماء في النحت والفن التشكيلي السوري خلال مسيرة طويلة وشكّل بأبحاثه في علم الجمال والفن والنحت النصبي الذي أنجزه قامةً فنيةً كبيرةً يصعب تعويضها.

مسيرته

مدوّنة وطن التقت "وسيم عبد الحميد" فنان تشكيلي ومدير الفنون الجميلة في مكتبه الذي يقول: «"عبد الله السيد" خسارة كبيرة وجديدة على الساحة التشكيلية السورية، ترك برحيله فراغاً كبيراً من الصعب تعويضه، التحق بكلية الفنون الجميلة في جامعة "دمشق" ونال إجازتها في اختصاص النحت عام 1971 ثم حاز دبلوم دراسات عليا في النحت النصبي وعلم الجمال من "باريس"، ترأس تحرير مجلة "الحياة التشكيلية" لنحو تسعة أعوام، عمل في تدريس مادة النحت في كلية الفنون الجميلة، أنجز عام 1983 نصب الشاعر أبي تمام بمدينة "جاسم"، تلاه عدد من النصب التذكارية في "السويداء" و"درعا" ومنها "نصب الشهداء" عام 1990».

في عام 1992 أنجز نصب "صلاح الدين الأيوبي" بمناسبة الاحتفال بمرور ثمانمئة سنة على معركة حطين، ونُصب أمام قلعة "دمشق"، وهذا النصب هو أحد رموز "دمشق" الخالدة، من أعماله النحتية نصب (سفينة نوح الدمشقي) الذي أنجزه عام 2001 في مدينة "دالاس" في "الولايات المتحدة الأميركية"، أبعده المرض في السنوات الأخيرة عن عدد من الأنشطة، تم تكريمه من قبل وزارة الثقافة - الموسم الثاني لأيام الفن التشكيلي السوري عام 2019 عن مجمل سيرته الذاتية

ويتابع "عبد الحميد" حديثه عنه بقوله: «في عام 1992 أنجز نصب "صلاح الدين الأيوبي" بمناسبة الاحتفال بمرور ثمانمئة سنة على معركة حطين، ونُصب أمام قلعة "دمشق"، وهذا النصب هو أحد رموز "دمشق" الخالدة، من أعماله النحتية نصب (سفينة نوح الدمشقي) الذي أنجزه عام 2001 في مدينة "دالاس" في "الولايات المتحدة الأميركية"، أبعده المرض في السنوات الأخيرة عن عدد من الأنشطة، تم تكريمه من قبل وزارة الثقافة - الموسم الثاني لأيام الفن التشكيلي السوري عام 2019 عن مجمل سيرته الذاتية».

صورة الراحل

من الذاكرة

من جهته الفنان التشكيلي والناقد "أديب مخزوم" تناول الراحل "السيد" في كتابه النقدي والموسوعي "تيارات الحداثة في التشكيل السوري" الصادر في "دمشق" عام 2010 واصفاً أسلوبه بقوله: «يستطيع النحات "عبد الله السيد" التعبير عن أفكاره وهواجسه ومواقفه الفنية من خلال أعماله النصبية المنحازة في أكثر الأحيان نحو الأجواء التعبيرية والفطرية والبدائية أحياناً المنفلتة من إطار القواعد الاتباعية السائدة في المنحرف الأكاديمي إلا أنه من جهة أخرى معاكسة يعيد إلى مشاهده جمالية الاستمتاع بتأملات خصائص القيم التشكيلية الأكثر واقعية، وهذا ما نلمسه في بعض النصب التذكارية، ومن ضمنها العمل النصبي البانورامي "صلاح الدين الأيوبي"».

ويرى "مخزوم" أن النحات "السيد" يبدو أكثر ميلاً نحو مظهر تخطي الصياغة الكلاسيكية والأكاديمية والواقعية، والأداء التقني الذي يرافق خطوات إنجاز أكثرية أعماله النصبية وبالأخص (الطوفان، راهوم، جنين، سفينة نوح، شرخ المحبة) حيث يضفي المزيد من الرؤى الاختبارية الحديثة الناتجة عن طريقة معالجة الأشكال والعناصر الإنسانية بحرية وتلقائية منفتحة على طروحات الحوار الثقافي بين الشرق والغرب وبين الجنوب والشمال.

أما "سعد القاسم" إعلامي وناقد حائز على دبلوم دراسات عليا في الفنون الجميلة يقول: «منذ مطلع حياته المهنية زاوج "عبد الله السيد" بين البحث النظري الفني، وبين البحث التشكيلي الإبداعي، وربما ساهم في ذلك شكلُ دراسته الجامعية فقد اتجه بدايةً لدراسة الفلسفة والدراسات الاجتماعية ونال إجازتها الجامعية عام 1965، وأتاح وجود شقيقه الأديب والفنان "محمود السيد" على رأس القسم الفني في صحيفة "الثورة" فرصة نشر كتاباته فيها، وشجعه هذا على الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، اتسمت كتاباته الفنية بحيوية التجارب التشكيلية في ستينيات القرن الماضي، واتجهت نحو علم الجمال وعلم الجمال الإسلامي بشكل خاص، حيث تأثر إلى حد بعيد بعالم الجمال اليوناني "الكسندر بابادوبولو" الذي كان له دور أساسي في تعميق اهتمامه بعلم الجمال الإسلامي إذ تبنى "السيد" مفاهيم معلمه وأصبح عضواً في مركز أبحاث علم الجمال الإسلامي وعلوم الفن التابع لجامعة السوربون الأولى، حين كان يرأسه "بابادوبولو"عام 1976 ومنذ ذلك الوقت أنجز الكثير من الأبحاث عن الحروفية، والتطور الجمالي للتصوير في "سورية" والأعراق الجمالية في التصوير السوري الحديث وغيرها».

نذكر أن الفنان التشكيلي الفيلسوف النحات د."عبد الله السيد" من مواليد "مصياف" عام 1941، رحل عن عالمنا بتاريخ 22 تموز 2022، حاصل على دبلوم عالي (معادل للدكتوراه) في النحت النصبي من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة من "باريس"، كان عضواً في لجنة الفنون في المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، شارك في العديد من المعارض المشتركة منها الملتقى الدولي للنحت في "اللاذقية"، ملتقى النحت الثالث في محافظة "دمشق"، ملتقى أساتذة النحت جامعة "دمشق" عام 2002، ملتقى "إهدن" للتصوير والنحت، ملتقى مدينة المعارض، ملتقى أساتذة النحت في جامعة "دمشق"، حصل على عدة جوائز منها الجائزة الأولى لمسابقة نصب الشاعر "أبي تمام" بمدينة "جاسم" محافظة "درعا"، الجائزة الأولى لمسابقة نصب الشهداء بدرعا، الجائزة الثانية لمسابقة "صلاح الدين الأيوبي" في "دمشق" وغيرها.