لم يكن عشقه للموسيقا وليد الصدفة، ولا أمراً عابراً أو مكتسباً، بل يمكن القول إن حب الدكتور "وائل النابلسي" لغذاء الروح كان حباً فطرياً نشأ معه منذ نعومة أظفاره، وأخذ طريقه للتخصص مع مرور الوقت حتى وصل إلى مرتبة الأكاديمية الموسيقية، التي دخل بها إلى عوالم ومجالات جديدة، وتخصصات علمية عمادها الموسيقا.

اللحن أولاً

يقول الدكتور "وائل النابلسي" في لقاء مع مدونة وطن،: «حبي للموسيقا بدأ باكراً فقد كنت عند سماعي الموسيقا أحرك يدي مثل القائد الذي يقود الفرقة الموسيقية، وكنت أركز على اللحن أكثر من الكلمات، لأن اللحن يعطيني إحساساً بأني أستمع لشيء إبداعي، أما الكلمات فهي مثل الكلام الذي نقوله في حياتنا اليومية، وأنا في حياتي كلها لم أحفظ أغنية بكلماتها، بل كنت دائماً أحفظ اللحن وأدندنه مع تحريك يدي».

حبي للموسيقا بدأ باكراً فقد كنت عند سماعي الموسيقا أحرك يدي مثل القائد الذي يقود الفرقة الموسيقية، وكنت أركز على اللحن أكثر من الكلمات، لأن اللحن يعطيني إحساساً بأني أستمع لشيء إبداعي، أما الكلمات فهي مثل الكلام الذي نقوله في حياتنا اليومية، وأنا في حياتي كلها لم أحفظ أغنية بكلماتها، بل كنت دائماً أحفظ اللحن وأدندنه مع تحريك يدي

وعن بداياته يضيف: «في نهاية المرحلة الابتدائية سجلت في معهد "شبيبة الأسد للموسيقا" وبدأت بتعلم العزف على آلة الكمان، بالإضافة لتعلم القراءة الموسيقية التي تسمى الصولفيج، ودراسة الثقافة الموسيقية عن طريق الإيقاع الحركي وتاريخ الموسيقا والتذوق الموسيقي.. اخترت آلة الكمان، لأني لاحظت أن إمكانيات هذه الآلة كبيرة مقارنة مع الآلات الأخرى، بالإضافة لذلك فهي موجودة في الموسيقا العالمية والموسيقا الشعبية والموسيقا العربية، وفيما بعد عرفت أنها تلقب بملكة الآلات الموسيقية، وبعد نيل الشهادة الثانوية تقدمت للمعهد العالي للموسيقا، وتعلمت العزف على آلتي البيانو والكونترباص وهي من عائلة الكمان، بالإضافة لدراسة الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق».

دكتور وائل خلال عزفه على الكمان.

حكاية مع الموسيقا

دكتور وائل خلال عزفه ع البيانو.

ويتابع "النابلسي" سرد حكايته مع الموسيقا بالقول: «في عام 1999 طلبت كلية التربية من المعهد العالي للموسيقا، أن يرسلوا لهم الخريج الأول ليكون معيداً فيها، وخضعت لبعض الاختبارات، وفي عام 2001 عينت معيداً في الجامعة، وفي عام 2003 حصلت على بعثة لدراسة الماجستير والدكتوراه في العلوم والتربية الموسيقية في جامعة السوربون بباريس، وحصلت على الدكتوراه بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، لم يوفد أحد لدراسة هذا الاختصاص فيما بعد، علماً أنه يوجد خمس جامعات في العالم فقط مؤهلة لمنح هذه الدرجة، وعينت في كلية التربية باختصاص العلوم والتربية الموسيقية، واستطعت أن أقنع رئاسة الجامعة بافتتاح ماجستير متخصص بالتربية الموسيقية، حمل اسم ماجستير التأهيل والتخصص في كلية التربية الموسيقية، كون هذا الاختصاص غير موجود عندنا، وكوني الوحيد الذي يحمل شهادة دكتوراه في هذا الاختصاص، وهدفي تأسيس جيل جديد من حملة الدراسات العليا المتخصصين بالموسيقا والدراسات الموسيقية».

ميدان التدريس

شارك "النابلسي" في تأسيس ماجستير التأهيل والتخصص في التراث الشعبي في قسم علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة "دمشق"، حيث درّس مقرر الفنون الشعبية والتوثيق السمعي والبصري، بالإضافة على إشرافه على عدد من مشاريع التخرج ذات الصلة باختصاصه، كما شارك في تأسيس ماجستير التأهيل والتخصص في إعداد مربية طفل الحضانة، وتأسيس وقيادة جوقة كورال في كلية التربية.

الدكتور وائل النابلسي مع الصحفية منال سابق خلال اللقاء.

ويضيف: «درّست بعض المقررات ذات الطبيعة الموسيقية في اختصاصي رياض الأطفال ومعلم الصف، وقد أكمل عدد كبير من الطلاب دراستهم العليا بالماجستير والدكتوراه، وقد أشرفت على رسائلهم، كما درّست مادة الثقافة الموسيقية والعلاج بالموسيقا لعدة دورات في المركز الوطني للمتميزين في المرحلة الجامعية باختصاص العلوم الطبية الحيوية، وهذا التخصص لم يكن موجوداً عندنا في "سورية"، بالإضافة لتدريسي عدة مقررات اختصاصية في المعهد العالي للموسيقا، وبفترة سابقة درّست في كلية التربية الموسيقية في جامعة "البعث"، وفي عدد من المعاهد الموسيقية الاختصاصية.

لغة الروح

أشرف "النابلسي" على عدد كبير من الرسائل في درجتي الماجستير والدكتوراه في اختصاصات كلية التربية قسمي معلم الصف ورياض الأطفال. يقول في ذلك: "حيث يكون الموضوع التعليمي التربوي ومحاولة ربطه بالتربية الموسيقية، مثلاً علاقة الموسيقا بالرياضيات، أو بتعليم اللغة، وفي ماجستير التربية الموسيقية، نركز بدقة أكثر على الاختصاص الأصلي للخريج، مثلاً إذا كان الخريج عازف على آلة البيانو، من الممكن أن يكون موضوع رسالته عن مشاكل لمدرسي آلة البيانو، أو إذا كان الخريج اختصاص غناء قد يكون موضوعه الغناء ومراحل تطوره، والمراحل الذهبية والصعبة فيه، وفي ماجستير التراث الشعبي، يكون موضوع مشروع التخرج له صلة بالتراث الشعبي بالدرجة الأولى، مثل الأعراس كونها ظاهرة شعبية تراثية، أو قد يكون الموضوع عن التراث الفني والموسيقي في منطقة ما أو في محافظة ما أو في فترة تاريخية ما، بالإضافة لذلك كنت مشرفاً مشاركاً مع اختصاصات أخرى، مثلاً شاركت بالإشراف على رسالة عن علم العروض وموسيقا الشعر بقسم اللغة العربية، وشاركت مع كلية الصيدلة حول موضوع الموسيقا علاج بديل عن الدواء، وفي المعهد العالي للموسيقا أيضاً أشرفت على عدد من الرسائل الاختصاصية في العلوم الموسيقية.

قائمة الإنتاج العلمي

وعن مؤلفاته يشير" النابلسي" إلى أن أهمها: كتاب الأنشطة والتربية الموسيقية الذي سينقسم قريباً لكتابين أحدهما خاص بقسم رياض الأطفال والآخر خاص بقسم معلم الصف، وكتاب لم يطبع بعد اسمه طرائق تدريس الموسيقا، وهو موجه لطلاب دبلوم التأهيل التربوي، وماجستير التأهيل والتخصص في التربية الموسيقية، وأعددت بعض الأمليات التي ممكن أن تتوسع إلى كتب في المعهد العالي للموسيقا، مثل أملية علم الانسجام الموسيقي (الهارموني)، أملية التوزيع الموسيقي، وأملية نظريات وقواعد الموسيقا.

وقدم عدة محاضرات في بعض المراكز الثقافية في "دمشق" وخارجها، منها محاضرة في النادي العربي تحت عنوان "أهمية الموسيقا في حياتنا اليومية" بالإضافة لبعض المنتديات الثقافية الأخرى، وكان لفترة طويلة عضو هيئة تحرير في مجلة الحياة الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة، وما زال كاتباً فيها بشكل دوري».

تربية موسيقية

تقول الدكتورة في كلية التربية في جامعة دمشق "رندة العمري": «الزميل الدكتور "وائل النابلسي" إنسان مهذب وخلوق ونشيط ورجل علم ونعتز بوجوده معنا، وهو يقدم المعرفة بمستوى عالٍ، وله مساهمات في كثيرة في قسم تربية الطفل، وهو الوحيد بتخصصه، وله الفضل بتأسيس ماجستير التأهيل والتخصص في التربية الموسيقية من حيث الفكرة ومتابعتها حتى أصبحت واقعاً، وهو لطيف في التعامل مع زملائه وطلابه، ويقدم معرفة ذات قيمة، ويوجه طلابه بحماس، وله مكانة مرموقة بيننا».

تبقى الإشارة إلى أن الدكتور "النابلسي" من مواليد 1976م حاصل على إجازة في الموسيقا من المعهد العالي للموسيقا، إجازة في اللغة الإنكليزية وآدابها، ماجستير في العلوم والتربية الموسيقية من جامعة السوربون، ماجستير في علم الصوتيات الإنكليزية والمقارنة من جامعة السوربون، دكتوراه في العلوم والتربية الموسيقية من جامعة السوربون، دبلوم في تأليف الموسيقا الإلكتروصوتيّة وهندسة الصوت ومعالجته حاسوبياً من المعهد الموسيقي الوطني (فرنسا).

تم اللقاء مع الدكتور "النابلسي" في 2 تموز 2022، تم اللقاء مع الدكتورة "العمري" في 4 تموز 2022.