لم يقف زواجها المبكر عائقاً أمام تحصيلها الدراسي، فقد استفادت "أمل محاسن" من وجودها في جو أسري موقن بأهمية التعليم، لذلك كان شرط والدها الوحيد على الزواج هو أن تتم ابنته تعليمها، وهذا ما حصل حتى نيلها درجة الدكتوراه التي كانت مفتاحها لدخول عالم العمل الإنساني من أوسع أبوابه حتى باتت واحدة من عرّاباته.

الطالبة الأم

في حديثها لمدونة تقول:« التحقت بالجامعة العربية في "بيروت" قسم تجارة واقتصاد والتزمت مع صديقاتي بما علي من دراسة وتحضير إلا أنه وبسبب الظروف غير المستقرة لم أتقدم للامتحان تلك السنة، ولعب القدر الذي أؤمن به دائماً دوره معي، حيث صدر قرار تقبل بموجبه الجامعة السورية جميع الطلاب المسجلين في الجامعة العربية في "بيروت" من الذين لم يتقدموا للامتحان، فكانت بذلك فرصتي للعودة إلى الدراسة ضمن المجال الذي يستهويني، وحجزت مقعدي في كلية الآداب قسم التاريخ لأريع سنوات كانت حافلة بالعمل والدراسة، ملتزمة فيها بكل واجباتي على اختلافها، وكنت بعد إرسال أطفالي لمدارسهم آخذ طريقي إلى جامعتي، وتابعت بعدها في دبلوم التأهيل التربوي وكانت لي شهادة أفتخر بها وبما أضافته لي الدراسة والبحث، فهي غذاء العقل ومنبت انفتاحه، وفي عام 2012 تقدمت للحصول على الدكتوراه من "القاهرة"، ونلت الدكتوراه الفخرية وهذا ما زاد من شغفي وحماسي في المتابعة والاستمرار ».

خلال عمل فريقنا بمبادرة إحياء التراث الخاص بنساء "دمشق"، وضمن لقاءاتنا مع وزارة السياحة بهذا الشأن، أخذت السعادة مكانها في نفوس الفريق بأكمله، حيث رشحت لنا الوزارة الدكتورة "أمل" لتكون الدّاعم الكبير لعملنا، فهي أصدق شاهد على ما كانت عليه المرأة السورية وهي التي بنت لنفسها عالمها الخاص، وكانت واحدة من نماذج المرأة السورية الناجحة، فكانت كما التاريخ المتنقل بيننا، وساهمت معنا في نجاح مبادرات فريقنا مثل مبادرة (استقبال ستي، ودق برسيس)، وقدمت لنا حصيلة تجربتها في العمل التّطوعي وسبل نجاحه، فهي عرابة العمل الخيري في "سورية"، وهي من تمكنت من احتراف العمل التّطوعي، لديها طاقة احتواء وحب كبير زاد من تمسكنا بها وعزز ثقتنا بإنسانيتها

انطلاقة العمل الأهلي

أطلعتنا الدكتورة "محاسن" عن العمل الذي استأنفت نشاطها به بعد انقطاع، ففي عام 1995 ومن جمعية "أصدقاء دمشق" بدأت العمل الخيري، وأخذت بعدها دورها في مجموعة من الجمعيات الخيرية كعضو فيها، إن لم تكن عضواً في مجلس إدارتها، أو رئيساً لها، وكان لسعيها الدّائم للاطلاع والمعرفة التي حرصت على التزود من معينها، كما كان للنشاط والحماس لديها والذي لمسه الزّملاء والأصدقاء، الهامش الواسع في استقطاب أغلب الجمعيات الخيرية لها وعلى اختلاف أطيافها، فهي عضو في مجلس إدارة جمعية "أصدقاء دمشق" المهتمة بالتراث، وجمعية "المبرة النسائية" المعنية بالطفل اليتيم، وجمعية "حماية الأسرة" التي تهتم بالأسرة الفاقدة لسبل الحماية، وعضو مجلس أمناء جمعية "سيار" التي تلتفت للاهتمام بأطفال الشوارع، وهناك جمعية حماية المستهلك والتي تعنى بمتابعة حقوق المستهلك، وكذلك الهلال الأحمر الذي فتح لها أبواب الجمعيات ذات الاهتمام الصّحي أولها جمعية مكافحة السرطان، والتي استقالت من مجلس إدارتها لالتزامها بوعد مع واحدة من مرضى التّصلب اللويحي في إنشاء جمعيتهم الخاصة بهم تنظر في شؤونهم وتساعدهم حسب الإمكانيات وتنظّم لقاءاتهم وعلاقتهم مع الأطباء المعنين والمرافقين والمهتمين.

من جمعية أزهر السيدة صباح مدني

هدف ونهج عمل

من تكريمات الدكتورة أمل

تستعرض الدكتورة "محاسن" خلال حديثها أبرز مراحل تطور العمل الأهلي وتقول:« أحببت تواصلي مع سيدات هذه الجمعيات ونشاطي معهن، ودعمت الكثير من التّجمعات الأهلية بما تجمع لدي من خبرة في هذا المجال، وأخذ عملي والتزامي مع هذه الجهات حيزاً رسمت له حدوداً أرتضيها، وحاولت خلق آفاق أوسع لها وجديدة، فمع بداية انطلاق التّنمية والتّطوير والعمل المؤسساتي، رأيت إنه لا بد من تنظيم العمل الأهلي (وهو أحد الدعائم التي يقوم عليها المجتمع مع العمل الحكومي والخاص)...ليكون العمل فيها مؤسساتياً ووفق أطر سليمة ترسمها رؤيا واضحة وهدف محدد، وذلك حفاظاً على المال بعيداً عن الهدر، وكذلك حفاظاً على الوقت وتجنيبه الضياع، فجاءت دورة (التّطوير الإداري والبناء المؤسسي للعمل الأهلي) في "القاهرة"، التي ترشحت إليها عن "جمعية المبرة" مع واحدة من زميلاتي ملبية للأفق الذي ارتجيه للجمعيات الأهلية، وأكملت بالمرحلة المتقدمة من هذه الدورة منفردة لأكون المدربة الأولى في "سورية" بهذا المجال، وبتفهم السيدة "بلقيس عوض" رئيسة مجلس إدارة "جمعية المبرة" ومساعيها، اجتهدنا في تطوير العمل بالجمعيات الأهلية، وأكمل عملنا هذا حضور فريق التّدريب المصري إلى "سورية" فتابع تدريب أغلب كوادر الجمعيات، ما انعكس على طريقة التفكير في عملها وسياستها، وتجاوزت الجهود مساعدة الأسر وتخطتها إلى العمل في تنمية الوعي لديها ووضعها على طريق صناعة المستقبل الذي تريده ويليق بها».

عمل مؤتمت

دخلت الجمعيات الأهليّة بعد عام الألفين مرحلة مهمة من التّطور وأصبح العمل فيها مؤسساتياً بحتاً، وقد وزاد عددها فترة الأزمة وتشعبت أدوارها ودخلت في طور من الفوضى التي تنبهت له الدكتورة "أمل" فسارعت بالتعاون مع الجمعيات وبمعرفة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى التّنظيم وتنسيق الجهود من خلال مشروع "تنسيق العمل الأهلي"، الذي ركز على فكرة توزيع العمل، وزخر جدول عمله بمبادرات ومشاريع عدة منها مشروع المرأة المعيلة، ومشروع أطفال الشوارع وآخر في كيفية التّعاون مع المنظمات الدّوليّة، وأهم مشروع.. التّشبيك مع الجمعيات بأكملها وأتمتة أغلب بياناتها والرّبط فيما بينها، وحفظها في جمعية التّميز لرعاية اليتيم.

فرص إنتاج

وجدت السيدة "صباح مدني" العضو في فريق "أزهر" التّطوعي في الدكتورة "محاسن" الأمل في نجاح مساعي فريقها وفق حديثها:« خلال عمل فريقنا بمبادرة إحياء التراث الخاص بنساء "دمشق"، وضمن لقاءاتنا مع وزارة السياحة بهذا الشأن، أخذت السعادة مكانها في نفوس الفريق بأكمله، حيث رشحت لنا الوزارة الدكتورة "أمل" لتكون الدّاعم الكبير لعملنا، فهي أصدق شاهد على ما كانت عليه المرأة السورية وهي التي بنت لنفسها عالمها الخاص، وكانت واحدة من نماذج المرأة السورية الناجحة، فكانت كما التاريخ المتنقل بيننا، وساهمت معنا في نجاح مبادرات فريقنا مثل مبادرة (استقبال ستي، ودق برسيس)، وقدمت لنا حصيلة تجربتها في العمل التّطوعي وسبل نجاحه، فهي عرابة العمل الخيري في "سورية"، وهي من تمكنت من احتراف العمل التّطوعي، لديها طاقة احتواء وحب كبير زاد من تمسكنا بها وعزز ثقتنا بإنسانيتها».

كان للدكتورة "أمل" حصة وفيرة من شهادات التّقدير والتّكريم من كثير من الجهات والقطاعات، كما كان لها الحضور الواسع في مجمل ملتقيات العمل التّطوعي والجمعيات الخيريّة على المستوى المحلي والعربي.