لا تزال البوابة التسويقية لمحصول العنب ألا وهي الشركة السورية لتصنيع العنب، التي تأسست منذ نحو خمسين عاماً، مُشرّعةً على مصراعيها أمام المزارعين لتستقبل إنتاجهم، فمن يتصفح أرشيف معمل التقطير الذي استقبل عبر مسيرته العملية آلاف المزارعين يلحظ أنه مملوء بالعديد من الحكايا التي خطّ سطورها مزارعو سبعينيات القرن الماضي، لُتستكمل مع مزارعي عشرينيات هذا القرن، ولتبقى تلك الذاكرة الزراعية محطة بين الماضي والحاضر.

قصة عشق

يقول المزارع "ممدوح كيوان" من قرية "سهوة الخضر" المشهورة بزراعة العنب لمدونة وطن eSyria: "هنا وعلى بوابة معمل تقطير العنب التي شُرعت أمام مزارعي الكرمة منذ أكثر من خمسين عاماً، وقفت جراراتنا الزراعية تنتظر دورها للوصول إلى الخزانات، لتفريغ حمولتها، ولنعود بها فارغة، إلا أن قلوبنا مملوءة بالفرح لأننا استطعنا وسط ازدحام لمئات الجرارات على هذه البوابة أن نحجز لمحصولنا بطاقة شرائية تعود علينا بريعية اقتصادية... مسيرة تسويقية دوّنها مزارعو جيل السبعينيات والثمانينيات في القرن الماضي، ولم تزل تدوّن مع مزارعي هذا القرن لتاريخه، قصة عشقِ زراعية نُسجت ما بين الحقل المُنتج لمحصول العنب وبين آلات هذا المعمل، فذاكرتنا ما زالت تسترجع أيام التسويق الأولى للمعمل عندما كنا نتهيأ للموسم، وما إن يُعلن استعداده لاستقبال الإنتاج، الذي عادة ما يبدأ في منتصف الشهر التاسع من كل عام، حتى نبدأ بعدها بجني المحصول بغية توريده إلى المعمل".

ويضيف : "رغم كل هذه السنوات ما زال ذلك الفلاح ملازماً له منذ نحو خمسين عاماً دون انقطاع، فقد كان وما زال تلك البوابة التي عبرنا من خلالها إلى بر الأمان، لكونه المتنفس الوحيد الذي نستطيع من خلاله تسويق منتجنا من العنب، لافتاً إلى أن المعمل ولد مع جيل السبعينيات حاملاً لهم أملاً تسويقياً طالما حلموا به، وليبقى حياً في ذاكرتهم وقلوبهم حتى هذا اللحظة.

المهندس فادي شقير

سجلات مفتوحة

أثناء استلام العنب من المزارعين

يقول أحد المهندسين العاملين في المعمل منذ عقود "حافظ خير الدين": "طوابير الجرارات الزراعية رُسمت منذ نحو خمسين عاماً على أبواب الشركة ولم تُمحَ لتاريخه، ولا تزال سجلات المزارعين الذين ورّدوا إنتاجهم للمعمل منذ إحداثه مفتوحة ولم تُغلق حتى تاريخه، فإلانتاج المغذي لخزانات المعمل ما زال مستمراً بتغذيتها".

مضيفاً أنه خلال السنوات الخمسين الماضية شهد العمل تطوراً ملحوظاً من حيث كمية استيعابه التي زادت أضعافاً مضاعفة، لتصبح الكمية المراد استجرارها مشجعة للفلاح، فالمشوار التسويقي الذي رُسم منذ سنوات ما زال مستمراً حتى اليوم".

من داخل المعمل

تاريخ البدايات

تقع الشركة المعروفة اجتماعياً في "السويداء" بمعمل التقطير، على بعد ثلاثة كيلو مترات تقريباً من مدينة "السويداء" في منطقة تسمى "الكوم"، ويشكل موقعها علامة فارقة في الجغرافيا المحلية، مدونة وطن eSyria التقت المهندس "فادي شقير" المدير العام لمعمل تقطير العنب الذي بيّن أن الشركة العربية السورية لتصنيع العنب تأسست عام 1969، وقد مرت الشركة منذ تأسيسها بعدة مراحل من التوسع وزيادة رأسمالها فقد كانت طاقة الشركة الإنتاجية في عام 1970، 1300 طن من العنب وفي عام 1975 أدخل خط هرس وعصر جديد فأصبحت طاقة الشركة 4000 طن، وظل التوسع قائماً حتى عام 2007 حيث وصلت الطاقة الاستيعابية إلى 16000 طن.

وينوّه المهندس "شقير" بأن الشركة العربية السورية لتصنيع العنب تنتج ماركة "الريان" وهو منتج وفق المواصفات القياسية السورية المطابقة للمواصفات العالمية، وذا جودة عالية كونه مصنع من مواد طبيعية 100%، حيث يتم استخدام الكحول المقطر من عصير العنب الطبيعي وزيت اليانسون المستخلص من اليانسون الممتاز.

أقسام الشركة

ويضيف المهندس "فادي شقير" بأن الشركة تقسم إلى عدة أقسام حيث كل قسم مختص بمرحلة من مراحل تصنيع المنتج في عملية إنتاجية متتالية للحصول على المنتج النهائي منها قسم الهرس ويتم فيه هرس العنب واستخلاص العصير وضخه إلى قسم التخمير، ثم قسم التقطير، وقسم اليانسون، وصولاً للتعبئة.

وأشار المهندس "شقير" إلى وجود مشاكل وصعوبات تواجه العمل لتحقيق خطته الإنتاجية والاستثمارية، وتتركز في ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، وعدم توفر قطع الغيار وصعوبة الحصول عليها، وعدم استقرار سعر الصرف، ونقص العمالة، والعمالة ذات الخبرة، وانخفاض أو انعدام الحوافز، وانخفاض القدرة الشرائية للزبائن، ومنافسة القطاع الخاص من حيث السعر ولكن دون جودة.