شهدت خشبة المسرح في "قصر الثقافة" بمدينة "حمص" على مدى 7 أيام عروضاً مسرحيةً ضمن الاحتفالية التي نظَّمها فرع "نقابة الفنانين" بالتعاون مع "مديرية المسارح والموسيقا" و"المسرح القومي" في المدينة، بمناسبة "يوم المسرح العالمي" المصادف لتاريخ 27 آذار من كلِّ عام.

"قدسية" يدشِّن الاحتفالية..

هم يحاولون دوماً إظهار أنفسهم على حساب مواهب الشباب الذين يعملون تحت رايتهم؛ من أجل ذلك فإننا لم نر على مدى أكثر من ثلاثة عقودٍ مذ انطلاقة مهرجان "حمص" المسرحي بزوغ ممثلٍ شابٍّ أو أكثر قد وصل إلى مرحلة الاحترافية والنجومية كما يطلق عليها، لأنَّ مسؤولية المخرج أولاً، ومعه المسؤولون عن المؤسسات الثقافية، هي وضع الممثل الناشئ على سلَّم النجاح والوصول به لأعلى درجاته.. بالنسبة لما شاهدته من عروضٍ خلال هذه الاحتفالية فقد كانت بعيدةً عن متطلبات الجمهور من حيث طرحها لمعاناة الناس وهمومها، وهذه هي رسالة المسرح الأهم من وجهة نظري، حتى أنَّ بعض العروض قد احتوت مشاهد قريبة من الإسفاف والسطحية

أكثر من 30 عاماً هو زمن علاقتي مع هذه الخشبة التي قدَّمت عليها معظم أعمالي خلال مسيرتي المسرحية الطويلة، وهذا ما جعل العلاقة بيني وبينها أشبه بصلة الرحم والدم، بحسب ما ذكره "زيناتي قدسية" الممثل والمخرج المسرحي المعروف أثناء لقاء موقع مدونة وطن "eSyria" معه في ختام فعاليات الاحتفالية مضيفاً بقوله: «حضوري هنا، لم يكن بإصرارِ شخصيٍّ مني وحسب، بل جاء نتيجة رغبةٍ مشتركةٍ بيني وبين القائمين على تنظيمها، وفي مقدِّمتهم "مدير المسارح والموسيقا في "وزارة الثقافة" الصديق "عماد جلول"، لما يعرفه من خصوصية ومحبَّةٍ أكنُّها لخشبة المسرح في "حمص" ولجمهورها الذوَّاق. زادت سعادتي أكثر بإلقاء كلمة "يوم المسرح العالمي" لهذا العام والتي كتبها المخرج الأميريكي "بيتر سيلرز"، وبتدشين هذه الاحتفالية، من خلال عرضي المسرحي "قلب العاشق" والذي يقدَّم للمرة الأولى أمام جمهور المسرح - وكما هي عادتي وقناعتي - فإنَّ نصَّ العمل امتاز بسهولة طرح الفكرة بعيداً عن التعقيد، لأني من المؤمنين والقائلين بألا يكون العرض المسرحي معقَّداً، ويمتاز ببساطة أفكاره ليصل إلى عقل المتفرِّج بسهولةٍ تامة محققِّاً المتعة منه وهنا، يكمن دور الممثل المسرحي الخبير ومسؤوليته بتبسيط الأفكار التي تحملها مشاهد العرض المسرحي وألا يقضي المشاهد وقته بتفسيرها».

الممثل والمخرج المسرحي زيناتي قدسية

المسرح القومي

الشيخ حسن الحكيم

ويرى "قدسية" أنَّ العروض المسرحية التي شهدتها الاحتفالية لم تكن بالمستوى المطلوب الذي يليق بقيمة وقدسية خشبة المسرح وعن ذلك يقول: «قبل عقودٍ من الزمن كان العمل تحت راية "المسرح القومي" حلماً لي ولغيري من المسرحيين الذين أصبحوا فيما بعد من أصحاب التاريخ والخبرة بالعمل المسرحي، وقد شاهدنا خلال هذه الاحتفالية بأنَّ 4 من العروض السبع قد قدِّمت تحت مسمى "المسرح القومي"، وهذا مأخذي الكبير والجاد على القائمين والمشرفين على المسرح في "سورية" عموماً، وليس هنا في "حمص" فقط، وهذه استهانة بما تحمله عبارة (المسرح القومي) من تاريخٍ جديرٍ بالاحترام والتقدير وخاصَّةً أنَّ أغلب العروض قدَّمها الهواة من جيل الشباب المحبُّ للمسرح، وكان من الأجدى إدراج تلك العروض تحت مسمًىً خاصٍّ بالشباب، الذين برأيي لديهم مسيرةٌ طويلةٌ من العمل الجاد؛ لكي يستحقوا الوجود على خشبة المسرح القومي، وهنا بالذات تقع المسؤولية على عاتق المشرفين والمعنيين بشؤون المسرح والثقافة عموماً، حيث عليهم تأطير جهود هؤلاء الشباب ضمن مسرحٍ خاصٍّ بهم وتولية المسرحيين من أصحاب الخبرة توجيه مواهبهم صوب طريق الاحتراف».

رسالة المسرح

رأيٌ مماثلٌ أدلى به سماحة الشيخ "حسن الحكيم" أحد المهتمين بأمور المسرح والمتابعين له في مدينة "حمص" والذي صرَّح لموقع مدونة وطن "eSyria" أثناء اللقاء معه بأنَّ العروض التي قُدِّمت في الاحتفالية افتقدت للمنهجية – بحسب رأيه – وأنَّ مسؤولية ذلك تقع بالدرجة الأولى على عاتق المخرجين المسرحيين، حيث يتابع القول: «هم يحاولون دوماً إظهار أنفسهم على حساب مواهب الشباب الذين يعملون تحت رايتهم؛ من أجل ذلك فإننا لم نر على مدى أكثر من ثلاثة عقودٍ مذ انطلاقة مهرجان "حمص" المسرحي بزوغ ممثلٍ شابٍّ أو أكثر قد وصل إلى مرحلة الاحترافية والنجومية كما يطلق عليها، لأنَّ مسؤولية المخرج أولاً، ومعه المسؤولون عن المؤسسات الثقافية، هي وضع الممثل الناشئ على سلَّم النجاح والوصول به لأعلى درجاته.. بالنسبة لما شاهدته من عروضٍ خلال هذه الاحتفالية فقد كانت بعيدةً عن متطلبات الجمهور من حيث طرحها لمعاناة الناس وهمومها، وهذه هي رسالة المسرح الأهم من وجهة نظري، حتى أنَّ بعض العروض قد احتوت مشاهد قريبة من الإسفاف والسطحية».

المخرج المسرحي زين العابدين طيار

جهة داعمة وحيدة!!

تقدَّمت للمشاركة معنا في احتفالية "يوم المسرح العالمي" تسعة عروضٍ بشكلٍ رسميٍّ بعد اعتذار بعض الفرق عن ذلك لأسبابٍ خاصَّةٍ بها، وقد تمَّ قبول سبعة منها من قبل لجنة المشاهدة والقبول بحسب ما ذكر الفنان "أمين رومية" رئيس فرع "نقابة الفنانين" في "حمص" في لقاء مدونة وطن eSyria"" معه، مؤكِّداً بأنَّ اختيارها جاء بما يليق بقيمة هذا اليوم والاحتفال به. أحدُّ هذه العروض تقررت مشاركته نظراً للجماهيرية التي حققها في مشاركة سابقة، وهو عرض "الغنمة" الذي أخرجه الفنان "زين العابدين طيار" أمَّا البقية منها، فهي تعرض لأول مرَّةٍ. تقصَدّنا كجهةٍ مشرفةٍ حضور مسرح الطفل ضمن الاحتفالية، وذلك بهدف تشجيع الأطفال على الحضور للمسرح وتعزيز ثقافته فيهم.. غالبية العروض هي من إنتاج "المسرح القومي" في "حمص"، وهذا ما يدعونا بشكلٍ دائمٍ، لمشاركة جهات الإنتاج الخاصة في عملية دعم الثقافة عموماً، والمسرح خصوصاً، من أجل استمرارية الحركة المسرحية وتطويرها في مدينة "حمص"».

نهاية اللعبة

اختتمت فعاليات الاحتفالية يوم الجمعة بتاريخ 1 نيسان بالعرض المسرحي الذي حمل عنوان "نهاية اللعبة"، الذي أخرجه "جواد عكلا" وشارك به كممثلٍ مع الممثل "أفرام دافيد"، حيث ذكر الأخير خلال لقاء مدونة وطن "eSyria" معه بأنَّ العمل ينتمي لما يسمى "مسرح العبث"، وهو تجربة جديدة على المسرح في "حمص"، ورغم المعارضة الشديدة لهذا النوع من الأعمال المسرحية من قبل المعنيين بقبول العروض المشاركة في الاحتفالية، إلاَّ أنَّ العمل قد أبصر النور أخيراً. وقبل يوم من الختام كانت للفنان ذاته مشاركة إخراجية من خلال العرض المسرحي الخاص بالأطفال الذي حمل عنوان "سرحان في وادي الكسلان"، وما ميَّز الاحتفالية هو تكرار عرض مسرحية "الغنمة" للمخرج "زين العابدين طيار" في ثاني أيامها، والذي أكَّد بأنَّ الجماهيرية التي حققها العرض في مناسبات سابقة كانت سبباً في حضوره ضمن هذه الاحتفالية بعد التعديلات التي أدخلت عليه، من ناحية تقليل زمن العرض وإدخال مشاهد جديدة تعكس هموم المواطن السوري بوقتنا الراهن، إلاَّ أنَّه أخذ على وسائل الإعلام المختلفة غيابها عن التفاعل مع المسرحيين ونقل شجونهم، وما يعانون منه وحتى الإضاءة على الأعمال المسرحية المتميزة وصنَّاعها.

اليوم الثالث شهد تقديم مسرحية "نور العيون" لمخرجها "نزار خضور" وهي الأخرى - كما سابقتها - من إنتاج "المسرح القومي" وكما هو عرض "حمَّام روماني" للمخرج "فهد الرحمون" الذي قُدِّمَ في رابع أيَّامها. العرض المسرحي "زكاء way-in" شاهده الجمهور في يوم الاحتفالية الخامس الذي قدَّمته فرقة "المسرح العمالي" صاحبة التاريخ المسرحي الطويل بالتعاون مع "معهد الثقافة الشعبية" وأخرجه الفنان "سامر ابراهيم (أبو ليلى)".

نذكِّر نهايةً بأنَّ الاحتفالية قد انطلقت بتاريخ 26 آذار واختتمت يوم 1 نيسان وهو ذاته تاريخ إجراء اللقاءات مع الضيوف.