بتعدد أساليب الدفن المختلفة وما اكتنفته القبور من أشياء مرافقة للمدفونين فيها فقد أصبح للمدافن والقبور القديمة أهمية خاصة تفيد في دراسة الأبعاد النفسية والدينية والاجتماعية وحتى الاقتصادية والسياسية لأي حضارة. ويشكل مدفن "سلمية" أحد نماذج المدافن القديمة التي عرفتها "سورية" قديماً فلهذا المدفن شكل البئر، يعود بتاريخه إلى عصر البرونز الأوسط 2000ـ1800 قبل الميلاد، وقد وجد على بعد 5 كيلومترات غرب "سلمية" ويشكل نموذجاً للمدافن المنقورة في الصخر.

طقوس جنائزية

لقد اعترت الإنسان منذ ما قبل التاريخ مشاعر وأحاسيس جعلته يفكر بالموت مثلما يفكر في الحياة وكان له موقف فلسفي من هذا الموضوع الخطير.

"رانيا الخطيب" رئيسة شعبة الآثار في "سلمية" تقول في حديثها لمدوّنة وطن: <<يشكل مدفن "سلمية" أحد نماذج المدافن القديمة التي عرفتها "سورية" قديماً، فلهذا المدفن شكل البئر، وهو يعود بتاريخه إلى عصر البرونز الأوسط 2000ـ1800 قبل الميلاد، وقد وجد المدفن على بعد 5 كيلومترات غرب "سلمية"، وهو يشكل نموذجاً للمدافن المنقورة في الصخر ويمكن الدخول إليه عبر بئر مركزية مع مدخلين على حجرتي دفن، وقد أعيد بناء إحدى حجرتي الدفن وحفظت في متحف "حماة" تحت الرقم 240... كان مدخل الحجرة في الأصل مغلقاً بكتل من الحجر الجزيري، وقد دفن ما لا يقل عن 11 شخصاً في هذا المدفن الذي من المحتمل أنه كان مخصصاً لعائلة معينة، وعندما كان يحدث دفن جديد كان يتم جمع رفات المدفونين الأقدم جانباً مع أثاثهم الجنائزي المكون بشكل رئيسي من أوعية فخارية وتحف برونزية، مثل فأس على شكل منقار البطة ودبابيس وأساور وخواتم، وهو مصنوع على دولاب سريع وله شفاه ذات حواف حادة، وتتألف الزينات على هذه الفخاريات من الشرائط الممشطة أو المحززة على الأكتاف ونادراً ما تكون هذه الشرائط ملونة باللون الأحمر، وقد اكتشف المدفن عام 1990 وقد أصبح تحت الطريق المعبد بالإسفلت والواصل بين "سلمية و"حماة" في منطقة "الكريم">>.

المهندسة المعمارية رانيا الخطيب رئيس شعبة الآثار في سلمية

للدفن فنون

الباحث التاريخي أمين قداحة

الباحث التاريخي "أمين قداحة" يقول في دراسة تاريخية عن المدفن: <<اعتقد الإنسان القديم بأن الموت لا ينهي حياة أهله وآبائه، فدأب للاعتناء بهم وزودهم بالأدوات وربما بالأطعمة والألبسة التي ظن أنهم سيحتاجونها في العالم الآخر حتى أنه أقام لهم الاحتفالات والولائم، رافضاً القبول بأنهم غادروه إلى الأبد، وبناء على ذلك فقد تفنن في طرائق الدفن التي تنوعت عند الشعوب والحضارات حسب معتقدات كل منهم مع وجود تأثير متبادل وإن كان بنسبة متفاوتة>>.

قبور في الصخر

يمكننا مقارنة هذا المدفن بمدافن أخرى وجدت في "حماة" القاعة الأولى، وفي "إبيلا" التي كشف فيها عن عدة مدافن منها المدفن البئر، أو الضريح المكتشف تحت القصر الغربي وهو عبارة عن كهف أو مغارة حفرت في الطبقة الصخرية الكلسية الطرية تحت أرضية القصر، وكان ينزل إليه بواسطة أربع درجات يتم بعدها الوصول إلى ممر يتجه نحو الشمال وينتهي إلى حجرتين، واحدة في الغرب والأخرى في الشرق كما تم ذكره في كتاب (أبو عساف علي: آثار الممالك القديمة في "سورية" 8500ـ535 قبل الميلاد،" دمشق" 1988 الطبعة الأولى صفحة 355).

لقى فخارية في المدفن السلموني

أجري هذا اللقاء في 9 نيسان 2022