بهدف إرساء فكرة التنمية المستدامة وتحويل المجتمع من استهلاكي إلى إنتاجي، أقام محترف "حنة" مشروعه التنموي لإحياء التراث اليدوي في الريف، من خلال تدوير القماش والخيوط وأشياء أخرى، وتعليم التريكو والكروشيه والتطريز وفن الرُّقع مع الخياطة، وكل ذلك بشكل جديد مُبتكر وموافق لمتطلبات العصر ومن خلال سيّدات من أعمار متفاوتة يتعلّمن ويعملّن وينتجْن حرفاً يدوية بطابع عصري، عبر إحياء الأقمشة وإعادة خياطتها وحياكتها لصنع منتجات قماشية مختلفة، معتمدين في ذلك على تنسيق الألوان بطريقة فنية مبتكرة ومميزة وبجودة عالية.

تجربة حياة

كانت بداية الفكرة عام 2011م، ولكن المشروع لم يطبق على أرض الواقع حتى عام 2013، هذا ما أكدته لمدوّنة وطن مؤسس ومدير المحترف "ندى صليبي" التي أسمت المحترف على اسم والدتها، حيث تعدّها مدرّستها الأولى في العمل اليدوي وخصوصاً أنها تعلمت الكثير من الحرف منها، فصقلت وبلورت موهبتها بالدراسة الأكاديمية بمعهد التربية الفنية التشكيلية، بالإضافة إلى دورات فنية بمجالات متنوعة ونقلت تجربتها خلال ثلاثين عاماً للأطفال واليافعين من خلال المدارس، حيث وضعت مناهج التربية الفنية بما يتناسب مع عمر كل طفل بهدف تحفيزه وتنمية مدركاته بالتفكير الصحيح، وتنمية ارتباطه بالمكان والبيئة التي نشأ بها.

محترف "حنة" هو مشروع يستهدف النساء السوريات من كل الشرائح والشباب واليافعين، لتدريبهم على الحرف التقليدية كشكل من أشكال توثيق التراث غير المادي، ضمن برنامج تنموي تراثي يستمد قوته من أصالة الثقافة المحلية العريقة لإحياء فكرة العمل اليدوي، وخصوصاً أن هذه الحرف التراثية أبدعت بها أمهاتنا في الماضي؛ حيث كن يجمعن القماش البالي، ويقمن بقصه وإعادة خياطته وحياكته لصنع منتجات قماشية مختلفة لأفراد العائلة، بالإضافة إلى دمجه بحرفة الكروشيه واستخدام منتجات الطبيعة لتصميم الإكسسوار والتحف الفنية المتنوعة، فمن خلال المحترف أردنا تجديد هذا النشاط المملوء بالمعاني الإنسانية، كونه يقدم خدمة اجتماعية كبرى لكل أطرافه

تتابع "صليبي" بالقول : «محترف "حنة" هو مشروع يستهدف النساء السوريات من كل الشرائح والشباب واليافعين، لتدريبهم على الحرف التقليدية كشكل من أشكال توثيق التراث غير المادي، ضمن برنامج تنموي تراثي يستمد قوته من أصالة الثقافة المحلية العريقة لإحياء فكرة العمل اليدوي، وخصوصاً أن هذه الحرف التراثية أبدعت بها أمهاتنا في الماضي؛ حيث كن يجمعن القماش البالي، ويقمن بقصه وإعادة خياطته وحياكته لصنع منتجات قماشية مختلفة لأفراد العائلة، بالإضافة إلى دمجه بحرفة الكروشيه واستخدام منتجات الطبيعة لتصميم الإكسسوار والتحف الفنية المتنوعة، فمن خلال المحترف أردنا تجديد هذا النشاط المملوء بالمعاني الإنسانية، كونه يقدم خدمة اجتماعية كبرى لكل أطرافه».

من أعمال محترف حنة

إثراء العمل

أثناء التدريب

وتضيف "صليبي" : «نحن نتطور يوماً بعد يوماً، ونثري مفاصل عملنا دائماً بكوادر وأفكار جديدة، ما زال يلزمنا جهد في التسويق لقلة تصريف المنتجات، كما أننا نعمل على تطوير عملنا من خلال إدخال تقنيات ونماذج عصرية تتناسب مع حاجات المجتمع ومتطلباته، لكي تعود الفائدة على الجميع ويحقق المشروع هدفه الأبعد في إحياء حرفة قديمة وأصيلة، وتكوين مورد مالي أهلي مجتمعي قادر على أن يساهم في دعم الاقتصاد، فمن روائح الماضي قمنا بتجسيد أعمالنا الفنية وإعادة إحياء التراث الفني القديم في الريف، والاستفادة من كل قطعة قماشية قديمة في منازلنا وإعادة إحيائها بطريقة مبتكرة ومنهجية جميلة، فبعد مرحلة من التدريب الممنهج ضمن قواعد وأسس جديدة تعتمد على الدقة والمتانة والجودة العالية، استطعنا الخروج عن المألوف بتصميم لوحات استُخدِمتْ فيها خيوط الكليم والكروشيه لصناعة البسط وأغطية الطاولات والدعاسات الأرضية، وابتكار تصاميم متنوعة من شرانق الحرير والخرز والعاج المحفور يدوياً».

تقول "صليبي": "التدوير ثقافة حياة بمحترف "حنة"، سعيت من خلاله ليس لإعادة الحياة لقطع قماشية قديمة وتدويرها فقط بالاستفادة من كل ما يوجد حولنا بالطبيعة من موارد وإمكانيات لتظهر بحلة جديدة وعصرية، بل كان للمحترف هدف لإحياء السياحة الريفية والبيئية في المنطقة، فبالتنسيق المشترك بين كل من محترف "حنة" والجمعية الوطنية لإنماء السياحة في "سوريا"، تمت استضافة مجموعة من السيدات من محافظات عدة بهدف تعلم الحرف الريفية من خلال إعادة تدوير ملابس قديمة لصنع خيوط (الكليم) ونسجها بطريقة الكروشّيه لصنع قطع منزلية مفيدة، وفق برنامج متكامل بين التدريب بالمحترف والسياحة المحلية".

من المتدربين بالمحترف

مكان للإبداع

بدورها تؤكد "ميرفت إلياس" إحدى المتدربات أن المحترف هو منبع العمل الفني اليدوي، فقد تعلمنا شغل البسط بطرق مختلفة منها ما هو منسوج بخيط الكليم، ومنها بخيط القماش مع خيط من الحرير أو الصوف، أو مع قصاصات الأقمشة، لقد كان المحترف بالنسبة لنا المكان الذي نلجأ إليه لصقل مواهبنا بطريقة فنية عملية وإبداعية، حيث تعلمنا الصياغة الفنية للوقت والعلاقة بين الحياة والخامات الموجودة بحياتنا، فإعادة تدوير الأقمشة المستعملة والقديمة حرفة تحتاج إلى الصبر والدقة في العمل والهدوء، حيث إنها تخلق توازناً متكاملاً للشخصية، وتعدُّ مساحة لإفراغ الطاقات الكامنة لدى الإنسان، لإنتاج إبداعات وتصاميم فنية اتصفت بطابعها العصري والحديث مع ارتباط بالماضي.

وفي حديث مع "جاكلين شحود" المتطوعة بالجمعية السورية للتنمية الاجتماعية في الحصن، قالت إنها من خلال المحترف تعلمت كيفية تحويل الأفكار التي تجول في الذهن إلى فن، بابتكار الكثير من القطع والتحف الفنية القابلة للاستخدام، من خلال تعلم طريقة قص وتصنيع خيط الكليم من الملابس القطنية القديمة، واستخدامها بحياكة قطع فنية توضع وتزين بها المنازل، بالإضافة إلى تعلم أهمية التنمية المستدامة وفائدة الاستفادة من التوالف بطريقة صحيحة ومدروسة، ونقلت "شحود" تجربتها وما تعلمته من إعادة التدوير وقامت بتدريب مجموعة من السيدات في الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية، بهدف تجسيد التراث السوري وإعادة إحياء الحرف اليدوية بطابع عصري وجمالي مميز لتحويل الحرفة إلى فن هدفه الاستمرارية.

وقالت "مارلين سعد" إحدى المتدربات في المحترف: «التحقت بالمحترف منذ عدة سنوات، فقد أعجبتني الفكرة كثيراً وخصوصاً أنها تعتمد على إعادة تدوير الأقمشة والألبسة القديمة لصناعة دعاسات وبسط وأغطية لـ(الكنبايات) وإكسسوارات وغيرها، باستخدام مكونات البيئة من شرانق الحرير وخيوط حريرية وصوفية، كما أن هذه الحرفة تحقق للمتدربين والمشاركين بالمشروع استقلالاً اجتماعياً واقتصادياً من خلال قدرتهم على إقامة مشاريعهم الخاصة لإنتاج حرف تراثية تؤمن لهم دخلاً مادياً مقبولاً.

أجريت اللقاءات بتاريخ 26 شباط 2022