بموهبته الفريدة وجهده المتواصل استطاع الفنان الشاب "غيث السعدي" أن يبدع بقصاصات الورق شخصيات وأشكالاً متنوعة ثنائية وثلاثية الأبعاد محاولاً تقديم نفسه كأوّل فنان يعمل في مجال طي الورق "الأوريغامي" في "سورية" من خلال معرضه الفردي الأول ومعارض عديدة مشتركة.
هكذا بدأ
مدوّنة وطن تواصلت مع الفنان الشاب "غيث السعدي" الذي يحدثنا عن موهبته بقوله: «ما دفعني لهذا الفن أنه غريب عن بلادنا ولا يتقنه كثيرون، بدأت هوايتي منذ الصغر وسعيت لأكون متميزاً وأردت تجربة فن جديد يخشى البعض تجربته، بدأت أولاً بتنمية موهبتي بالقراءة والاطلاع على هذا الفن بكل تفاصيله، وتوصلت بالتدريب لخلق أفكار جديدة في فن (طي الورق) الذي يتألف من كلمتين (أوري-Ori) وتعني طي و(غامي-gami) وتعني الورق، ندمجهما مع بعض فتصبح الكلمة طي الورق، وهو فن ياباني الأصل ثم انتقل إلى الصين، شجعتني عائلتي على تعلمه وكذلك قدم لي المهندس "أيمن دقماق" والمهندسة "مايا جحا" و"عالية دريني" و"جودي رميح" كل التشجيع والدعم».
شعرت أن لدي القدرة على تطوير نفسي وأنني أمتلك الخيال الخصب الذي جعلني أصنع مجسمات متنوعة، فأخذت أقرأ الكتب التي تتحدث عن هذا الفن وأجرب بالورق استناداً إلى الأساسيات، ثم تطورت موهبتي أكثر واكتشفت الخطوط التي يمكن أن تعطي الطيات التي أحتاجها في صناعة الأشكال
من التقليد إلى الابتكار
بدأت موهبة "السعدي" عام 2012 عندما كان يقلّد ما يشاهده في التلفاز من فن الأوريغامي وهو في سن التاسعة، وحول ذلك يقول: «شعرت أن لدي القدرة على تطوير نفسي وأنني أمتلك الخيال الخصب الذي جعلني أصنع مجسمات متنوعة، فأخذت أقرأ الكتب التي تتحدث عن هذا الفن وأجرب بالورق استناداً إلى الأساسيات، ثم تطورت موهبتي أكثر واكتشفت الخطوط التي يمكن أن تعطي الطيات التي أحتاجها في صناعة الأشكال».
ينشر "السعدي" فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي في مختلف المناسبات لطرق صناعة مجسمات من الورق وحول مراحل العمل يقول: «تبدأ أولى المراحل مع فكرة شكل ما من الخيال، فأختار مثلاً شكل عصفور وأتخيله في ذهني، ثم أحاول رسمه على ورقة وأبدأ بطي الورقة بالاستناد إلى أساسيات الخطوط التي أحددها حتى أحصل على الشكل الذي أريده، ويمكن أن تكون المجسمات أو الأشكال ثنائية أو ثلاثية الأبعاد، والفرق أنّ تقنية "الأوريغامي" ثنائية الأبعاد تكون مصنوعة من ورقة واحدة لتعطي شكلاً بسيطاً من دون تفاصيل كثيرة، أما تقنية ثلاثية الأبعاد فتكون مؤلفة من عدة قطع من الورق على شكل مثلث نبدأ بتشكيل اللوحات لإضافة تفاصيل أكثر للقطعة الواحدة وتحقيق أشكالٍ مميزة».
الأوّل من نوعه
يصنع "السعدي" من الورق شخصيات كرتونية، حيوانات، أبطالاً خارقين، أشياء من الطبيعة، أو (بورتريه) لمشاهير أو أشخاص مقربين منه، محاولاً إيصال رسالة مفادها القدرة على نقل الأفكار والمشاعر بأشكال ولوحات بسيطة، متسلحاً بقدرته على التميز وتجاوز الصعوبات في هذا المجال مؤمناً بأنه ليس من السهل تحقيق أي هدف في هذه الحياة دون العمل.
وحول مشاركاته يقول: «شاركت بعدة معارض منها معرض فردي كان باسمي، حقق شهرةً كبيرةً واحتاج مني لكثير من الجهد وتم توثيقه من قبل وزارة الثقافة بأنه أول معرض لهذا النوع من الفن في "سورية"، وتم تصنيفي من قبلهم بأنني الفنان الأول الذي يعمل بهذا الفن ضمن نطاق أساسيات وتصاميم خاصة، وتضمن المعرض اثنين وتسعين شكلاً ثلاثي الأبعاد وأربع لوحات وأحضّر حالياً لمعرضي الثاني».
تعليم فن "الأوريغامي"
أقام "السعدي" عدة دورات تدريبية لتعليم فن طي الورق، الهدف منها نشر هذا النوع من الفن بين مختلف الفئات العمرية من الصغار والكبار، لخلق ما هو مميز في هذا المجال متبعاً خطوات تدريجية لتعليم المتدربين، يشرح عنها بقوله: «أبدأ بتعريفهم بفن طي الورق وكيفية إدخاله إلى فن العمارة أو إلى حفلات الأطفال، ثم الحديث عن أساسيات ومبادئ "الأوريغامي" وكيف نصنع بالورق أشكالاً متميزة، وتتضمن الدورات مراحل الطي وتعليم تصميم أشكال ثنائية وثلاثية الأبعاد وأساسيات تصميم البورتريهات، ودمج أشكاله ببعض أشكال المثنيات المعمارية، واستطعت تدريب حوالي مئة وثلاثة وعشرين طالباً خلال صيف عام 2021 كان من بينهم طلاب من كلية الهندسة المعمارية، وحقق التدريب نتائج مثمرة».
كثير من الشغف
من جهتها المهندسة المعمارية "مايا جحا" تقول: «"غيث" فنان مبدع اعتمد على نفسه، وبذل كثيراً من الجهد ليحقق النجاح، تتميز أعماله بكثير من الشغف وقدرته الدائمة على تطوير نفسه، يصنع مجسمات جميلة جداً وهو ما زال في هذه السن، يحاول أن ينشر هذا النوع من الفن في "سورية" لأنه مفيد في مجالات معينة مثل الهندسة المعمارية وغيرها».
نشير إلى أنّ الفنان الشاب "غيث السعدي" من مواليد "دمشق" عام 2003، شارك بأكثر من معرض مشترك داخل "سورية" ولديه معرض فردي خاص أقيم في المركز الثقافي بـ"المزة" ومعارض أخرى "أون لاين" وجرى اللقاء معه بتاريخ 7 شباط 2022.