لعلّه وبإحساسه العميق كان يشعر بأن رحلته في هذه الحياة قصيرة، فكان دائم النشاط يسابق الزمن لإنجاز أعماله ولتجسيد أفكاره على أرض الواقع، وافته المنية بعمر صغير ولكنه ترك إرثاً فنياً جميلاً وانطباعاً أجمل لدى كل من عرفه.

الحديث عن الفنان الراحل "سليمان شكيب واكد" من مواليد محافظة "السويداء" عام 1979.

سليمان هو أكبر إخوته الشباب، منذ طفولته امتاز بالطموح والتصميم على تحقيق الهدف، تقدم عدة مرات للمعهد العالي للفنون المسرحية ورغم رفضه إلا أنه بقي مصمماً على تحقيق هدفه، لا أنكر أنني انتقدت توجهه لتدريب واحتراف الرقص التعبيري ولكن أعماله التالية التي أثبت فيها جدارة كانت أكبر دليل على صحة اختياره

مسيرة احتراف

شقيقة "واكد" الإعلامية "يمامة واكد" تحدثت لموقع مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 20 شباط 2022 عن أبرز المحطات في حياة "سليمان" بالقول: «درس "سليمان" التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بـ"دمشق" وتخرج عام 2001، تقدم إلى قسم الرقص الكلاسيكي بدلاً من التمثيل، وأصبح محترفاً خلال وقت قصير، ليستثمر هذا التميز أولاً بالعمل مع فرقتي "إنانا" وأورنينا"، ثم أسس فرقة "سما" للرقص التعبيري، لتبدأ رحلة الأنشطة المميزة حيث شارك في العديد من العروض المسرحية التمثيلية التي تعتمد على الرقص التعبيري وأهمها عرض "الدومري" في دار الأسد للثقافة والفنون في "دمشق"، إضافة إلى التدريب على الرقصات في العرض المسرحي الراقص "مدينة الأحلام" الذي عرض في "دمشق" وعرض "مملكة النحل"، هذا بالإضافة إلى تأليف العروض الخاصة بالأطفال وتدريب الرقصات فيها أيضاً».

الفنان "سليمان واكد"

لم يقتصر نشاط "واكد" على العروض التي قدمها داخل القطر، إذ قدم عدداً من العروض في الخارج قبل سفره إلى دولة "الإمارات العربية المتحدة" وعن ذلك تقول "يمامة": «شارك ببطولة عمل "ميوزيكل" في افتتاح مهرجان "الفجيرة" للمونودراما، كما شارك مع موقع "السوريون في الإمارات" في الإنتاج والتمثيل والرقص التعبيري في فيلم عن تحقيق الذات والطموح بعنوان "صدق حلمك"، كان يمضي ساعات طويلة في التدريب لتطوير مهاراته وقدراته، تلك التي استثمرها للسفر إلى "روسيا" عام 2010، وتأسيس فرقة "خيال" للرقص التعبيري بالإضافة إلى مدرسة للرقص، عمل مدرباً فيها لمدة أربع سنوات ثم انتقل بعدها الى دولة "الإمارات" في عام 2014».

رحلة الاغتراب

بعد استقرار "سليمان واكد" في "الإمارات" قدم أعمالاً مميزة واستطاع النجاح بفترة قصيرة، من أصدقائه المواكبين لنشاطه ونجاحه في المغترب "سيزار عبد" الذي يعمل مدير إنتاج في مجموعة MBC حدثنا عن الراحل "واكد" بالقول: «بعد استقرار "سليمان" بالإمارات بدأنا العمل معاً، لم يقتصر مجاله العملي على الدراما مثلي فهو يعمل في المسرح والصوت ويمتلك عدداً كبيراً من القدرات، وهذه المهارات لديه إضافة إلى ما أمتلكه جعلتنا ثنائياً مميزاً، وخلقت بيننا تآلفاً وتوافقاً في العمل، "سليمان" من النوع الذي يجتهد لخلق فن حقيقي يدرس العمل من جوانبه كافة ويبحث عن جوانبه الجمالية، مهتم بالتفاصيل وخياله خصب».

صورة تجمعه مع صديق العمل سيزار عبد

يتابع "عبد": «تنقلنا بين عدة أعمال قبل الاستقرار النهائي في قناة "الفجيرة" بإنتاج البرامج وأصبح وجودنا بشكل يومي، متعة العمل مع "سليمان" تكمن في اقتراحاته الجميلة فهو يحلق بخياله عالياً يحفز الآخر على الإبداع ويحثه على إخراج أقصى طاقاته ومهاراته، ما يهمنا كان العمل بحد ذاته وليس الأشياء الثانوية كوضع أسمائنا على شارة العمل مثلاً، جميع من عمل معه يحبه ويذكره جيداً فهو يترك انطباعاً جميلاً لدى كل من عرفه».

رغم المرض

يستذكر الفنان "سيزار" فترة مرض "سليمان" وكيف قضى أيامه الأخيرة ويقول: «تعرض سليمان لصدمة كبيرة بعد وفاة والدته، فقد كان لوفاتها أثر كبير في فقدانه معنوياته وإحساسه بالضعف والانكسار في حينها، كان مرتبطاً بشكل كبير بعائلته، وهم جزء من يومياته لا ينقضي يوم دون سماع صوت والدته والتحدث معها.. وبعد وفاة والدته بفترة قصيرة اكتشف مرضه، وبدأ بالعلاج الكيميائي فوراً في فترة وباء كورونا والحجر الصحي، مُنعنا من زيارته ولكننا تابعنا التواصل معه بشكل يومي عبر وسائل التواصل، شهدت حالته تحسناً ملحوظاً قبل أن تعاود التراجع حتى وافته المنية، طوال فترة المرض والعلاج كان يمدنا بالطاقة ولم يتخلَ عن روحه المرحة، ولكنه القدر».

أحد العروض

بدوره يتحدث "شكيب واكد" والد "سليمان" عنه بالقول: «سليمان هو أكبر إخوته الشباب، منذ طفولته امتاز بالطموح والتصميم على تحقيق الهدف، تقدم عدة مرات للمعهد العالي للفنون المسرحية ورغم رفضه إلا أنه بقي مصمماً على تحقيق هدفه، لا أنكر أنني انتقدت توجهه لتدريب واحتراف الرقص التعبيري ولكن أعماله التالية التي أثبت فيها جدارة كانت أكبر دليل على صحة اختياره».

رصيد فني

في جعبة الراحل "سليمان" العديد من الأعمال المميزة والمهمة، فقد عمل كممثل في "الإمارات" بأعمال تراثية مثل "القياضة" و"قلب العدالة" و"قلبي معي"، بدايته كانت بمسلسل "مرسوم عائلي" في "دمشق"، وعمل كمصور وراقص ومخرج في العديد من الأعمال بالإضافة إلى دوبلاج وإخراج الكثير من الأفلام الوثائقية.

شارك في بطولة مسرحية بعنوان "تحولات" وحصدت خمس جوائز في مهرجان "الشارقة" المسرحي، كما شارك كراقص محترف في دورة الألعاب الأولمبية في "قطر".

عمل في تلفزيون "الفجيرة" كمنتج منفذ ومخرج منذ عام 2017، وشارك في العديد من الأعمال التي قدمت على قناة "الفجيرة" منها برنامج "بيت الفن" على مدار موسمين متتاليين، وتميز في الإخراج ومن أعماله برنامج "دخان بلا نار" و"عمالقة البحار" و"مشاوير" ومنتج منفذ في كل من برنامج "حكم العدالة" و"إلى المنصة" و"ملح وسكر" و"صوماً مقبولاً" و"أبشر بالخير"، آخر ظهور له بالملحمة التاريخية فيلم "خورفكان" الذي كان أحد أبطاله بمشاركة "رشيد عساف" و"قيس الشيخ نجيب".

هذا بالإضافة لمشاركته في افتتاح مهرجان "الفجيرة" الدولي "للمونودراما" في عام 2010».

بقي أن نذكر أنّ الفنان "سليمان شكيب واكد" سافر إلى العديد من البلدان العربية والأجنبية منها "إسبانيا" و"الجزائر" و"قطر" و"لبنان" و"تونس" و"ليبيا" و"روسيا"، قبل أن يستقر في دولة "الإمارات".

توفي عام 2021 بعد صراع مع مرض السرطان.