يقطع "زكي كريدي" من محبي سماع آلة "الربابة" مسافةً تتجاوز الـ35 كم من "القامشلي" ليصل إلى قرية "العمارة" ومنزل "ابراهيم الساير" تحديداً، ليعيش أجواءً استثنائيةً من التراث والفلكلور، وسط جلسات يومية فيها الشعر والأدب، وعزف للربابة، ومسابقات أدبية وحزازير شعبية، وأجواء اجتماعية استثنائيّة.

لمّةٌ وولائم

يقول "كريدي" في حديثه لمدوّنة وطن "eSyria": «متشوق جداً لمثل هذه الطقوس التي افتقدناها لسنوات كثيرة، خاصة في سنوات الحرب على بلدنا، وقبل ذلك أيضاً، هي مناسبة مهمة للحفاظ على تراثنا الفني والأدبي وطقوسنا الاجتماعيّة، يتوافد لمنزل "إبراهيم الساير" وفود من قرى ريفية مختلفة، ومن مدينة "القامشلي" بشكل شبه يومي، وأبناء قريته لا يفارقون منزله، فهو يجيد العزف على عدّة آلات موسيقية، كالربابة والبزق والناي، بالإضافة للشعر بأكثر من نوع، و"الساير" أيضاً مبدع في موضوع الحزازير، ويعطي نكهة للمجلس الريفي الجميل في منزله، يصل الأمر أن تقدم الولائم للضيوف والزوّار، لكي يحافظ على كل التقاليد والعادات التي سمعناها وعشناها في قرانا الريفية بشكل خاص».

يشاركني في هذه الجلسات عدد من الأهالي في القرية، وهم أيضاً يشجعون ويساعدون لإنجاز تلك الجلسات، في كل عمل توجد فكرة وعبرة، سواء العزف الذي نسعى ليكون تراثياً وفلكلورياً، كذلك الشعر والغناء، مثل هذه الأبيات الشعرية التي أقول فيها: " يا آدمي أعطيني الصدق فيه نجاتي...العمر يخلص لحظة صاح داعيه..الناس الها أوصاف ..ولي صفاتي..مبدئي حمد الله وشكرو..إكرام من الله لبس عباتي"، طبعاً ما يكون أجمل في تلك الجلسات عندما يوجد أكثر من شخص يهوى الشعر وتبدأ المنافسة شعراً

طقوس ٌتراثيّةٌ

كثيرة هي القصص والمواضيع التي يجري تداولها في تلك الجلسة التراثية الريفيّة، وإلى جانب العناوين الأدبية والفنيّة، هناك حديث شبه دائم عن الخيول العربية الأصيلة، والعادات والتقاليد المثالية، ويسرد كبار السن قصصاً وأحداثاً شهدتها المنطقة، ولا تحفظها إلا ذاكرة كبار السن، وتتم فيها مناقشة قضايا ومواضيع مفيدة للمجتمع.

الساير مع ربابته

يرافق "محمد مجيد" مجموعة من أصدقائه إلى منزل "الساير" في قرية "عمارة" للأسباب التي ذكرها رفيق دربه "كريدي"، فهو من محبي سماع العزف على كل آلة تراثية قديمة، ويختار ذلك المنزل لوجود أشياء مميزة فيه، يقول عنها: «من يتمعن بتفاصيل منزل "إبراهيم الساير" يجده مزيناً ببعض الأدوات التراثية القديمة، خاصة المتعلقة بتجهيز القهوة العربية والمطبخ وأدوات الإنارة كالفانوس، حتّى تجهيز القهوة العربية، يصنعها ويجهزها أمام الزوّار، ضمن أجواء وطقوس جميلة جداً، تعطي الراحة والهدوء للضيف، كل شخص يزور ويتمعن في تلك الأجواء بالمرة الأولى، لا يمكنه إلا أن يكررها، وبشكل دائم، يسجل له تصديه لإحياء هذه الأمور الفنية والاجتماعية، فقد كانت شبه منسية، أحياناً كثيرة ننتظر العطلة الرسمية لنتجه صوب ديار قرية "عمارة"».

عزفٌ وشعرٌ

يجتهد ويعمل "إبراهيم الساير" بأمور وتفاصيل كثيرة قبل موعد وصول الزوّار، بحيث تكون السهرة مميزة من النواحي كافة، وقد باتت السهرة بشكل يومي في منزله، يجد سعادته وراحته في زيارة الأصدقاء، وأكثر حرصه أن يصله الضيوف من المناطق البعيدة خاصة من المدن والبلدات، وفي الكثير من المرات يتواصل معهم ليدعوهم إلى السهرات الطيبة حسب كلامه.

ضيوف السهرة من القامشلي

يختار "الساير" أجواء منتقاة ذات فائدة ومعنى، سواء في الشعر أو العزف، ويقول: «يشاركني في هذه الجلسات عدد من الأهالي في القرية، وهم أيضاً يشجعون ويساعدون لإنجاز تلك الجلسات، في كل عمل توجد فكرة وعبرة، سواء العزف الذي نسعى ليكون تراثياً وفلكلورياً، كذلك الشعر والغناء، مثل هذه الأبيات الشعرية التي أقول فيها: " يا آدمي أعطيني الصدق فيه نجاتي...العمر يخلص لحظة صاح داعيه..الناس الها أوصاف ..ولي صفاتي..مبدئي حمد الله وشكرو..إكرام من الله لبس عباتي"، طبعاً ما يكون أجمل في تلك الجلسات عندما يوجد أكثر من شخص يهوى الشعر وتبدأ المنافسة شعراً».

زارت مدوّنة وطن "eSyria" المكان بتاريخ 16 كانون الثاني 2022 وأجرت اللقاءات السابقة في تلك الجلسة التي حضرتها مدوّنة وطن.