على بعد سبعة كيلومترات إلى الشرق من قرية "عرمان" وفوق كتلة صخرية متدرجة الارتفاعات تتجاوز مساحتها 10 دونمات تبرز معالم أبنية أثرية قديمة سكنية وخدمية ترنو العيون إليها حين الوصول إليها، هناك لا تزال حجارة قرية "مجدل الشور" تحكي الكثير عن أبنية معمارية قديمة تعود للعهد النبطي ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم.

أبنيةٌ طابقيّةٌ

يقول الباحث الأثري "وليد أبو رايد" رئيس دائرة الآثار بالسويداء لموقع مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 9 كانون الأول 2021: «لا بدّ من وصف عام للموقع، إذ بدأت البعثة الأثرية أعمال المسح الأثري في الموقع انطلاقاً من حدوده الشمالية، حيث ظهرت آثار لمجموعة من الأبنية المهدمة بشكل كامل امتدت من الغرب باتجاه الشرق، وبعرض تراوح بين 15 إلى 25 متراً، بحيث تراكمت الحجارة البازلتية التي تنوعت بين مشذبة بشكل متقن ومشذبة بشكل عشوائي فوق بعضها البعض وعلى ارتفاعات تجاوزت المترين، وقد برز من بين هذه التراكمات آثار لامتداد جدران تحدد فراغات معمارية تنوعت بين صالات وممرات وغرف صغيرة، بدءاً من منتصف الموقع وعلى امتداد الاتجاه شرق – غرب».

هناك مجموعة من الأبنية التي تم توثيقها، فقد قامت البعثة خلال عملها بتوثيق عدد من الأبنية الأثرية في موقع "مجدل الشور"، وذلك من خلال تقديم وصف تفصيلي لكل بناء من هذه الأبنية وتصويره ورسم ورفع معالمه وتخريجها على شكل مخططات لمساقط هندسية

ويضيف الباحث: «تتوزع الأبنية الأثرية ذات الارتفاعات الطابقية المختلفة ابتداء من طابق واحد وصولاً إلى خمسة طوابق على جوانب الشوارع المستقيمة التي بدت على شكل أزقة يتراوح عرضها بين 2.5 إلى 3 أمتار، وقد تنوعت هذه الأبنية بين سكنية تضم في طابقها الأرضي مجموعة من الغرف التي خصصت لتربية المواشي، وهي موزعة حول فسحة سماوية "باحة" تعلوها غرف للمعيشة والنوم، ومن جهة أخرى تظهر الأبنية الخدمية التي كانت على شكل مستودعات لتخزين المواد والمنتجات، وقد تكونت من عدة طوابق ذات مسقط مستطيل الشكل لا يتجاوز عرضه المترين إلى المترين ونصف المتر، أما في الحدود الجنوبية الغربية من الموقع فيلاحظ وجود بركتين كانتا تحبسان مياه الأمطار فيهما، وقد استخدمتا كمصدر رئيسي لتزويد الموقع بالمياه».

الباحث الأثري وليد أبو رايد

تقنيات بناء

جانب من الأبنية

الباحث بين الحجارة البازلتية في "مجدل الشور" وخاصة في الأبنية المعمارية القديمة الموجودة والعائدة لعصور غابرة، يشعر بالأهمية المعمارية وتقنية البناء المستخدمة، وهنا يشير الباحث الأثري "خلدون الشمعة" إلى استخدام الحجارة البازلتية كمادة أساسية في البناء، وقد تنوعت بين حجارة ملساء مشذبة بشكل متقن نُفذت فيها حواف فتحات الأبواب والنوافذ وعتباتها، بالإضافة إلى أقواس القناطر وبعض الميازين التي تحمل الأسقف وهي نادرة في الموقع، وحجارة مشذبة بشكل بسيط بنيت منها الجدران على شكل مداميك ذات لبنتين داخلية خشنة وخارجية شبه ملساء وبعرض تراوح بين 85 إلى 100 سم، بالإضافة لاستخدام هذه الحجارة وبأبعاد تتراوح بين 100 إلى 200 سم كربدات للأسقف، كذلك استخدام المونة الكلسية كطبقة لطلاء الوجه الداخلي للجدران، أو لسد الفجوات بين المداميك.

وظيفةٌ معمارية

وبالنسبة للعناصر الزخرفية ذات الوظيفة المعمارية كالأعمدة والتيجان والنوافذ المزخرفة يبين "الشمعة" أنها كانت نادرة في الموقع بحيث لم تلاحظ سوى أمثلة قليلة جداً منها، وقد وجدت منقولة في أحد البيوت الحديثة المجاورة للموقع، وأيضاً بالنسبة للمنحوتات الحجرية التي لم يعثر في الموقع على أي مثال ولا يزال محفوظاً إلى الآن، ما يدل على وجود منحوتات حجرية استخدمت كعناصر زخرفية باستثناء نحت نافر لنسر بوضعية المواجهة، رأسه يتجه نحو اليسار وجناحاه مفتوحان قليلاً على جانبيه، وقد نفذ هذا النحت على أحد سواكف الأبنية الواقعة في الجهة الشرقية من الموقع، وحجر منقول على واجهة أحد البيوت الحديثة المجاورة للموقع، وكان على شكل زخرفة هندسية لصلبان معكوفة متداخلة.

الباحث الأثري خلدون الشمعة

ويختم الباحث حديثه بالقول: «هناك مجموعة من الأبنية التي تم توثيقها، فقد قامت البعثة خلال عملها بتوثيق عدد من الأبنية الأثرية في موقع "مجدل الشور"، وذلك من خلال تقديم وصف تفصيلي لكل بناء من هذه الأبنية وتصويره ورسم ورفع معالمه وتخريجها على شكل مخططات لمساقط هندسية».