إلى جانب عربته الخشبية التي تضمُّ تشكيلةً متنوعةً من الحلويات الشعبية "الحلبية"، يقف "قدري عبد الرزاق شربجي" في إحدى زوايا السوق الرئيسي بمدينة "القامشلي"، يتوافد عليه زبائن من الريف أيضاً لشراء حلوياته اللذيذة.

ذكريات كثيرة يحملها "قدري" مع تلك العربة التي باتت جزءاً من حياته اليومية، فهي مورد رزقه الذي ورثه عن والده ومنحه لأبنائه.

تعرفت على العم الطيب من خلال والدي، كان يزوره بشكل دائم، حلوياته طيبة ولذيذة جداً، وهو متواضع ومحبوب، عندما أزوره أجد حوله أناساً قادمين من أحياء مختلفة من "القامشلي" ومن قرى مختلفة، ذلك المكان الصغير الذي تقف فيه عربته الخشبية المتواضعة، جمع ويجمع الكثيرين، محبته في قلوب كل من عرفه

علامةٌ فارقةٌ

يقول "قدري شربجي" خلال حديثه مع مدوّنة وطن "eSyria": كان والدي يصنع ويبيع الحلويات في مدينة "حلب"، ارتبطت بالعمل جنباً إلى جنب مع والدي، حتّى عندما غادرنا مدينتنا باتجاه مدينة "القامشلي" ، كان عمري حينها 15 سنة، صنع والدي اسماً مميزاً له بصناعته للحلويات في "القامشلي"، أنا أيضاً من خلال والدي اكتسبت خبرة واسعة في هذه المهنة، حتّى أنني وخلال فترة قصيرة أصبحت أعتمد على نفسي في تجهيز أشهى وألذ أنواع الحلويات».

حلويات بنكهة الحلويات الحلبية

اتّخذ "قدري" قراراً بعد فترة قصيرة من وصوله "للقامشلي" بأن يصنع لنفسه اسماً في تلك المهنة، مستعيناً بعربة خشبية فقط، يضيف بحديثه عن هذا الأمر: «عام 1970 اشتريتُ عربة خشبية مغلقة، بحيث أضع داخلها أنواع الحلويات المطلوبة للشراء، في تلك الفترة كانت دور السينما عامرة والإقبال عليها كبير، كنت أقف لساعات بجانب عربتي، وكان الشباب والكبار والنساء يأتون لشراء الحلوى، ومع مرور الزمن أصبح وجودي علامة فارقة للمكان، وباتت العلاقة الاجتماعية أيضاً تتطور مع الغالبية من زبائني، حتّى أنهم باتوا يمرون لإلقاء التحية والاطمئنان علي دون شراء الحلويات أحيانا».

51 عاماً

لم يفارق أزقة وزوايا السوق منذ عام 1970 حتّى تاريخه، يتوافد نحو عربته الخشبية الرجال والنساء، تربطهم به علاقة عمرها سنين طويلة، ويصر "قدري" على إنجاز وصناعة الحلويات بشكل يومي، ليقدمها "تازة" حسب وصفه لزبائنه وهم كثر وأغلبهم من الطبقة المثقفة، كالأطباء والمهندسين والتربويين وغيرهم الكثير.

علاقات اجتماعية قبل بيع وشراء الحلويات

ويتابع بالقول: «بعد تأمين المواد وما يلزم لتجهيز كل أنواع الحلويات من بقلاوة وهريسة وشعيبيات وغيرها من السوق، أذهب إلى المنزل لتحضيرها وتصنيعها، مع الصباح الباكر أتجه مع العربة إلى زاويتي المخصصة لي منذ سنين بعيدة، وذلك بعد توقف دور السينما والعمل فيها، أقف في ذلك المكان ويأتي إلي زبائني ومن يرغب بقطعة حلوى من عربتي، لا أفكر بالمال نهائياً، من يريد التذوق وأخذ أي قطعة دون مال، فمن قلبي أقول له "صحة وعافية" مع ابتسامة عريضة، أبنائي أيضاً تعلموا هذه المهنة باحترافية كبيرة، بعد نيلهم شهادة التعليم الأساسي تفرغوا للمهنة بشكل كامل، فهي مورد رزقنا، ومن هذه العربة أعيش وعشت طوال السنوات الماضية، وأكثر من ذلك فقد تم تزويج أبنائي بفضلها وخيرها».

المكانُ نفسه

"حماد علي سالم" هو ليس الشخص الوحيد الذي يقطع مسافة طويلة من الريف إلى "القامشلي"، للتلذذ بقطعة حلوى من عمه "أبو عبدو" حسب قوله، ويضيف: «تعرفت على العم الطيب من خلال والدي، كان يزوره بشكل دائم، حلوياته طيبة ولذيذة جداً، وهو متواضع ومحبوب، عندما أزوره أجد حوله أناساً قادمين من أحياء مختلفة من "القامشلي" ومن قرى مختلفة، ذلك المكان الصغير الذي تقف فيه عربته الخشبية المتواضعة، جمع ويجمع الكثيرين، محبته في قلوب كل من عرفه».

"قدري" من مواليد "حلب" 1952، وقد أجري اللقاء معه بتاريخ 12 كانون الأول 2021.