يعدُّ "خان السلطان" في "سلمية" امتداداً للحمام الأثري القائم حالياً وملاصقاً له، ويبعد 15 متراً جنوباً عن الجزء المتبقي من جدار قلعة "سلمية" وسط المدينة الحالي، وشرق الجندول على طريق "حمص"، وقد كان مكاناً لفض النزاعات بين المتخاصمين والجيوش المتحاربة واستراحة للمسافرين، تعرّض للخراب نتيجة الغزوات والحروب والزلازل التي تعرضت لها المنطقة تاريخياً، وفي 2014 أعاد "أيمن المربط" ترميمه ليحوله لمقهى تراثي وثقافي واجتماعي.

"سلا ميس"

يقول الباحث التاريخي "نزار كحلة" في حديثه للمدوّنة: "تأتي أهمية "سلمية" من موقعها، فقد كانت أهم طرق التجارة الإجبارية المتجهة من الشمال نحو الجنوب، ومن الساحل السوري في الغرب وباتجاه الشرق في الداخل، وفيها عشرات التلال الأثرية (أكثر من أربعين تلاً أثرياً) المتناثرة في ريف المدينة، القريب والبعيد، وهناك تلٌ أثري يكاد يكون في منتصف المدينة "تل الغزالة" وتل "الشيخ علي"، فضلاً عن وجود العشرات من أقنية الري الطبيعية والصنعية المتجهة من الشرق والجنوب الشرقي باتجاه الغرب والجنوب الغربي، وهي من أهم مشاريع الري في التاريخ وتعود لبداية العصور الميلادية.

ويضيف الباحث: "تشكل "سلمية" مع "حماة" وحمص" مثلثاً متساوي الساقين، وفيها كانت تقام فعالية مملكة "قطنة" في النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد، وكانت فعالية مملكة "حماة" الآرامية في النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد، وحسب "ياقوت الحموي": (سماها "الإسكندر المقدوني" "سلا ميس" تيمناً بـ"سلا ميس" في بحر إيجة ومعركة سلا ميس كانت 480 قبل الميلاد مع الفرس).

أيمن المربط مصمم ديكور قسم ترميم قلاع وقصور

عاشقُ آثار "سلمية"

سليم الحموي توثيق تاريخي من شعبة الآثار

"أيمن المربط" 1964 مصمم ديكور في قسم ترميم القلاع والقصور عام 1994 يقول: <<عشقي لتراث مدينتي دفعني لترميم "خان السلطان" -البالغة مساحته 105 أمتار ويقع في وسط المدينة مقابل الجندول على طريق "حمص"- وإعادة وجهه المشرق فقد كان يزعجني أنه تحول إلى مكب للنفايات، وفي 2014 تقدمت في مزايدة لمجلس مدينة "سلمية" لإعادة بنائه وترميمه واستثماره، علماً أنه كان مهدماً بنسبة 90% ورست المزايدة عليّ بإشراف شعبة الآثار والمتاحف في "سلمية" وخلال ثلاثة أشهر أنهيت ترميمه وعاد بحلته التاريخية ليكون شاهداً على عظمة تاريخ منسي ومهمل، وليكون مقهى تراثياً ومخصصاً للفعاليات الثقافية والاجتماعية، حيث كان له دور كبير في دعوة الكثير من الأدباء والمفكرين والمحاضرين من "سورية" وخارجها>>.

شهادةٌ على الحدث

"علي قنوع" 1944 إجازة في الحقوق 1988 وعضو سابق في مجلس مدينة "سلمية" يقول في حديثه للمدوّنة: <<كانت منطقة "خان السلطان" مهدمة كلياً تقريباً ومكباً للنفايات وتتوزع فيها أكواخ قديمة وعربات بيع، وتقع في وسط المدينة، فكان لا بدّ من حل لهذا الواقع السيئ وقررنا في مجلس المدينة إعلان مزايدة لإعادة ترميم "الخان" ورست على "المواطن "أيمن المربط" الذي أنجز المشروع في وقت قياسي وتحول لمكان اجتماعي وثقافي يتردد إليه الزائرون لمشاهدة المناطق الأثرية والسياحية وفي مقدمتها "خان السلطان">>.

الباحث التاريخي نزار كحلة

ويبين "سليم الحموي" 1979 معهد آثار ومتاحف وموظف في شعبة الآثار في "سلمية": <<أن "خان السلطان" هو جزء من مدينة "سلمية" القديمة لأنه امتداد للحمام الأثري الروماني فيها، وأثناء التنقيب والحفريات التي تمت للكشف عن تاريخ هذا البناء، تبين أن أساسه كان يمتد لأسفل طريق "حمص" باتجاه الغرب، ويعود للعصر الأيوبي وطرازه للعهد المملوكي، وقد بني من الحجر البازلتي بسبب أن المنطقة ككل هي عبارة عن فيضة بركانية وتعود لـ14 مليون سنة، وقد كان الخان نزلاً للمسافرين وخيولهم أو للتجارة، كمعظم الخانات التي بنيت بجانب الحمامات ويقع في مركز المدينة وأعيد ترميمه من قبل "أيمن المربط" عام 2014 ليستثمر الجزء المتبقي منه>>.

أجري هذا اللقاء في 5 كانون الأول 2021