استطاعت المعلمة "لين طيفور" تطوير أدواتها وتعزيز قدراتها في مجال التعلم الذاتي باتباع الدورات وتطبيق استراتيجيات التعلم النشط مع طلابها، متسلحةً برسالتها التربوية في تنشئة جيل واعٍ قادر على التفاعل مع مجتمعه والتأثير فيه.

مدوّنة وطن تواصلت مع معلمة الصف الثاني في المدرسة "الوطنية السورية" الخاصة لتقف معها على محطات من تجربتها في المجال التربوي ودوافعها لدخول المجال التدريسي وميلها الباكر للمهنة.

كل معلم يتعرض في بداية رحلته التعليمية للكثير من الصعوبات ولكن المعلم الناجح المؤمن برسالته يتجاوزها ويستطيع الدخول لقلب كل طفل بالحب والاهتمام وإشعاره بالأمان

منذُ الطفولة

تقول "لين" : «كانت مهنة التعليم منذ الطفولة هواية أمارسها في المنزل، لن أنسى كيف قام والدي بصنع سبورة خشبية كبيرة بحجم سبورة المدرسة لكي أمارس هوايتي، كنت أُجلسُ إخوتي الصغار وأقوم بتمثيل دور المعلمة، وفي الصف السادس الابتدائي كانت أروع تجربة بالنسبة لي عندما طُلب منّي الدُّخول إلى الصّفّ الأوّل والاهتمام بالأطفال ريثما تأتي معلمّة الصف وعند قدوم المعلمّة "زبيدة" تفاجأت كثيراً بالمشهد لأنَّها وجدتني أعطي الأطفال أشكال الحروف على السبورة، وقد دفعني شغفي بتدريس الأطفال والعمل معهم إلى هذا المجال بشدة حيث بدأت العمل كمعلمة في سنة 2009 للصف الثاني الابتدائي ولجميع المواد باللغة العربية».

شهادة تقدير

وتتابع بقولها: «رسالتي هي تنشئة جيل قادر على التفكير السليم واتخاذ القرارات، معتمد على نفسه، مبدع، متميّز، منتمٍ لوطنه، قادر على التعامل مع أدوات التكنولوجيا، منتج ومتفاعل في المجتمع، يتحلى بالأخلاق الحميدة».

حضورٌ وتكريم

شاركت المعلمة "لين" في مسابقة المواقف التعليمية على مستوى "سورية" في مجال تعويض الفاقد التعليمي من خلال المنصات التربوية وحول ذلك تقول: «حاولت تعويض الفاقد التعليمي عن طريق صنع فيديوهات كرتونية تعليمية للمواد الدراسية وألعاب إلكترونية، بحيث أستطيع إيصال المضمون والهدف من المادة للطفل وتمّ نشرها عن طريق يوتيوب المدرسة "الوطنية السورية الخاصة" والمنصات التربوية السورية وقناتي الخاصة على "اليوتيوب"، وحصلت على عدة شهادات شكر وتكريم في هذا المجال؛ التكريم الأول من مدير المركز "الوطني لتطوير المناهج التربوية" سابقاً د."دارم الطباع"، عندما حصلت على المركز الثالث في مسابقة المواقف التعليمية على مستوى "سورية" للعام 2019، وكانت مشاركتي من خلال فيديو تعليمي قصير بعنوان "قصة حروف العطف"، والتكريم الثاني من الوزير السابق "عماد العزب" وذلك للمساهمة في تعويض الفاقد التعليمي من خلال المنصات التربوية السورية بتاريخ الخامس من أيار 2020، والتكريم الثالث من مديرية التربية في "ريف دمشق" بتاريخ الثالث من شهر حزيران 2020».

أثناء التكريم في المسابقة

تصف المعلمة "لين" دعوتها لمشاهدة إطلاق المنصة التربوية ثلاثية الأبعاد بأنها من أروع التجارب التي قامت بها حيث أعطت درساً تعليمياُ بمشاركة طلاب من المدرسة "الوطنية السورية" في منصة "دمشق" التربوية، وفيما يتعلق بأهمية المنصة تكمل بقولها: «تساعد على تقوية العلاقة بين التعليم والتكنولوجيا لدى الطفل وتقدم له معلوماتٍ إضافية غير دروسه، كما تعينه على رسم المعلومات الأوليّة الخاصّة بالتكنولوجيا ولا سيّما أنها مجانية ومتاحة للجميع».

دمجُ التكنولوجيا بالتعليم

تستخدم المعلمة "لين" بعض البرامج مثل "البور بوينت" و"ispring suite" وبرامج "الآندرويد" محاولةً استغلال ميل الأطفال للأجهزة الإلكترونية وتشرح لنا عن الألعاب التعليمية التي تصممها بقولها: «تتميز هذه الألعاب باستخدام شخصيات كرتونية محببة للأطفال وسهولة التعامل معها وخطها الواضح مع الضبط الصحيح للكلمات، مما يدعم القراءة الصحيحة لدى الطفل ويرغبه بها، كما أنها تحتوي مؤثرات سمعية وبصرية فهي تثير أكثر من حاسة لدى الإنسان ما يجعل التعلم أكثر تأثيراً، وتزيد الدافعية لدى المتعلم لأنها تشبع الميل الفطري لديه إلى اللعب، وهي تعدُّ بمنزلة تغذية راجعة لدرسه في الحصة وحالياً هي موجهة للصفين الثاني والثالث الأساسيين وسيتم تطويرها لتتماشى مع الصفوف الأعلى وهي تتوفر حالياً على (يوزر) المدرسة "الوطنية السورية الخاصة" التي تعمل على إغناء مهارات الطفل بإدخال (التابلت) واستعمال (اليوزر) الخاص به ولكنني أعمل على تطويرها لكي تصبح متاحة لكل الأطفال على الهواتف المحمولة كأي تطبيق إلكتروني آخر».

شهادة شكر

التعليمُ عن بعد

ترى المعلمة "لين" أنّ استخدام الألعاب الإلكترونية التعليمية في التعليم عن بعد ضروري لتحفيز التركيز والانتباه لدى المتعلم، بالإضافة إلى أنّ الألعاب تثير التأمل والتفكير وتساهم في تحسين التحصيل الدراسي وتشجع على نقل المعرفة بين المتعلمين ونشرها، إذ تعد على حد قولها من الأدوات التعليمية القوية؛ لأنها تخلق بيئة تعليمية متكاملة تركّز على المتعلم وتطور مهاراته المعرفية وتشرح عنها بقولها: «هي من أهم الوسائل التعليمية الحديثة، والسبب في ذلك يعود إلى عدة ميزات، فهي من أكثر الوسائل التعليمية تشويقاً وجذباً، وتتيح إمكانية استخدام مؤثرات سمعية وبصرية، وتثير أكثر من حاسة لدى الإنسان مما يجعل التعلم أكثر تأثيراً، وتزيد الدافعية لدى المتعلم لأنها تشبع الميل الفطري للمتعلم إلى اللعب، ومن أكثر الوسائل التي تثير التفكير لدى المتعلم وتعمل على زيادة نموه العقلي خاصة التفكير الإبداعي، وتوفر الأمن والسلامة للمتعلم».

التدرجُ في تقديم المعلومة

من أهم الأشياء التي يجب على كل معلم أن يقوم بها هو أن يقوم بتحضير الدرس لكل المراحل العمرية قبل البدء بشرحه، وتشرح عن مراحل إعطاء الدرس أكثر بقولها: «نبدأ الدرس بإثارة الدافعية عند الطفل، وتكون من خلال ألغاز ثم ننتقل إلى تقديم محتوى المادة التعليمية للأطفال بوسائل تختلف حسب الدرس حيث ننتقل من الحسي إلى الشبه الحسي إلى المجرد، ويبدأ التقويم المرحلي للتأكد من ثبات المعلومة لديه ويكون عن طريق العمل الجماعي على طاولات تسمى "سنترز" للأطفال للتشجيع على التعلم التعاوني وبعض الألعاب الحركية ثم ننتقل للتقويم النهائي ويكون عبارة عن ألعاب تنافسية بين الفرق تهدف لإثارة روح التنافس بين الأطفال».

تطور المعلمة "لين" إمكانياتها من خلال دورات تدريبية تجريها المدرسة التي تدرس بها كل عام ومن خلال التعلم الذاتي عبر اليوتيوب والندوات التفاعلية لكنها ككل معلم تواجه بعض الصعوبات فتقول: «كل معلم يتعرض في بداية رحلته التعليمية للكثير من الصعوبات ولكن المعلم الناجح المؤمن برسالته يتجاوزها ويستطيع الدخول لقلب كل طفل بالحب والاهتمام وإشعاره بالأمان».

إيصالُ المعلومة بسلاسة

من أهالي الطلاب تواصلنا مع "ديمة عيارة" والدة الطفل "آدم موسى" من طلاب الصف الثاني والتي تقول: «من خلال حضور جلسات التعليم عن بعد إلى جانب ابني "آدم" عبر منصة المدرسة "الوطنية السورية" الخاصة لفتتني المعلمة "لين" بأدائها المتميز جداً بترسيخ المعلومة لدى الطفل من ناحية الأسلوب الصوتي المتناغم أثناء إعطاء الدرس واعتماد أغانٍ بسيطة تتناسب مع مستوى الطفل الإدراكي بحيث توصل المعلومة بطريقة سلسة جداً منذ بداية الدرس حتى نهايته دون الحاجة إلى التكرار، وبعد الدوام المدرسي يستمر ابني بتكرار الأغاني التي تعلمها من معلمته عند عودته إلى المنزل وهو سعيد، ما يساعد على تثبيت المعلومة في ذاكرته عند حل وظائفه، وكذلك من خلال الألعاب التي يتم إرسالها من قبل المعلمة على (اليوزر) الخاص لكل طالب، وفي إحدى المرات أثناء غياب ابني "آدم" عن المدرسة كتب واجب اللغة العربية بخط اليد الذي عادة ما (يكون مطبوعاً على شكل ورقة عمل) بعد أن طلبت إرساله من قبل أحد الأمهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفوجئت في اليوم التالي بملاحظة المعلمة "لين" التي تتضمن شكراً خاصاً لي كأم على المتابعة فشعرت بالدعم المعنوي لتقديرها الجهد المبذول من طرفي كأم، نحن محظوظين بوجود مربية ومعلمة مثلها».

نموذجٌ يحتذى

تواصلنا مع "عبد القادر عموري" رئيس شعبة التوجيه التربوي في "ريف دمشق" الذي يقول: «المعلمة "لين" نموذج للمعلمة المتفانية في عملها التي تطبق استراتيجيات التعلم النشط مع طلابها بطريقة تفاعلية رائعة، وتعمل على دمج التكنولوجيا بالتعليم بأسلوب مشوّق ومحبب للأطفال، تعرفت إليها من خلال مبادرة أطلقتها في فترة الانقطاع عن الدوام المدرسي بسبب جائحة كورونا، وذلك من خلال عرض مقاطع تعليمية للدروس لتعويض الفاقد التعليمي، حيث أبدت مبادرة رائعة وتم نشر أكثر من فيديو من صنعها على صفحة مديرية التربية بريف دمشق، هي تستخدم الرسوم المتحركة المحببة للأطفال مستعينة بقدرتها على التلوين الصوتي لشد انتباه الطفل».

نشير إلى أنّ المعلمة "لين طيفور" من مواليد "دمشق" عام 1986، حاصلة على إجازة في التربية ورياض الأطفال من جامعة "دمشق" كلية التربية، وجرى اللقاء بتاريخ 13 كانون الأول 2021.