يتفقُ المشاركون في المعرض الرابع لمشاريع تخرّج طلاب كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة دمشق على ضرورة دعم المشاريع المتميّزة لتصبح مُنتجاً في سوق العمل، ولا سيما أنّ عدداً كبيراً منها مبنيٌ على الاحتياجات والإشكاليات المجتمعية الحالية، وقادرٌ على إحداث فرقٍ في الحياة العامة فيما لو وجد التمويل والمساعدة.

بدأت فكرة جمع مشاريع تخرّج طلاب كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في معرضٍ واحد عام 2018 بمشاركة 47 مشروعاً، لكنّ النتائج والمخرجات التي حققها المعرض، ولا سيما إقبال واهتمام الطلاب والأساتذة وعدد من الجهات الحكومية والخاصة، كان سبباً رئيسياً في الاستمرارية حتى وصل عدد المشاريع المشاركة في هذا العام "الموسم الرابع" إلى 140 مشروعاً، وتوزعت المشاريع بين كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بأقسامها إضافة إلى كلية الهندسة المعلوماتية والمعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا وعدد من الجامعات الخاصة تحت شعار "العمل لبناء سوريا الأمل".

يقول الدكتور محمد سعيد السابق عضو الهيئة التدريسية في الكلية ورئيس اللجنة التنظيمية للمعرض في حديث مع "مدوّنة وطن": لدينا 800 مشروعٍ متميزٍ أنجزها طلاب الكلية من مختلف الاختصاصات لكن صعوبة العرض دفعتنا لانتقاء الأفضل، وإن كانت المنجزات جميعها تستحق الانتباه والرعاية، ويضيف: وجهنا الطلاب للتعامل مع فكرة المشروع بطريقة أكثر فاعلية بحيث يبتعد الخريج عن التعاطي مع المشروع كمقرر دراسي يسعى للنجاح فيه فقط بل هو تطبيق فعلي للمعارف والمهارات التي تلقاها خلال سنوات دراسته، وبسبب الحصار المفروض على سورية وصعوبة الحصول على معدات وتجهيزات نحتاجها للعمل المخبري، وجهنا الطلاب أيضاً لعمل مشاريع تنفيذية ومُنتجات يمكن لجهات أخرى تبنيها وتسويقها أو تبقى لدينا في الكلية كتجارب مخبرية يستفيد منها زملاؤهم في السنوات اللاحقة، وهو ما حصل في قسم "هندسة السيارات".

مشاريع متنوعة

بدوره أكّد الدكتور فراس القطان المدرّس في قسم هندسة السيارات والآليات الثقيلة أن ازدياد عدد المشاريع المقدمة في الموسم الرابع للمعرض نتيجة جهد مشترك للطلاب والأساتذة المشرفين عليهم، وقال للمدوّنة: حين يشعر الطالب بأن جهده موضع تقدير واهتمام من قبل جهات علمية واقتصادية وإعلامية وغيرها، إضافة إلى ما تقدمه الكلية من جوائز رمزية وشهادات تقدير، فإنّه سيسعى لتقديم الأفضل وسيكون هذا حافزاً لطلاب آخرين لإنجاز مشاريع تطبيقية، بالطبع لا يُطلب من مشاريع التخرج تغطية فجوات لأنها في جوهرها تدريب للطلاب، ومع ذلك لاحظنا سعيهم لتقديم مشاريع خدمية من وحي ما يعيشونه، متمنياً أن تجد المشاريع رعاة للنشر على نطاق واسع مستقبلاً بحيث يُتاح للطلاب استثمار ما أنجزوه كنواة لشركات منتجة، والأهم أن الخريج الجديد لن يحتاج وظيفة من الدولة بل لديه مشروعه الخاص القادر على خدمتها.

الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية إحدى الجهات الداعمة للمعرض من خلال تزويد الطلاب بالتجهيزات اللازمة لعمل مشاريع تخرج في مجالي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وهندسة التحكم والحواسيب على سبيل الإعارة، بالإضافة إلى تعزيز عملية التدريب والتأهيل ورفع المهارات العلمية والمهنية من خلال إشراك الطلاب المشاركين بدورات تخصصية مجانية في مجال إعداد المشاريع وأدواتها الفنية ومساعدتهم في تشغيل هذه التجهيزات، يقول رئيس مجلس إدارة الجمعية المهندس محمد حسان النجار لـ"مدوّنة وطن": خلال عامين متتالين تم دعم ما يقارب 43 مشروع تخرج في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بقسميها الإلكترونية والاتصالات وهندسة الحواسيب والأتمتة ما سمح في تخفيض تكاليف ونفقات تجهيز مشاريع تخرج لأكثر من 120 طالباً، ونسعى لتوسيع هذه المبادرة على مساحة الجغرافية السورية.

فعالية سنوية متميزة

الطالبان في قسم هندسة السيارات والآليات الثقيلة "وضاح السنكري" و"محمد اليوسف" قدّما مشروعاً يسمح لمن بُترت إحدى قدميه بقيادة السيارات ذات (الغيار) نصف أوتوماتيك، يشرحان للمدوّنة: خلال السنوات الأخيرة فقد الكثير من العسكريين والمدنيين إحدى القدمين، عددٌ منهم لم يعد قادراً على الاستفادة من سيارته ذات الغيار العادي أو العمل على أي سيارة مشابهة لكسب الرزق، حاولنا التخفيف عنهم بتحويل (غيار) السيارة العادي إلى نصف أوتوماتيك عن طريق ميكانيزمات بسيطة لا تؤثر في المحرك، مشروعنا عبارة عن منظومة إلكترونية بسيطة وموثوقة بأسعار مقبولة، لن تشغل أي مساحة لأنها توضع تحت كرسي السائق.

يأمل السنكري واليوسف أن يُطبق مشروعهما على أرض الواقع ويستعدان للتوجه نحو الجمعيات المهتمة بذوي الاحتياجات الخاصة ومصابي الحرب لعرض فكرتهما عليها.

الدكتور فراس القطان

الطلاب في قسم الطاقات المتجددة "سوزان درويش"، "صفا عثمان"، "فاطمة الحمود"، "علي الطفيلية"، أنجزوا مشروعاً يحقق استفادة قصوى من ألواح الطاقة الشمسية التي يقبل عليها الناس حالياً بحيث يحصل المواطن على الكهرباء والمياه الساخنة في الوقت نفسه، ويضمن بقاء الألواح لزمن أطول، يقولون للمدوّنة: المشروع نظام كهرضوئي هجين، فيه نظام تبريد يتم تركيبه على ألواح الطاقة لتعطي كفاءة أعلى، يمكن لثلاثة ألواح أن تحقق النتيجة نفسها التي تحققها أربعة ألواح مع مياه ساخنة.

الطالبان في قسم هندسة الميكانيك العام "أشرف كحلوس" و"محمد مريري" استقيا فكرتهما من المعاناة اليومية في الحصول على جرة غاز، يقوم مشروعهما على استغلال النفايات الموجودة في البيوت والمزارع لعمل محطة توليد غاز، يوضحان للمدوّنة: يمكن توليد الغاز من روث الأبقار وتفل الشاي وبقايا الطعام، يمكن الاستفادة أيضاً من النفايات العضوية، بحيث تتخمر وتتحلل بواسطة بكتيريا وتفاعلات كيميائية، تسمح بإنتاج الغاز، قمنا كذلك بتنقية الغاز وضغطه وتجميعه في أسطوانة يمكن استخدامها، نحتاج مؤسسات داعمة تتبنى المشروع لخدمة البيوت والمحلات والمصانع، وكل من يلزمه الغاز للعمل.

في قسم هندسة الحواسيب قدّم عدد من الطلاب مشروعاً يحوّل الكلام إلى لغة الإشارة، فيما أنجز زملاؤهم مشروعاً يقوم بنفس العملية لكن بشكل عكسي، يمكن الاستفادة من كليهما للتواصل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ومن فقدوا السمع والنطق، وفي مشروع آخر اهتم الطلاب بالمناوبات الليلية في المستشفيات، وابتكروا روبوتاً مبرمجاً لتوزيع الأدوية على المرضى في حال تغيب أو انشغال الكادر الطبي لأي سبب.