انتشرت المكتبات في مدينة "سلمية" في وقت مبكر مع انتشار المدارس وحلقات التعليم التي كانت تقوم بتحفيظ القرآن الكريم، وتعليم الكتابة وازداد ولع أبنائها باقتناء الكتب واستعارتها.

وتميل مكتبات "سلمية" في الوقت المعاصر للتخصص إلى حد ما فعلى الرغم من شمولية بعض المكتبات إلا أن الأغلبية تضم في محتوياتها ما يخص عمل أو اهتمام صاحبها.

فمكتبة الباحث التاريخي"نزار مصطفى كحلة" هي مكتبة كبيرة ومتنوعة تغلب عليها الصفة التاريخية بحكم اختصاص صاحبها، ومكتبة الباحث التاريخي "أمين محمد قداحة" هي أيضاً مكتبة تاريخية بامتياز بحكم اختصاص صاحبها، أما مكتبة الأديب "محمد عزوز" فهي مكتبة أدبية كبيرة وهو صاحب الصالون الأدبي العريق، بينما مكتبة الباحث "علي أمين" فهي منوعة وغنية في مجالات المعرفة البشرية، ومكتبة نادي "الشواف" وهي مكتبة منوعة تحتوي على أكثر من 200 كتاب جميعها قدمت تبرعاً من الأعضاء.

حسين الحاج مؤسس مكتبة دار سلمية للكتاب

عامة وخاصة

ردينة زيد أمينة مكتبة المركز الثقافي

يقول أمين مكتبة المجلس الأعلى "شادي أبو حلاوة" الحاصل على إجازة في المكتبات والمعلومات من "دمشق" 2001 :<< تنتشر المكتبات العامة والخاصة التجارية بشكل ملفت في "سلمية" أما المكتبات المنزلية فلا يكاد يخلو بيت منها، ولا يمكننا الإضاءة على كل المكتبات وخاصة المنزلية لكثرتها وسنكتفي ببعضها التي أثرت في المشهد الثقافي والتربوي ومنها: مكتبة المجلس الأعلى الإسماعيلي في "سلمية" وهي تفتح بابها لاستقبال القراء والباحثين والدارسين وطلاب المنطقة بمختلف أعمارهم ومراحل دراستهم، وهي بدوامها تلائم أوقات فراغ الطلاب وغيرهم من المستفيدين منها، فهي تفتح أبوابها من الساعة 9 صباحاً حتى 12:30 ظهراً، ومن الساعة 5 وحتى 7:30 مساءً شتاءً، و 8 مساء صيفاً، والمكتبة تشغل غرفتين كبيرتين، الأولى للمطالعة والثانية تستخدم كمستودع يضم الكتب والمراجع والمصادر التاريخية والموسوعات والمخطوطات المصورة إضافة إلى الكثيرمن الدوريات المحلية والعربية والأجنبية.

وبلغ عدد الكتب فيها عام 2017، /9000/ كتاب ما عدا قصص الأطفال والدوريات، وتبحث في مواضيع متنوعة منها الأدبي والتاريخي، والديني والثقافي واللغوي وغيرها، وعملت منذ تأسيسها على جمع واقتناء أكبر عدد من المراجع والمصادر والمعاجم مثل "تاج العروس ولسان العرب والمنجد وقاموس المحيط والقاموس الوسيط، ومعاجم الأعلام مثل أعلام الإسماعيلية لـ"مصطفى غالب"، معجم الأدباء، الأعلام لـ"الزركلي"، أشهر مشاهير الإسلام، أعلام النساء، موسوعة أعلام "سورية" في القرن العشرين".

أمين مكتبة المجلس الأعلى شادي أبو حلاوة

ومن الموسوعات تضم "الموسوعة العربية وموسوعة "حلب" المقارنة، ودائرة المعارف الإسلامية، ودائرة المعارف لـ"البستاني"، موسوعة عظماء حول الرسول"، والمكتبة غنية بالمصادر منها "عيون الأخبار وفنون الآثار لـ"عماد الدين إدريس"، تاريخ "الطبري"، خطط "المقريزي"، نهاية الأرب للـ"نويري"، جمهرة الأنساب لـ"ابن الكلبي"، الأخبار الطوال لـ"أبي حنيفة الدينوري"، الفصل في الملل والأهواء والنحل لـ"الشهرستاني"، والتفسير الكبير للإمام "فخر الرازي"، البداية والنهاية لـ"ابن كثير"، وفيها الكثير من دواوين الشعر العربي لشعراء من مختلف العصور مثل: ديوان "البحتري"، و"ابن الرومي"، و"ابن عربي"، وديوان "المتنبي".

وتضم صوراً لمخطوطات نادرة، أودعت أصولها في مركز الدراسات الإسماعيلية في "لندن" ويربو عدد المخطوطات على 150 مخطوطاً إضافة إلى ما يصلها من منشورات من مركز الدراسات الإسماعيلية في "لندن".

غيض من فيض

حققت مكتبة المجلس الأعلى التي تأسست عام 1964 نجاحاً ملحوظاً في المنطقة، مما شجع على افتتاح مكتبة مماثلة في ريف "سلمية" فكانت مكتبة "تلدرة" عام 1969 التي احتوت على 4000 كتاب عدا عن قصص الأطفال والرسائل الجامعية والعلمية من ماجستير ودكتوراه ومشاريع تخرج لطلاب الجامعة من أبناء هذه المنطقة.

وتقول أمينة مكتبة المركز الثقافي العربي في "سلمية" "ردينة زيد" الحاصلة على إجازة في الحقوق: <<تأسست المكتبة مع تأسيس المركز وتعتبر مكتبة عامة تضم مراجع ومصادر تاريخية وأدبية وحوليات وموسوعات عربية متنوعة ودوريات، وتقدم خدماتها لشرائح القراء كافة من طلاب وباحثين وقراء عاديين، فيما يحظى الأطفال بمكتبة خاصة لهم، وتعتمد المكتبة في نظام الإعارة على بطاقة اشتراك وبلغ عدد الزائرين الشهر الماضي 72، وأما الأنشطة التي تقوم بها فهي عديدة كنشر عناوين كتب والتعريف بها ضمن مبادرة (قرأت لكم) على صفحة المركز الثقافي على "الفيس بوك" كنوع من التسويق والتعريف بها لدى القارىء، وأما تزويد المكتبة بالكتب فيعتمد على شراء الكتب ضمن الميزانية المخصصة لها والكتب المرسلة من وزارة الثقافة والهدايا التي تودع في المكتبة بعد أخذ الموافقة عليها من الوزارة عن طريق التسلسل.

أشهر المكتبات

على سبيل العد لا الحصر يمكن ذكر عدد من المكتبات الكبيرة في "سلمية" ومنها مكتبة الأديب والمخرج المسرحي المهندس الزراعي "مهتدي غالب" وتضم 3000 كتاب من المراجع والموسوعات والقواميس لمختلف مجالات المعرفة منها اللغوي والديني والفلسفي ومن هذه المصادر والقواميس: "الكامل في اللغة لـ"ابن المنظور"، ألفية "ابن مالك"، الأغاني لـ"الأصفهاني"، ومراجع بالمسرح والكثير من المعاجم اللغوية والقواميس، بالإضافة للصحف، وضمت الأعداد الكاملة لمجلة الغدير حتى توقفها عن الصدور والتي كان يصدرها والده الدكتور "مصطفى غالب" في "سلمية" منذ خمسينيات القرن الماضي.

أما مكتبة الأستاذ الراحل "هاشم الشيخ ياسين" فتتنوع مقتنياتها التي تفوق 6000 كتاب، بين مجلد وكتاب وقصة بكافة المجالات الفكرية (التاريخي والفلسفي والأدبي والسياسي والأساطير) والصحف المحلية والعربية، وبعد وفاة مؤسسها أضيفت هذه المكتبة لمكتبة أخيه الأديب "سليمان الشيخ ياسين" حتى تجاوز عدد الكتب 17500 كتاب.

ومكتبة الراحل الأستاذ "حسين الجندي" وتحتوي مكتبته المتنوعة دراسات ودواوين وقصصا ونقدا بالإضافة إلى كتب فلسفية دينية وسياسية ومراجع وقواميس باللغتين العربية والانكليزية ومخطوطات دينية وتاريخية.

وهناك مكتبة الأستاذ الراحل "حسن القطريب" مواليد "سلمية" وتضم مكتبته مؤلفات لغوية تبحث في اللغة العربية وأصلها واشتقاقاتها وتطورها وقواعدها وتتضمن القواميس والمعاجم ودواوين الشعر ومنها "شرح ديوان المتنبي، كتاب الحماسة ،الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني 24 جزءاً، المعجم الوسيط، المعجم المدرسي، لسان العرب في 5 أجزاء، تاج العروس، وأقرب الوارد في فصح العربية والشوارد، الإمتاع والمؤانسة، الكامل في اللغة لـ"ابن منصور"،مقاييس اللغة لـ"ابن فارس"، العقد الفريد لـ"الأندلسي" في 7 مجلدات، مصادر تاريخية لـ"الطبري" في 11 جزءاً.

دار سلمية

وهناك أيضاً مكتبة دار "سلمية" للكتاب تأسست منذ 34 عاماً وهي مكتبة خاصة لعدة شركاء مساهمين وبتأسيس وإدارة "حسين الحاج" الذي يقول: <<بدأت بـ 1500 كتاب أما الآن فيزيد العدد على الـ6000 كتاب تتنوع مواضيعها ما بين التراثي والأدبي والفلسفي والسياسي إضافة إلى قصص الأطفال والرواية ومجلات للأطفال مثل مجلة "ماجد، أسامة، ومجلة العربي الصغير"، وسلسلة قصص تربوية وتعليمية للأطفال وسلسلة من المجلات، نعتمد على نظام إعارة مستقل كالهوية الشخصية ورسم اشتراك تشجيعي يبلغ الآن ألف ليرة سورية شهرياً، ويبلغ عدد رواد الإعارة 500 وحتى 700 مشترك شهرياً، وبلغ عدد كتب البيع كحد أدنى 3000 كتاب، ومن الداعمين للمكتبة بالترجمات والأبحاث الأستاذ "سيف الدين القصير".

وتقيم المكتبة معرضين للكتاب بمناسبة يوم الكتاب العالمي، وفي الذكرى السنوية لتأسيسها، وتشارك في المعارض التي يقيمها المجلس الإسماعيلي المحلي، ودور النشر الأخرى في "سلمية"، ورغم الأزمة لا يزال العمل قائماً وبقوة>>.

خاتمة

ما ذكر من مكتبات غيض من فيض، فـ"سلمية " مدينة العلم والثقافة التي حرص أبناؤها على اقتناء الكتب وتشجيع القراءة فيما بينهم وتبادل الكتب، مما ترك أثراً إيجابياً عبر الأجيال فقد كان مألوفاً جداً أن ترى شخصاً متأبطا كتاباً وهو في الطريق أو جالساً أمام دكانه يطالع مجلة أو جريدة، ورغم تنوع مصادر هذه المعرفة في هذه الأيام من كتب إلكترونية وصفحات تواصل اجتماعي وهجران للكتاب عند البعض إلا أن القراءة تبقى ميزة أبناء هذه المدينة المفطورة على حب العلم والمعرفة.