لملخص: منذ افتتاحها قبل ثلاثين عاماً، أدت صالة "الخانجي" للفنون بمدينة "حلب" دوراً مهماً في نشر ثقافة الفنّ التشكيليّ من خلال احتضانها الدائم لأعمال الفنانين كافة، وفتح أبوابها وأجنحتها أمامهم وتقديم كل مستلزمات النجاح لعرض أعمالهم وعلى مدار العام، مما ولّدَ وخلق حالةً إيجابيةً وتنافسيةً وخاصةً لدى الفنانين الشباب لتقديم الأفضل.

هوايةٌ متأصّلة

موقع مدوّنة وطن "eSyria" زار صالة "الخانجي" للفنون التشكيلية الواقعة في "شارع فيصل" واستمع لشرح مفصّل من صاحبها الفنان التشكيلي "محسن خانجي"، الذي تحدث عن تجربته حيث يقول: «الرسم كان هوايتي المفضلة منذ الصغر واستمر معي خلال مراحل الدارسة كافة من خلال رسم لوحات كرتونية لمناظر طبيعية ووجوه وشخصيات وبيوت حلبية قديمة، ومع الرسم قمت بتعلّم فن النحت ودمجه بالنحاس وتعلقت كثيراً بهذا النوع الأخير، وفي عام 1970 سافرت إلى "روسيا" خصوصاً للاطلاع على تجربة فن اللوحات النحاسية، وقمت بشراء أربع لوحات من هناك وتفحصتها عند العودة كثيراً ودرست طريقة شغلها للتعلم منها، وبدأت بتطبيق تجربة رسم ودمج النحت مع النحاس، وكذلك أدخلت النحاس على ديكور محلات سوق الذهب بالمدينة وحتى في المنازل، وطبقت ذلك برسم لوحة غزلية من شعر "امرئ القيس" و"عشتار"، وتتالت أعمالي ومعارضي في هذا الاتجاه، وقمت بافتتاح محل خاص بي لبيع اللوحات النحاسية بحي "ميسلون" ولاقت التجربة رواجاً وإقبالاً لدى محبي هذا النوع من الفن، وأتبعت ذلك بمشاركة لوحاتي النحاسية بمعارض داخلية وخارجية كثيرة في "دبي" و"لبنان" و"كندا" و"السعودية" و"فرنسا"».

تأسست صالة "الخانجي" قبل ثلاثين عاماً للفنان القدير "الخانجي" الذي كان يتميز بأعمال الضغط على النحاس ليشكّل لوحات فنية فريدة بجمالها، وجعل الصالة في خدمة الفن والفنانين فكانت باكورة عروضها لكبار الفنانين من الرواد الأوائل، واستقبال فنانين كبار من خارج البلد، ولكن لم يُغفِلْ الفنانين الهواة لتشجيعهم واحتضن معارضهم، وكثرٌ منهم أصبحوا فنانين معروفين كالفنان "ناصر نعسان آغا" وغيره، وعمل على تشجيع الفنانين "الحلبيين" بعرض أعمالهم وإقامة الندوات الفنية، حيث أصبحت الصالة محطة للفنانين التشكيليين ونقاشاتهم ونشر أخبار الفن وتطوره وهذا ساهم في تنشيط الحركة الفنية التشكيلية، مع العلم أن صالة "الخانجي" تعدُّ من الصالات الخاصة الأولى في مدينة "حلب" وعلى مستوى "سورية" بنشاطها الفني المتميز والرديفة لصالة اتحاد الفنانين ومديرية الثقافة

بدايةُ الصالة

يتابع "الخانجي" حديثه للمدوّنة بالقول: «انطلاقاً من كل ما سبق ذكره ونظراً لعدم وجود صالات عرض كافية بمدينة "حلب" باستثناء صالتي "المتحف" و"الزعيم"، وبغية دعم حركة الفن التشكيلي، قمت في عام 1990 بشراء منزل أرضي محاط بحديقة مسوّرة بأشجار ومريحة للنظر وبمساحة أربعمئة متر مربع في شارع "فيصل" وعملت فوراً على تجهيزه بالديكورات والإنارة والطاولات والمساند اللازمة داخله، وتحويله لصالة عرض مناسبة لاستقبال أعمال الفنانين من مدينة "حلب" وجميع المحافظات، وفي عام 1994 أقامت السفارة "الإيرانية" في "دمشق" داخل الصالة معرضاً كبيراً للوحات الفنية والكتب الثقافية حضره جمهور كبير غصّت بهم الصالة، وعلى إثر هذا المعرض ذاع صيت الصالة كثيراً وتواصل معي أغلب الفنانين التشكيليين من داخل "سورية" وخارجها لعرض أعمالهم ومن "مصر" و"المغرب" و"لبنان" و "أرمينيا" و"بولونيا" وحسب الظروف والإمكانيات وحجوزات السفر تمّت تلبية بعضها واستضافته وفتح أبواب الصالة لهم».

بهو صالة "الخانجي" للفنون التشكيلية

400 معرضٍ

لوحة نحاسية رسم الفنان "محسن خانجي"

وعن أهم الأعمال التي تستضيفها الصالة يقول "الخانجي": «غايتي بالدرجة الأولى من افتتاح الصالة كانت احتضان معارض الفن التشكيلي، ومساعدة ودعم الرسامين الشباب لعرض نتاجاتهم وأعمالهم من دون استثناء، وفي فترة الصيف (يخف الطلب على الصالة)، ونستغل هذه الفترة لاستضافة معارض أخرى لمنسوجات الأعمال اليدوية والنحتية والكتب الثقافية ولوحات خطّ عربي، وإقامة ندوات وحوارات ثقافية وفكرية وبشكل خاص احتضان أصحاب المهارات الفنية من جيل الهواة الرسامين الذين يرغبون في التسجيل بكلية الفنون الجميلة بالجامعة، وذلك بتخصيص مدرسين لتعليمهم أصول الرسم قبل دخولهم الاختبارات الجامعية، ويمكن القول إن الصالة خلال ثلاثين عاماً لم تغلق أبوابها إطلاقاً واستقبلت ما يقارب أربعمئة معرض متنوع جماعي وفردي وكانت في معظمها للحركة التشكيلية، وتقوم الصالة في كل عام وبمشاركة الزملاء الفنانين بإحياء ذكرى فنانين تشكيليين كبار على قيد الحياة وآخرين رحلوا من خلال عرض بعض من أعمالهم، ومنهم "سعد يكن" و"لؤي كيالي" و"فاتح المدرس" و"وحيد مغاربة" و"نصير شما" و"يوسف عقيل" و"أنور الرحبي" من "دمشق"».

ويؤكد "الخانجي" تراجع مستوى الحركة الفنية التشكيلية بشكل عام بسبب هجرة بعض الفنانين خارج القطر نتيجة مفرزات الأزمة الأخيرة، إضافة للغلاء الفاحش في أسعار المواد الأولية للوحة الرسم من خشب وقماش وأقلام التلوين الذهبية و(البراويظ)، كل ذلك خفّف حماس جيل الشباب للإقبال على تعلّم هواية الرسم، وفي الوقت ذاته قلّل فرص بيع لوحات الفنانين وأثّر في دخلهم المادي.

الفنانان "إبراهيم داوود" و"خلدون الأحمد"

شهاداتٌ متخصصة

الفنان التشكيلي "إبراهيم داوود" يقول: «تأسست صالة "الخانجي" قبل ثلاثين عاماً للفنان القدير "الخانجي" الذي كان يتميز بأعمال الضغط على النحاس ليشكّل لوحات فنية فريدة بجمالها، وجعل الصالة في خدمة الفن والفنانين فكانت باكورة عروضها لكبار الفنانين من الرواد الأوائل، واستقبال فنانين كبار من خارج البلد، ولكن لم يُغفِلْ الفنانين الهواة لتشجيعهم واحتضن معارضهم، وكثرٌ منهم أصبحوا فنانين معروفين كالفنان "ناصر نعسان آغا" وغيره، وعمل على تشجيع الفنانين "الحلبيين" بعرض أعمالهم وإقامة الندوات الفنية، حيث أصبحت الصالة محطة للفنانين التشكيليين ونقاشاتهم ونشر أخبار الفن وتطوره وهذا ساهم في تنشيط الحركة الفنية التشكيلية، مع العلم أن صالة "الخانجي" تعدُّ من الصالات الخاصة الأولى في مدينة "حلب" وعلى مستوى "سورية" بنشاطها الفني المتميز والرديفة لصالة اتحاد الفنانين ومديرية الثقافة».

بدوره يشير الفنان التشكيلي "خلدون الأحمد" إلى أنّ صالة "الخانجي" تعدُّ من أقدم وأهم صالات العرض في مدينة "حلب"، وصاحبها فنان ورسام له أسلوبه الخاص المميز في العمل التشكيلي، وقد لعبت الصالة دوراً إيجابياً في نشر وتنشيط حركة ثقافة الفن التشكيلي، من خلال مواكبتها واستضافتها معارض مهمة لكبار الفنانين ومساعدة جيل الشباب ممن يهوى الرسم وتقديم الدعم المعنوي لهم، فضلاً عن عرضها أعمال فنانين كبار راحلين تخليداً لذكراهم وما قدموه للحركة التشكيلية من أعمال خالدة.

الفنان "عبد المحسن خانجي" من مواليد مدينة "حلب" لعام 1950 وهو عضو ومؤسس في نقابة الفنانين التشكيليين.

جرى اللقاء والتصوير داخل صالة "الخانجي" بشارع "فيصل" بتاريخ التاسع عشر من شهر تشرين الأول لعام 2021.