تحتفظ قرية "دير أيوب" بالكثير من الينابيع الغنّاء التي كانت مصدراً لجمال الطبيعة المترامية، ما جعل المنطقة برمتها مقصداً للزوّار، ليس من أبناء المنطقة وحسب بل من كل المحافظات السورية.

تتبع قرية "دير أيوب" لبلدة الجوادية 65 كم عن مدينة "القامشلي"، وفي هذه القرية يمكن للزائر رصد الكثير من الينابيع فيها، ما أكسبها صيتاً طيباً بين قرى المنطقة برمتها.

كانت مساعدة شباب ورجال القرية للنسوة حاضرة دوماً، سواء في حمل أوعية المياه ووضعها على الدواب، أو أثناء المسير والتغلب على وعورة الطريق.. كانت أياماً جميلة رغم المشقة.. أتذكر كيف كان تلاميذ المدارس يتسابقون إلى الينابيع في الاستراحة الدراسية بين الحصص لشرب المياه واللهو قليلاً وإذا تزامن وجودهم مع وجبة الفطور كنا ندعوهم لتناول الطعام، قلة منهم كانوا يلبون الدعوة بعد إلحاح، وأغلبهم كانوا يعرضون علينا المساعدة دون أن نطلبها

مهمة شاقة

يروي العديد من كبار السن في المنطقة، القصص والحكايات التي لا تزال عالقةً في أذهانهم عن ذكرياتهم مع مياه ينابيع القرية سواء في قرية "دير أيوب" أم في القرى المجاورة لها، وتقول السيدة "خاتون صبري محمد علي" من أهالي ريف "الجوادية": «كانت تلك الينابيع المصدر الوحيد للمياه في المنازل، ولم يكن التزوّد بها وجلبها بالأمر اليسير بل كانت مهمة شاقة وفيها الكثير من العناء وخصوصاً للقرى البعيدة عن مصدر الينابيع، وذلك بحكم المسافة التي تفصل الينابيع عن القرية، حيث كانت المهمة تبدأ في الصباح الباكر وقبل شروق الشمس، حيث يتم تجهيز الدواب لنقل المياه وتنطلق القافلة باتجاه الينابيع، ولأن المسافة طويلة كنا أحياناً نأخذ قسطاً من الراحة هنا وهناك، وفي أحيان كثيرة كنا نتناول وجبة الفطور على البساط الأخضر وبجانب الينابيع، وهي وجبة فطور ريفية جميلة، ونقضي وقتاً يستغرق أكثر من ساعتين، المهم أنّ العودة إلى المنازل تكون مع الظهيرة».

صورة من الأرشيف تحكي حال النساء مع الينابيع

أيام للذكرى

تشرح الواقع للماضي البعيد

بدورها تتحدث السيدة "ناريمان سيد علي" عن جوانب أخرى رافقتها خلال الذهاب إلى ينابيع "دير أيوب"، أحد العناوين الجميلة التي تأبى ذاكرتها نسيانه، حسب قولها: «كانت مساعدة شباب ورجال القرية للنسوة حاضرة دوماً، سواء في حمل أوعية المياه ووضعها على الدواب، أو أثناء المسير والتغلب على وعورة الطريق.. كانت أياماً جميلة رغم المشقة.. أتذكر كيف كان تلاميذ المدارس يتسابقون إلى الينابيع في الاستراحة الدراسية بين الحصص لشرب المياه واللهو قليلاً وإذا تزامن وجودهم مع وجبة الفطور كنا ندعوهم لتناول الطعام، قلة منهم كانوا يلبون الدعوة بعد إلحاح، وأغلبهم كانوا يعرضون علينا المساعدة دون أن نطلبها».

بالمقابل تتذكر "بيريفان علي" السيدة السبعينية من أهالي قرية "دير أيوب" كيف كانت تحضر مياه الشرب من الينابيع بشكل دائم كل صباح، وتخصص جزءاً منها لطلاب المدرسة، فكثير منهم لم يكن يذهب للنبع، كان يأتي لمنزلها ليشرب المياه ويعود لمدرسته، هذه مهمة يومية خصصتها خدمة لطلاب وكادر المدرسة.

ينابيع دير أيوب

زارت مدوّنة وطن "eSyria" قرية "دير أيوب" للتعرف على ينابيعها، وذلك بتاريخ 6 أيلول 2021، وأُجريت اللقاءات بالتاريخ نفسه.