تعتزُّ الإعلامية ماجدة زنبقة بحواراتٍ ولقاءاتٍ أجرتها خلال سنوات عملها في التلفزيون السوري، وإن كان أهمها ما اشتغلت عليه مع كبار رجال الدين المسيحي والإسلامي في نقاشاتٍ فكرية ولاهوتية عميقة على حد وصفها، ولا تفوتنا الإشارة هنا إلى اختصاصها في فلسفة اللاهوت وحوار الأديان من "أوكسفورد"، ميدانٌ أحبته ونشرت فيه كتاباً بعنوان "عهود ووعود/ دراسة حول المسيحية الصهيونية"، إلى جانب اهتمامها بالكتابة الأدبية، وهي صاحبة ديوان شعري "حين ضعفي"، ومع أن الجمهور عرفها كمذيعة أخبار لزمنٍ طويل إلا أنها لم تُحب السياسة أبداً!.

عرفت زنبقة العمل الإعلامي، وهي طالبة في السنة الأولى في قسم اللغة الإنكليزية في جامعة دمشق، كانت تزور التلفزيون مع أختها المذيعة باسمة زنبقة، فأحبّت العمل وحلمت به. تقول في حديثها لـ"مدوّنة وطن": دخلت مجال الأخبار مصادفةً، تغيّب المذيع وقتها واضطررت لإنقاذ الموقف وقدمت نشرة الأخبار لوحدي ودون تحضير مسبق، لكن أدائي وحضوري كانا كفيلين بأن يكون لي مكان ضمن كبار المذيعين وقتها، الزملاء والأساتذة أمثال (مهران يوسف، فاطمة خزندار، رجا فرزلي، مروان زرزر)، إضافة إلى عملي في تقديم البرامج الثقافية والمنوعة كما بدأت، وعملي أيضاً في إذاعة صوت الشعب، تلك الفترة صقلتني وامتلكت من خلالها أدوات المهنة فالإذاعة هي المدرسة الأولى لكل مذيع ناجح.

قدّمت زنبقة برامج عديدة منها "المجلة الثقافية" و"مجلة التلفزيون" و"غداً نلتقي"، إضافة لبرنامج الشبيبة وبرامج المنظمات واللقاءات الثقافية والمنوعة ضمن سهرات فنية عديدة، لكن المحطة الأهم برأيها كانت ضمن البرنامج المفتوح في بث مباشر لمدة ساعتين، قدمته لسنوات وكان صلة الوصل بين المواطن والمسؤول، يعرض هموم المواطن ويعالجها، كما استضافت شخصيات بارزة سياسياً واجتماعياً، تعدها في المجمل من المحطات الهامة لدى أي إعلامي لكونه "يستعمل فيها خبراته المتراكمة وتظهر أهمية ثقافته الواسعة وقدرته على الإعداد والحوار". تعلّق زنبقة على حواراتٍ عرضتها محطاتنا المحلية خلال الأعوام الأخيرة: "أحياناً تطغى شخصية الضيف على المُحاوِر، هذا أمرٌ مؤسف يحدث بسبب قلة الخبرة وانعدام الثقافة، وربما يحدث العكس، كلا النموذجين خطأ، الأمر يتعلق في الحالتين بفهم الإعلامي أو المذيع لدوره".

تضيف للمدوّنة: "هذا ما أركّز عليه في الدورات التي أُجريها في تأهيل المذيع، دور الإعلامي المحترف أن يستفيد من وجود الضيف ومعلوماته وخبرته وتجربته المهنية لأقصى حد، المحور هو الضيف وليس المذيع، البعض يظهر ليستعرض ثقافته وإمكانياته وتحليلاته السياسية وأفكاره الخاصة، وهو أمرٌ يخالف معايير ومقاييس المُحاوِر الجيد الذي يحترم ضيفه ويعطيه الأهمية والقيمة". في هذا السياق تفرّق زنبقة بين المذيع قارئ النشرة والمعد والإعلامي، تقول: "ليس كل من يعمل عملاً صحفياً هو إعلامي، وليس كل مذيع مقدّم هو إعلامي، الإعلامي هو من يجمع بين الكتابة الصحفية والإعداد التلفزيوني والتقديم، وهو الأنجح. المقدّم فقط قد ينجح لحين، لكن لن يترك بصمة إذا لم يقم بإعداد المادة المقدّمة بنفسه أو على الأقل يشارك في إعدادها ليقنع المشاهد".

ومع ازدياد أعداد الإعلاميين واستسهال تعريف البعض عن أنفسهم بكلمة "إعلامي"، تؤكد زنبقة إن الإعلامي الناجح هو من يتعب باستمرار ليطوّر نفسه فكرياً وثقافياً، وهو من يحترم وقت المشاهد وعقله فيقدم له كل مفيد وممتع، بذلك يترك بصمة هي مزيج من التقدير والاحترام والإعجاب بفكره وشخصيته. تقول: "رضا المُشاهد غاية لا تدرك، مقولة خاطئة، المشاهد برأيي يرضى بالقليل مما يحقق طموحه، لكنه أيضاً خاصة السوري، ذكي، يستطيع أن يقيّم أداء إعلامه تقييماً موضوعياً، لذلك أعتقد أن كل ما يقدمه الإعلام من جهد ملاحظ، قد يذهب أدراج الرياح إن لم يلامس هموم المواطن وشجونه، ليكون صوته أمام أي تقصير حكومي في الخدمات المقدمة له، في هذا المجال صراحة ورغم الجهد هناك تقصير، والكثير من العتب".

ترفض زنبقة التعليق على مسألة ابتعادها عن الشاشة إلى جانب عدد من الإعلاميات، وتقول: "هذه سنّة الحياة، لا يمكن أن نأخذ زمننا وزمن غيرنا، لا بدّ دائماً من دماء جديدة شابة، حالياً أعدّ وأقدم برنامجاً حوارياً حول واقع الكنيسة وعملها في المجتمع السوري، ودورها في البناء والدعم اقتصادياً ونفسياً واجتماعياً وإيمانياً، استضفت مجموعة متميزة من رجال الدين المسيحي من أقصى الشمال السوري إلى جنوبه تحت عنوان (من سوريا)، يفترض أن يعرض على المحطات المسيحية الفضائية". وفي أجواء الكنيسة أيضاً، تهتم زنبقة بالمجال الخيري الإنساني، وما يتعلق بالوعظ والمحاضرات، تشرح: "العمل على أرض الواقع والمكان الذي فيه احتياج حقيقي، تعبير عن إيماننا ومحبتنا لله والإنسان".

أما عن تجربتها في الكتابة، والتي أثمرت عن كتابين مطبوعين (ديوان شعري ودراسة حول المسيحية الصهيونية)، فهي لم تتوقف عن الكتابة أبداً رغم توقفها عن طباعة ما تكتب، تقول لـ "مدوّنة وطن": الكتابة هي المتنفس الوحيد لي ولأي كاتب أو شاعر، اكتفيت بكتابين وحيدين صدرا سابقاً، صراحة شعبنا لا يقرأ للأسف، أكتفي حالياً بمنبر (فيسبوك)، منبر من لا منبر له والمتاح حالياً بين أيدي الكل.

المذيعة ماريا ديب رافقت زنبقة في مشوارها الإعلامي، تقول عن عملهما معاً: كنا عائلة في التلفزيون، فريق واحد نحترم العمل الجماعي والمنافسة الجميلة، وهو ما عرفته عن الإعلامية ماجدة زنبقة، صديقة عزيزة ومذيعة مجدّة، تركت بصمتها في إعلامنا وأثراً طيباً لدى الجمهور من خلال مجموعة برامج عملت عليها بإخلاص ومهنيّة عالية، أعطت بحب ولا تزال.