أكثر من مئة عام مرّت على بنائه، ولا يزال فندق "عمر الخيام" مطلّاً على ساحة المرجة (ساحة الشهداء) بـ"دمشق" مرافقاً للنّصب التّذكاري للاتّصالات البرقية، وهما البناءان اللذان ما زالا قائمين دون الأبنية التي ترافقا معها المكان والأحداث، كبناء البريد والبرق وبناء بلدية دمشق وبناء صيدلية المشفى الوطني، التي زالت كلها في خمسينيات القرن الماضي.

من البدايات

في عشرينيات القرن الماضي بنى "سامي مردم بيك" الفندق في ساحة المرجة ليطلّ عليها، وفي ذلك يقول "وضاح مردم بك" وهو أحد أحفاد "سامي" لمدوّنة وطن "eSyria": «بنى جدنا "سامي" الفندق لاستثماره وتشغيله، وأقام فيه حفل زفاف ابنه "حكمت"، وتوالت المناسبات التي حجزت مكاناً لها في قاعات الفندق وأروقته، وشهد الكثير من الأحداث السياسية آنذاك.. وظلَّ الفندقُ ملكَ العائلة وورثة الجد "سامي" إلى أن باعوه لمالكه الحالي، ولكنهم أبقوا على ملكية بعض المحال أسفل الفندق للعائلة وهي كذلك إلى الآن.

تناوبت عدة عائلات على استثمار الفندق، ففي عام 1931 استثمرته عائلات "لطوف وسلوم وخوري"، وفي عام 1975 كان الاستثمار من حصة عائلة "الحريري"، وفيما بعد وفي عام 1979 آلت ملكية الفندق إلى عائلة "زوزو" ويقوم على إدارته حالياً المهندس المدني "عبد القادر محمد زوزو" بعد والده القادم من اللاذقية، وهو من أعطى الفندق اسم ابنه "عمر" ليكون "عمر الخيام"، ونقل لابنه المهندس "عبد القادر" شغف الاهتمام بالسينما وكذلك الفنادق، حيث بدأ العمل في الفنادق حينها، ليكون له فيما بعد، وإلى الآن في إدارة الفندق، وجاء اهتمامه بكل التفاصيل كبيرها وصغيرها، وكان شاهداً على الأحداث التي شهدها الفندق، والزوّار الذين قصدوه، إضافة إلى أعمال الترميم التي شهدها على المدى الطويل منذ إنشائه، وسعى لإعادة مجده وإعطائه صبغة عصرية جديدة تتوافق ومسار وجوده منذ الثلاثينيات.

فندق عمر الخيام

فندق أوربة الكبير

فندق أمية الكبير عام 1935

كانت بداية إطلاق فندق "عمر الخيام" وفق حديث المهندس "عبد القادر" باسم "أوربة الكبير" وأضاف: «بني حينها في أواخر القرن التاسع عشر من خشب الكينة والحجر على شكل طابقين، إلا أن حريقاً أتى على أجزاء كثيرة منه، وفي بداية التّسعينيات عام 1919 قرر المالكون من عائلة "مردم بيك" إقامة بناء عصري فريد في "دمشق" فاستعانوا لذلك بالمهندس (فريد طراد) -فرنسيٌّ ذو أصل لبناني- فأعدّ مخططاته وجهزها وكانت مشابهة لأحد الأبنية في باريس، وفي عام 1925 شُيّد الفندق وبانت ملامحه، ليعود من جديد وباسم جديد "فندق أمية الكبير"، وليكون أول بناء طابقي إسمنتي مع بناء "كسم وقباني" في شارع "الحمرا" (زارا حالياً)، واستخدم الحجر نفسه في بنائهما، وكانا ناطحتي سحاب "دمشق" حينها.

افتتح فندق أمية الكبير عام 1929 بأربعة طوابق و(تراسٍ) كبير عُدل فيه لاحقاً لحاجة الفندق للملاءة وغرف إضافية، وفي هذا الفندق كان الحضور الأول للمصعد في "سورية" وكذلك التّدفئة المركزيّة القائمة على ضخ البخار، ترتّبت غرف الفندق وانتظمت، واجتمعت مجموعات منها ليكون لها حمام كبير واحد يخدّمها، فيه حوض استحمام كبير متحرك، وانفردت فيه الغرف الملكية التي قارب عددُها عددَ ربعِ غرف الفندق بحمام مستقل لكل منها، تتزود بمياهها مع كامل الفندق من بئر مستقل قائم فيه إلى الآن.

مخططات بناء فندق أمية

ضيوف وزوّار

استضافت أروقة فندق "أمية الكبير" وأجنحته الكثير من الملوك والأمراء وشخصيات ذاع اسمها وصيتها، فالملك "فيصل" حجز مكانه فيه عندما كان أميراً، والفنانة الراحلة "أسمهان" كان لها غرف في الفندق تقصدها حين قدومها "دمشق"، ولم يجد الفنان "شارلي شابلن" موضعاً لراحته بعد انتهاء عروضه إلا في واحد من أجنحته.

ولعلّ الحدث الأبرز المسجّل باسم الفندق هو إعلان استقلال "سورية" من على شرفة هذا الفندق حيث كانت الشرفة بحكم كبرها البديل المناسب عن شرفة البريد والبرق التي خُطط لإعلان الاستقلال منها.

عاصر الفندق تسجيل تاريخ أحداث كثيرة وكبيرة دون أن يُسجل اسمه في السجلات السياحيّة، رغم أنه قائم ولا يزال إلى الآن مثله كمثل الكثير من المنشآت السّياحة الوطنيّة، ومرشد للمستثمرين بأعمالهم واستثماراتهم.