تعدُّ مدينة "السويداء" من أقدم المدن النبطية في المنطقة وهي تحتل مركزاً مهماً، تتفرع عنها طرق ومواصلات في اتجاهات متعددة وفيها أماكن للعبادة لأتباع السيد المسيح وفي ذلك دلالة على انتشار المسيحية، إذ اندفع الناس نحو الكنائس وتنظيم شؤونهم الدينية وخاصة في العصر الغساني وانتشار الكنائس، ولم يكتف أبناء تلك الحقبة بتشييد الكنائس بل تجاوزوه لتحويل الكثير من المعابد القديمة إلى كنائس في القرنين الخامس والسادس، بحيث لم تبق قرية من دون كنيسة وخاصة في المدن الكبرى مثل "السويداء، قنوات، شهبا، وشقا"، بحيث قامت كنيستان في كل منها.

النموذج الحوراني

اتخذ أبناء المنطقة مذهب الطبيعة الواحدة للسيد المسيح رغم أن "بيزنطة" التي كانت تحتضن أمراء "غسان" قاومت هذا المذهب، ومع ذلك ناصر "الغساسنة" الفكرة، ولم يأبهوا لتهديدات "بيزنطة" مما يدل على قوتهم واستقلاليتهم في شؤونهم، هذا ما دونه الباحث الأثري الدكتور "علي أبو عساف" في كتابه "الآثار في جبل حوران محافظة "السويداء" ويقول في حديثه لمدوّنة وطن "eSyria": «لم يكتف الناس في الجبل باستقلالية أفكارهم الدينية بل كانت كنائسهم متميزة عن كنائس مناطق بلاد الشام ولها طابع خاص وقد أطلق عليها الباحثون النموذج الحوراني أو القاعة الكنسية، أي أن الكنيسة تشتمل على قاعة من شقة واحدة طويلة، تحمل سقفها سلسلةٌ من القناطر، وأقدم نموذج منها كان في خربة "طفحة" بين "نمرة وشهبا" وأخرى في قرية "لبين"، وبينما اتجهت كنيستا "لبين وطفحة" نحو الغرب وكان امتدادهما من الشرق نحو الغرب، اتجهت كنيسة السرايا الخلفية في "قنوات" نحو الشمال، واشتملت على شقة مركزية وعلى شقتين أصغر على جانبيها، أما في "شهبا" فقد وجدت كنيستان متجاورتان إحداهما في معبد قديم، وإلى جوارها كنيسة من ثلاث شقق».

لم يكتف الناس في الجبل باستقلالية أفكارهم الدينية بل كانت كنائسهم متميزة عن كنائس مناطق بلاد الشام ولها طابع خاص وقد أطلق عليها الباحثون النموذج الحوراني أو القاعة الكنسية، أي أن الكنيسة تشتمل على قاعة من شقة واحدة طويلة، تحمل سقفها سلسلةٌ من القناطر، وأقدم نموذج منها كان في خربة "طفحة" بين "نمرة وشهبا" وأخرى في قرية "لبين"، وبينما اتجهت كنيستا "لبين وطفحة" نحو الغرب وكان امتدادهما من الشرق نحو الغرب، اتجهت كنيسة السرايا الخلفية في "قنوات" نحو الشمال، واشتملت على شقة مركزية وعلى شقتين أصغر على جانبيها، أما في "شهبا" فقد وجدت كنيستان متجاورتان إحداهما في معبد قديم، وإلى جوارها كنيسة من ثلاث شقق

معابد أثرية

ويتابع الباحث بالقول: «شاهد عدد من الرحالة آثار المدينة في القرن الماضي وذكروا أن شارعاً رئيسياً كان يخترق المدينة من الجنوب نحو الشمال، حيث ينتهي بقوس "النصر" أو "البوابة الشمالية" التي تعرف اليوم باسم "المشنقة"، وامتد شارع آخر من الغرب نحو الشرق يقطع الشارع الآخر إلى الجنوب من البوابة الشمالية، ويبدو أن الشارع الجديد الذي يخترق المدينة من الشمال نحو الجنوب قد اتبع مسار الشارع القديم بعد البوابة الشمالية، ولم يبق من شوارع المدينة سوى ذلك الجزء المجاور للمعبد الذي يعود إلى "الأنباط" في القرن الأول قبل الميلاد، وهو مخصص لعبادة الرب "ذي الشرى"، وفي القرن الثاني حوّله الرومان لعبادة الرب "ديونيسوس" وسموه باسمه وكانت له خصائص مشتركة مع معبد الرب "بعل شمسين" في قرية "سيع"، الذي يتألف من رواق خارجي هو عبارة عن صف من الأعمدة بقي منها ثمانية الآن على جوانب المصلى، والمصلى مربع الشكل في وسطه قدس الأقداس وعلى جوانبه صفوف الأعمدة يشاهد الزائر بقايا من جدران المصلى تحت الدور المسكونة، واندثرت هذه الكنيسة الي كانت تعرف بالكنيسة الصغرى وتقوم إلى جانب البوابة الشمالية أي قوس "المشنقة" الذي يحوي الآن جزءاً من الحنية ودعامة وساكف معاد استخدامه، وهناك معبد "ربة المياه" الذي يقع إلى الجنوب من قوس النصر "المشنقة" ويوازيه، ومن الشرق منه تقوم أربعة أعمدة تحت سوية الأرض».

الأستاذ الدكتور علي أبو عساف

الكنيسة الكبرى

الباحث الدكتور نشأت كيوان

من جهته يبين الباحث الأثري الدكتور "نشأت كيوان" رئيس دائرة الآثار في "السويداء" أنه من ضمن الكنائس المعتمدة التي تم العمل عليها في مدينة "السويداء"، هناك "البازيليكا" "الكنيسة الكبرى" والتي شيدت في القرن الخامس حسب النموذج المسمى "البازيليكا" هذا تحت الأعمدة، وكانت أفضل وأحسن مثال عليه، وتقع إلى الجنوب من القوس ومعبد "ربة المياه"، وهي تجمع بين خصائص الكنيسة "الحورانية والبيزنطية" وألحق بها دير ومسكن لرجال الدين، وتتألف من خمس شقق تنتهي في الشرق إلى قدس الأقداس مع الحنية، أما الحجران الجانبيان على جانبي المدخل الغربي فهما برجان يتألف كل واحد منهما من ثلاثة طوابق يحصران بينهما المداخل الأربعة للكنيسة التي لها باب في الجدار الجنوبي، وآخر في الشمال، وكانت أرضيتها من "الموزاييك" بقي منها المدخل الغربي وجزء من الحنية مع ملحقاتها بينما اندثرت بقية الأجزاء من الأساسات، ووجدت كلمات مدوّنة على الأرضيات تقول: "هنا سركيس الحي" مما يدل على أنها كانت كنيسة وأخرى تقول: "سلومه لسلمى أم المطران جورج" والتي كانت المتبرعة، وهناك المسرح الذي يقع إلى الجنوب من الكنيسة الكبرى على طرف الشارع القديم وقد تهدّم منذ مئات السنين وبقيت منه بعض الشواهد مثل أجزاء من صفوف مقاعد المتفرجين وخشبة المسرح والممرات.

جانب من جدار الكنيسة