لم يعد لكثيرٍ من الأدوات التي كان يتم استخدامها قديماً في منطقة الجزيرة السورية وجودٌ سوى في ذاكرة بعض كبار السن أو المهتمين بالتراث، في حين يجهل كثيرٌ من أبناء الجيل الجديد أهمية هذه الأدوات وطرق استخدامها، وتعدُّ "الشوكة" إحدى هذه الأدوات التي ذاع استخدامها في ذلك الوقت حينما كانت من أهم أدوات التزوّد بالمياه من الآبار.

في الخدمة

يقول الحاج "صبري حاج الخليل": «كان في كل منزل بئر لمياه الشرب، فقد كانت البئر الوسيلة الوحيدة قبل عشرات السنين للتزوّد بالمياه، بالمقابل أغلب الأسر لم تكن تملك أداة "الشوكة" فهي قطعة إضافية تنجز وتصنع لإكمال مهمة البئر.. في قريتي "قلعة الهادي" في ريف "اليعربية" مثلاً كانت هناك قطعة واحدة فقط من "الشوكة" وكان الكل يستعيرها من صاحبها، لأن هذه الأداة لا تلزم إلا في حالات طارئة، تلك الحالة عندما يستعصي الدلو في قاع البئر، هنا يكون دور "الشوكة" من خلال إسقاطها في القاع أيضاً، وعبر حلقاتها الحديدية يتم تعليق الدلو ورفعهما مجدداً خارج البئر».

كثيراً ما كان حبل الدلو الذي يتم إنزاله إلى قاع البئر من أجل جلب المياه ينقطع، فعمل الأهالي على اختراع "الشوكة" وهي قطعة دائرية الشكل وحولها عدة حلقات من الحديد، عندما تنزل إلى القاع من خلال حبل طويل يتم برمه ولفه عدّة مرات حتّى تعلق الشوكة بالدلو، ثم يُسحب عبر الحبل ويتم إخراجه ليؤدي مهمته مجدداً.. قد ينقطع الحبل مع كثرة الاستخدام ومع كل حالة لانقطاعه، يحتاج صاحب البئر "للشوكة"، الكثير من أصحاب البيوت لم يملكوا "الشوكة" وكانوا يستعينون بها من الجيران والأصدقاء

يبين "الخليل" كيف كان صاحب "الشوكة" في كثير من الأحيان ينجز المهمة لجاره في القرية، ويخرج الدلو من البئر، حتى ولم يكن أحدٌ من الرجال في المنزل، "الشوكة" وصاحبها في خدمة أهالي القرية وربما لقرى مجاورة، وخدمة آبارهم فلا يمكن ترك الدلو في قاع البئر لفترة طويلة.

الشوكة ضمن معرض اندراوس شابو

لم تعد موجودة

وقوع الدلو في قاع البئر يحتاج للشوكة

مع مرور الزمن، تطوّرت الحياة، وأُنجزت شبكات المياه في كل المدن والبلدات والأحياء، ولم يعد ثمة حاجة لبقاء "الشوكة" أو تصنيعها، فقد غابت عن أغلب المنازل، ولم يعد لها وجود فيها، إلا في بعض المعارض التراثية، كما هي الآن في معرض "اندراوس شابو" الذي يحوي قطعة واحدة منها فقط،

يقول "شابو": « كثيراً ما كان حبل الدلو الذي يتم إنزاله إلى قاع البئر من أجل جلب المياه ينقطع، فعمل الأهالي على اختراع "الشوكة" وهي قطعة دائرية الشكل وحولها عدة حلقات من الحديد، عندما تنزل إلى القاع من خلال حبل طويل يتم برمه ولفه عدّة مرات حتّى تعلق الشوكة بالدلو، ثم يُسحب عبر الحبل ويتم إخراجه ليؤدي مهمته مجدداً.. قد ينقطع الحبل مع كثرة الاستخدام ومع كل حالة لانقطاعه، يحتاج صاحب البئر "للشوكة"، الكثير من أصحاب البيوت لم يملكوا "الشوكة" وكانوا يستعينون بها من الجيران والأصدقاء».

يتعرف عليها الجيل الحالي ضمن المعرض

في معرض "شابو"

"اندراوس شابو" قام بجلب "الشوكة" معه قبل عدة سنوات، لوضعها في معرضه التراثي، الذي يقول عنه: «لدي معرض تراثي يضم مئات القطع التراثية المتعلقة بثقافة وتاريخ الجزيرة، عمر المعرض عشرات السنين، هدفي منه تذكير الناس والأجيال اللاحقة بأدوات ومواد كانت مستخدمة لكنها اندثرت، ومنها "الشوكة"، التي يجهل كثير من أبناء المنطقة بمختلف فئاتهم العمرية قيمتها وأهميتها في ذلك الوقت، لذلك عرضتها في المعرض، وأقوم بشرح تفاصيل استخدامها للزوّار، بما في ذلك المغتربين الذين يزورونا، حتّى أن كثيراً منهم عرضوا عليّ شراءها، لكنني رفضتُ، رسالتي أسمى من ذلك بكثير، الرسالة هي الحفاظ على تاريخ وحضارة عمرها طويل جداً».

أجريت اللقاءات مع مدوّنة وطن بتاريخ 7 آب 2021.