على الرغم من أن بدايات المسرح في مدينة "سلمية" كانت في عام 1920، إلا أن دور المسرح لم يتبلور بشكله المتكامل إلا عام 1970 بتأسيس نادي "الشواف"، حيث شهدت الأعوام من 1970 وحتى 1975 بداية تأسيس مسرحي قادها مجموعة من الهواة آنذاك كالمربي "علي قنوع" مخرجاً، وممثلين كـ"أحمد خنسه" و"علي أمين" و"أمين الخطيب" و"نعيم محفوض" و"مصطفى محفوض"، ومؤلف المسرحيات "نشأت خربيط" في مسرحيات (الزمن، المساكين، ومنولوجات أغاني، ومسرحية من الأدب الروسي، ومسرحيات دعائية).

الروّاد الأوائل

ساهم نخبة من روّاد المسرح آنذاك في تشكيل الحركة المسرحية في"سلمية" ويمكن أن نذكر -على سبيل العد لا الحصر- أسماءً كان لها الفضل في ذلك، فقد ساهم "أحمد خنسه" في تنشيط مسرح الأطفال، وقدم الكثير من الأعمال منها "لن نركع"، كما قدمت المربية "نجاح عبدو" -تأليفاً- مسرحية بعنوان "إني بريء" والتي عرضت على مسرح ثانوية الحرس القومي والسينما والمركز الثقافي آنذاك بإدارة "عبد الكريم الضحاك" وعلى مسرح "حماة"، وكانت من تمثيل مجموعة من الفتيات من إعدادية الزهراء، وألحان الفنان "نعيم القطريب"، و"بركات وطفة".

ويعد الفنان "أمين الخطيب" عضو نقابة الفنانين، أحد مؤسسي المسرح في "سلمية" ، وبرع "سمير الشيخ ياسين" في المسرح المدرسي 1970، و"علاء الملا" 1974، وفؤاد عبود البطيحي".

الشاعر الجنرال خالد بدور

وشهدت الحركة المسرحية بين أعوام 1971 و1980، نشاطاً ملحوظاً وزادت نسبة الحضور الشعبي، وكان المسرح آنذاك يقدم مع راوي وراوية للقصة مثل "عبد الكريم محفوض" و"روضة حويجة"، وترك المربي "علي قنوع" المسرح في عهدة "مهتدي غالب" والراحل "بركات وطفة السلوم" و"أمين الخطيب "و"سليمان السلوم" و"فادي ديوب".

البدايات

يقول المربي الفنان "علي قنوع" لمدوّنة وطن eSyria": "استضافت مسارح "سلمية "عدة فرق مسرحية مثل المسرح الحرّ من "دمشق"، ومسرح دبابيس حيث كان الفنان "عمر قنوع" يساهم في هذه الأنشطة، واستضافت "سلمية" على مسرحها المطرب "وديع الصافي" 1972، والشاعر "مظفر النواب" بالعام نفسه، والشاعر "أيمن أبو شعر" بالمجلس المحلي".

المخرج المسرحي فادي ديوب

من جهته يتحدث الشاعر والجنرال المتقاعد "خالد بدور" مواليد 1941 عن مشاركته في المسرح قائلاً: "كنت في الصف الثاني الثانوي عندما شاركت في أول مسرحية تعرض في "سلمية" (في سبيل الحرية)، عرضت على مسرح الثانوية الزراعية في أواخر أيام الوحدة 1961 بإشراف أساتذة مصريين؛ ومما أذكره شاركني التمثيل المربي "حسين الحموي" والراحل "سعيد قلفة" والدكتور "بدر الدين العامود"، بحضور شعبي ورسمي كبير".

فترة ذهبية

شكّل العديد من الفنانين نواة الحركة المسرحية في "سلمية"، ومن هؤلاء الممثل والمخرج المسرحي "سليمان السلوم" 1957 والذي قدم في شبابه نصوصاً من الواقع من تأليفه وإخراجه، مع الممثلين الراحل "نزار عبيدو" الملقب أبو صياح و"أحمد مرة" و"عبد الله الغفير "و"حاتم نصره"، ليترك "السلوم" المسرح بسبب خضوعه لعملية قلب، ليعود إليه عام 1986 حيث بدأت مهرجانات الشبيبة بمسرحية (الثالوث المقاوم)، ونالت جائزة أفضل نص بالمهرجان، حيث قال عنها الراحل المربي "سعيد قلفة" (سنابل "سلمية" أزهرت ذهباً) ومن الممثلين في هذا العمل "بهاء إسماعيل" و"عميد الأدلبي"، وفي عام 1988 مسرحية (عالم مجنون) وعرضت على مسرح المركز الثقافي في "حماة" و"سلمية" و"مصياف" بحضور رسمي وشعبي كبير، ونالت كأس المهرجان وأفضل نص وأفضل إخراج وأفضل ممثل لـ"تمام فطوم"، وهو الآن دكتور صيدلاني ،وفي عام 1990 و1991 مسرحية (ممثلون بلا خشبة) وعرضت على مسرح "سلمية" و"حماة" وشاركت في المهرجان المركزي في "الحسكة" ونالت المركز الأول، وفي عامي 1992 و1993 كانت (مسرحية الذبيحة أو "قتلة الأب توما") تأليف الدكتور "محمد فاروق النابلسي" ومسرحية (شارع الملاعب) ونال فيها "فادي شريف ديوب" جائزة أفضل ممثل وفي عام 1994 و1995 مسرحية (بنت النبعة) تأليف "حيدر يحيى".

المخرج المسرحي سليمان السلوم

ذكريات

عن ذكريات تلك الفترة يقول الممثل والمخرج المسرحي "سليمان السلوم": "في عام 1996 و1997 أسست المسرح الحرفي بـ"حماة" بفرقة مسرحية مكونة من 31 ممثلاً وممثلة، وقدمنا عملاً للأطفال بعنوان "مملكة الأطفال"، وشاركت في مهرجان نقابة الفنانين بـ"حماة" ونالت الطفلة "إيمان زريق" جائزة لجنة المهرجان، ونالت الفرقة درع المهرجان عن مسرحية (المحطة التالية)، وتوقفت عن العمل حتى 2006 بسبب وضعي الصحي، لأشارك بمسرحية (الأمة المقاومة) وفي 2009 قدمت سلسلة مسرحية (ليلى الأمورة)، وعرضت في "سلمية" وريفها على مسارح المراكز الثقافية، وفي 2013 مسرحية (ساحة الأمنيات)، وفي 2018 و2019 مسرحية (المفصولة) و(شمس النهار) تأليف "توفيق الحكيم" وقد كانت آخر الأعمال المسرحية بسبب عدم وجود مكان للتدريب، وتوقفت عن العمل ولا سيما أنني كنت أدرّب في غرفة لجنة الحي الغربي والتي مساحتها 4 أمتار مربعة".

وعن حال المسرح الآن يرى "السلوم" أن الحركة المسرحية في "سلمية " في حالة تراجع، فلا مكان للتدريب ولا صالة عرض، وخاصة بعد إغلاق مسرح الجندول وسينما الشرق والزهراء ومسرح الثانوية الزراعية ومسرح الحرس القومي وتوقف المركز الثقافي بسبب الصيانة منذ 5 سنوات.

40 عاماًَ

ويقول الممثل والمخرج المسرحي "مهتدي غالب" : قد يتفاجأ البعض بالعدد الكبير من الأعمال المسرحية التي جرى تقديمها، ولكنها ثمرة أربعين عاماً من العمل الذي تحوّل إلى حد الهوس اليومي، وما زلنا نعمل طالما نشعر أننا لم نستطع حتى الآن أن نحقق بعضاً من أطراف أحلامنا وأمنياتنا المسرحية... فنحن مذ بدأنا العمل المسرحي ونحن نعاني الصعوبات والعوائق حتى أصبحت من الأعمال الشاقة المؤبدة، فهناك ميزانيات تصرف على المهرجانات (للبروزة) ولا يقدم للأعمال المسرحية إلا الفتات الذي لا يصنع مسرحاً؛ وأصبح المتلقي في مجتمعنا يحفظ الثياب وليس الأزياء التي يرتديها الممثلون لأكثر من 15 عاماً وتستعيرها الفرق من بعضها وكذلك الديكور، والعائق الأهم هو مكان التدريبات والتمرينات وكأننا مهجرون من غرفة إلى صالة إلى الحمام الأثري".

تجربة شخصية

عن تجربته يشير الممثل والمخرج "فراس ديوب" إلى الأعمال التي شارك بها، بداية مع المخرج "سليمان السلوم" في مسرحية (عالم مجنون)، ومشاركته في (شارع الملاعب وتوائم في فرقة مكونة من 15 شابا وفتاة)، وفي عام 2003 عمل مع المخرج "مولود داوود" وشارك في مهرجانات نقابة الفنانين بـ"حماة" وفي 2004 شارك في مهرجان الطفل برعاية وزارة الثقافة حيث عرضت مسرحية (ابن الحداد) 16 مرة على مسرح دار الثقافة بـ"حماة"، وفي العمل المسرحي (أفكار لا تموت) وكان مخرجا للعمل بمفرده مع 30 ممثلاً و(على الطريق)، كم قدم بانوراما مسرحية (صدى الروح) بمشاركة 42 ممثلاً ونال الجائزة الأولى على مستوى العالم بحضور لجنة كندية وقدمت على مسرح المجلس الوطني الإسماعيلي، إضافة إلى مشاركاته في عدد من المسلسلات التلفزيونية.