منذ بداية تشكلها كفكرة حاولت مبادرة "قلبي يرى"، التي أطلقها مجموعة من الشباب في مدينة "القامشلي"، تلبية حاجة فئة المكفوفين للمعرفة، والعمل إلى إيصالها لهم من خلال طريقة مبتكرة تقوم على تسجيل الكتب صوتياً وإرسالها لهم إلكترونياً حسب ميولهم، عبر مجموعة من الشباب المتطوعين لهذه الغاية، ورغم أن المبادرة انطلقت من مدينة "القامشلي" إلا أنها شملت العديد من القرى والبلدات المحيطة بها.

الفكرة والتطبيق

جرى الإعلان عن المبادرة التي قام بها عدد من شباب مدينة "القامشلي" تطوعاً قبل فترة من الزمن، بهدف خدمة ومساعدة المكفوفين في قراءة الكتب التي يرغبون بها، والتي تتطلب جهداً وعملاً كبيرين.

أنا وعدد آخر من أهالي بلدتي "عين العرب" من المكفوفين استفدنا من المبادرة، فبعد أن سمعت عنها، تواصلت مع القائمين عليها، وزودتهم بعناوين الكتب التي أريد الحصول عليها، حيث بادروا إلى تسجيل طلباتي من الكتب، لتصل الدفعة الأولى منها، ولعلّ ما شجعني على التواصل هو التعاون الذي أبداه شباب المبادرة، وتكمن أهمية مبادرتهم بأنها تصل لكل المدن والبلدات والمناطق، ولكل من يحتاجها ويرغب بها

الشاب "رامان حسي" منسق المبادرة ومديرها، كان من أوائل الداعمين للمبادرة منذ انطلاقتها كفكرة حيث واصل الدعم والمؤازرة مع الإعلان عنها على صفحات التواصل الاجتماعي، ليتشجع أكثر ويتحمس للعمل بحيوية أكبر، وعن مشاركته يقول: «مبادرة "قلبي يرى" شبابية تطوعية مستقلة، ترغب في مساعدة فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، (المكفوفين).. تشكلت وتبلورت الفكرة بعد مناقشة عدد من الشباب لفكرة تهدف إلى خدمة المجتمع مهما يكن نوعها، وبعد الاتفاق على الفكرة بدأت الخطوات العملية حيث جرى الإعلان عن المبادرة بهدف كسب عدد من المتطوعين الشباب للمساعدة، وخلال ساعة ونصف الساعة وصلنا أكثر من 40 طلباً شبابياً لمساعدتنا في المبادرة، قمنا بعد ذلك بتوزيع المتطوعين على مجموعات الواتس آب، لمعرفة قدرة كل شاب وإمكاناته وقدراته».

شابة تتطوع للمبادرة

قراءة صوتية

الشاب محمد عيسى متطوعاً للتسجيل الصوتي

ويتابع "حسي" حديثه بالقول: «المبادرة تهدف لتسجيل الكتب التي يرغب المكفوفون بها صوتياً باللغات الثلاث وهي: "الانكليزية، الكردية، العربية"، كانت رغبتنا أن تكون الخدمة بداية للكبار، لنسجل لهم الكتب الأدبية والتاريخية والإرشادية والاجتماعيّة، ومع مرور وقت قصير ازداد عدد الشباب المتطوعين للعمل، لذلك كان علينا اختيار الأجدر والأنسب، وقد قررت لجنة المبادرة اختيار نماذج باللغات الثلاث من كتب أدبية مختلفة عالمية، وكل شخص من المتطوعين يختار ما يناسبه من الكتب، وبعد قراءتها يقوم بتسجيل الكتاب صوتياً، ليرسله عبر (إيميل) خاص بالمبادرة، بعدها تم تشكيل لجنة تقييم من ذوي الخبرة والكفاءة في تسجيل الأصوات والمعرفة التامة بالتعليق الصوتي».

مراحل العمل

يشير منسق المبادرة إلى أن اختيار المتطوعين تم لاحقاً حسب معايير محددة، مع التركيز على أولئك الذين لديهم خبرة بمجال الإعلام الإذاعي، مضيفاً: «بعد اعتماد المتطوعين، تمّ توزيع المهام والأدوار، فقد كانت مرحلة استقبال طلبات المكفوفين لتسجيل ما يرغبونه، تواصلنا كلجنة مع معهد خاص بالمكفوفين في بلدة "عين العرب"، عبروا عن ارتياحهم لفكرة المساعدة، وعدّوا التجربة مهمة ومفيدة، أعطونا أسماء 40 طفلاً وطفلة من المكفوفين لتسجيل كتب لهم، باشرنا المهمة، وتمت الاستعانة بمركز تسجيل مختص في "القامشلي"، بحيث يكون تسجيل الصوت صافياً وواضحاً وعلى رتم واحد، أنجزنا كتباً كثيرة بالتسجيل والمونتاج، وكان كل العمل تطوعياً دون الاستعانة أو الدعم من أي جهة كانت، لأن هدفنا أن نكون شمعة تنير درب فاقدي البصر».

لكل من يرغب

يقول "خليل محمّد" ابن الـ25 عاماً، من مدينة "عين العرب"، وهو أحد المستفيدين من المبادرة، : «أنا وعدد آخر من أهالي بلدتي "عين العرب" من المكفوفين استفدنا من المبادرة، فبعد أن سمعت عنها، تواصلت مع القائمين عليها، وزودتهم بعناوين الكتب التي أريد الحصول عليها، حيث بادروا إلى تسجيل طلباتي من الكتب، لتصل الدفعة الأولى منها، ولعلّ ما شجعني على التواصل هو التعاون الذي أبداه شباب المبادرة، وتكمن أهمية مبادرتهم بأنها تصل لكل المدن والبلدات والمناطق، ولكل من يحتاجها ويرغب بها».

أجريت اللقاءات لمدوّنة وطن 26 "eSyria" تموز 2021.