يحتفظ الحاج "نور الدين سيد خليل" من أهالي مدينة "المالكية" بالكثير من القصص الجميلة عن إحدى المغارات في قرية "عين ديوار" الأثرية التي يزورها وبشكل شبه يومي، يرافقه بعض أصحابه وأبناء قريته، تتحول الزيارة إلى سيران في أحضان مغارة كانت منطقة تراثية وسياحية حسب كلامه.

مكان للذاكرة

يتحدث الرجل الثمانيني عن خصوصية هذا المكان وكيف تحول إلى مقصد لأهالي المنطقة والزائرين: «في مرحلة الشباب كنت أذهب لمغارة قريتنا التي تسمى "شكفتا مزن" وهي باللغة الكردية، تعني المغارة الكبيرة، وكثير منّا حتّى اليوم يتداول الاسم كالتالي: "شكفتا كوند" وتعني مغارة القرية، تختلف معانيها من قرية لأخرى، وربما من أشخاص لآخرين، لكنها مكان واحد، وفيها قصص كثيرة وجميلة، في كل الفصول والأوقات، كنا نذهب إليها سيراً على الأقدام، ونمضي أوقاتاً جميلة هناك منذ الصباح حتّى غروب الشمس، نتناول الطعام والشراب تحت ظلّها وفي أحضانها، كانت أنيساً لنا، جمعت الكبار والصغار، النساء والأطفال، سنين طويلة جمعتنا داخلها دون أن تملَّ، كثيراً ما كنّا نلتقي مع شباب من قرى ومناطق مختلفة، فيها تعززت كثير من العلاقات الاجتماعية، ففي هذا المكان الجامد روح طيبة».

كانت مغارة كبيرة يلجأ إليها رعاة الغنم في فصل الشتاء للاحتماء من المطر والبرد القارس، وكان للنساء أيضاً من قرية "عين ديوار" وقرى مجاورة أخرى حصة من الزيارات الدائمة للمغارة في فصل الشتاء لغسيل الثياب، بسبب صعوبة إيصال الماء إلى قراهم، لتكون فرصة للقاءات الاجتماعية والتعارف، وتعزيز تلك العلاقات يوماً بعد يوم، أما في فصل الصيف فكانت فسحة للكثيرين للتنعم ببرودة الطقس فيها

ملجأ للمتعبين

كانت المغارة وعلى اختلاف تسميتها، محطة مهمّة لرعاة الغنم، يلتقون فيها ويقضون أوقاتاً للراحة وتناول الطعام، وشرب الشاي المخمّر حسب ما يقول الراعي "خالد محمد العلي" الذي لا يزال يتذكر تلك اللحظات التي قضاها في المغارة وحولها، فهي -كما يشير- لا تزال ماثلة أمامه رغم بلوغه 75 عاماً، فأجواؤها كانت تمنحه الراحة، يستند إلى جدرانها التاريخية، ليشعز بالأمان في مكان عاش فيه طويلاً وألف كل تفاصيله بصحبة زملائه في مهنة الرعي، وكيف كانوا يلتقون في ذلك المكان، يرتاحون ويتبادلون الأحاديث عن حياتهم وشجون العمل.

ما يحيط بالمغارة

لوحة تراثية

الباحث عمر اسماعيل

أحداث وقصص المغارة وتاريخها يحفظها كثير من كبار السن ومؤرخو التاريخ في منطقة "المالكية" بشكل خاص، ومنهم الباحث في تاريخ المنطقة "عمر إسماعيل" حيث يشير إلى أن المغارة كانت تشكل نقطة جذب سياحي في المنطقة، فهي لوحة تراثية وأثرية في قرية "عين ديوار" العريقة، لكن مع مرور الزمن تهدمت أجزاء منها بسبب نقل ملايين الأطنان من الرمل من أطرافها وجنباتها لاستخدامها في رص الطرق المتعددة، أما المغارة الكبيرة حالياً، فلم يبق منها إلا بعض الأجزاء، وهناك محاولات حثيثة لتوثيق تاريخ المغارة وما حل بها.

ويضيف الباحث: «كانت مغارة كبيرة يلجأ إليها رعاة الغنم في فصل الشتاء للاحتماء من المطر والبرد القارس، وكان للنساء أيضاً من قرية "عين ديوار" وقرى مجاورة أخرى حصة من الزيارات الدائمة للمغارة في فصل الشتاء لغسيل الثياب، بسبب صعوبة إيصال الماء إلى قراهم، لتكون فرصة للقاءات الاجتماعية والتعارف، وتعزيز تلك العلاقات يوماً بعد يوم، أما في فصل الصيف فكانت فسحة للكثيرين للتنعم ببرودة الطقس فيها».

مدوّنة وطن "eSyria" زارت قرية "عين ديوار" بتاريخ 30 حزيران 2021، وأجريت اللقاءات بالتاريخ نفسه.