خمسة وعشرون عرضاً مسرحياً هي حصيلة ما يعرض على خشبة المسرح في "السويداء" سنوياً، بمعدل عرض واحد كل أسبوعين ليكون العرض مستمراً على مدار العام، بعروض اعتمدت في أغلبها على النصوص العالمية المواكبة والمقاربة للحدث الآني المنسجم مع الواقع.

إسناد اللحظة المسرحية

عام 2017 كان عام المسرح في "السويداء"، وارتبط ذلك التعريف بها منذ أربعة أعوام إلى يومنا هذا، حيث تتم إقامة مهرجان مسرحي محكم فنياً بشكل منهجي، لتتشكل ما يشبه الخلية المسرحية التي يعمل بها مجموعة من الفرق موزعة بين المسرح القومي، وشبيبة الثورة، واتحاد الطلبة، واتحاد العمال، ومراكز التأهيل، والفرق المتنوعة.

إن الفنان المسرحي في "السويداء" فنان مثقف ومتميز، إذ قل ما تجد أحداً يعمل في هذا المجال ولا يكون مطلعاً على أحدث التجارب المسرحية المحلية السورية والعربية والعالمية أيضاً، وهو مواكب لما يطرح ويقدم من أفكار وتجارب طرحتها مرحلة ما بعد الحداثة، ولعل الاحتكاك مسألة أساسية.. وأستطيع القول إن هناك تجارب مسرحية في "السويداء" ارتقت لأن تكون أعمالاً عالمية، وهي وفق رأي كبار النقاد تمتلك الإمكانية لأن تقدم فوق خشبة أكثر المسارح العالمية نضجاً

وحسب ما يوضح المخرج والمؤلف المسرحي "رفعت الهادي" في حديثه لموقع مدوّنة وطن "eSyria" في لقاء معه بتاريخ 29 أيار 2021: «خلال مدة زمنية وجيزة تم تقديم 12 عملاً مسرحياً لنصوص عالمية وهي على التوالي "الخزان العظيم لبيتر تبرسون، وكاليجولا لألبيركامو، والعنقاء لتينسي ويليامز، والاستيقاظ لداريوفو، والكوميديا الإنسانية لوليم سارديان، وامرأة وحيدة لداربوفو، وكذلك أعمال لبيتر شافة، وانطون تشيخوف، وبريتولد بريخت وميشيل ديغولد وغيرهم"، ويجري انتقاء العمل المسرحي بنصوصه العالمية الأجنبية -حسب قوله- وفق رؤية محلية، لتكون في خدمة المجتمع باللحظة الواقعية، لأن المسرح هو بحث في القضايا الإنسانية في المستوى الأول، وهو متشابه في المجتمعات كافة، ووفق التقنيات والمناهج الفنية والتيارات الفكرية التي مرت بها الإنسانية وتمر بها، ومن خلال الأعمال المسرحية ثمة مناشدة لإنسانية الإنسان كمطلب دائم نرتقي به فكرياً من خلال المعالجة الأدبية عبر هذه الأعمال».

المخرج رفعت الهادي

نصوص عالمية

المخرج وجيه قيسية

ويوضح "الهادي" أن انعكاس النص المترجم على واقع المسرح في "السويداء" هام في العملية المسرحية كي يصل العرض بالاعتماد على النص العالمي، فهو يشكل جزءاً من الضمانة الدرامية بمعنى أننا أمام شخصيات فنية من لحم ودم وبنى هيكلية فيها ضبط درامي عالي المستوى، وبالتالي فإن النص العالمي يشكل مادة أولية ذات بعد وأفق إنساني كبير، إذ إنها تجربة ارتقت لتأخذ صفة عالمية لدى أصحابها، وحين تعكسها عرضاً يتماهى مع واقعنا وتتوفر فيه الشروط الفنية الصحيحة من الأداء التمثيلي في المستوى الأول، وشروط نجاح هذه الأعمال يقع على عاتق الفنان، فهو سيد الخشبة واللحظة، طبعاً مع توفر مجمل التقنيات المسرحية من ديكور وملابس وإضاءة وتوظيفها بما يخدم الفكرة، والأهم جمال اللحظة الإسنادية للمسرح في إدهاش تام لاستقبال العمل بنصه وعرضه وحبكته الدرامية».

ويتابع "الهادي" بالقول: «لعل السؤال القائم عن ماهية العلاقة بين النصوص العالمية والمجتمع في "السويداء" وكيف يكون التماهي والجذب الفكري والثقافي لذلك؟.. هنا يمكن القول إن المتلقي برهن على إدراكه لطبيعة النصوص العالمية التي في الغالب شكّلت قبولاً جيداً لديه إذ لم نشعر بالفارق بأي شيء، حيث تميز جمهور المسرح في "السويداء" بعلاقته مع المسرح واستطاع التعبير عن فهمه لأي نص عالمي، وأثبت أنه لا يشكل بالنسبة له مادة غريبة عنه وهو يتطابق مع حياته ويسقط هذا العمل العالمي على واقعه الراهن بدلالاته وانزياحاته المتنوعة».

أحد العروض

ثقافة فنية

بدوره يقول رئيس دائرة المسرح القومي بالسويداء الفنان المسرحي "وجيه قيسية": «إن الفنان المسرحي في "السويداء" فنان مثقف ومتميز، إذ قل ما تجد أحداً يعمل في هذا المجال ولا يكون مطلعاً على أحدث التجارب المسرحية المحلية السورية والعربية والعالمية أيضاً، وهو مواكب لما يطرح ويقدم من أفكار وتجارب طرحتها مرحلة ما بعد الحداثة، ولعل الاحتكاك مسألة أساسية.. وأستطيع القول إن هناك تجارب مسرحية في "السويداء" ارتقت لأن تكون أعمالاً عالمية، وهي وفق رأي كبار النقاد تمتلك الإمكانية لأن تقدم فوق خشبة أكثر المسارح العالمية نضجاً».

ويدلل "قيسية" بما صرّح به الناقدان "عبد الفتاح القلعجي" والفنان الراحل "عبد الرحمن أبي القاسم" عام 1997 حينما حضرا عرضاً مسرحياً في "السويداء" فعدّا ما شاهداه في هذا العرض من أهم الأعمال العربية والعالمية، وكان اسم العرض حينها "حكاية سفر" وهو من تأليف وإخراج الفنان "رفعت الهادي"».