"الرمز والأسطورة أدوات معرفية، يجب أن يتعامل معها كل مبدع لديه مشروع ثقافي أو أدبي"، كلمات قالها الشاعر السوري الراحل "فايز خضور" في أحد حواراته منذ ما يقارب العشر سنوات، ليكشف من خلالها سر إبداعه وتميزه وهو الذي اعتمد في قصائده على الأسطورة والرمز، حيث تتواتر في قصائده الرموز وتختلط التعابير المستخدمة باقتباسات غير معلنة من الأساطير ومن الثقافة الشعبية الموغلة في الماضي.

" آداد" رمزاً

يقول الشاعر والصحفي "بلال أحمد" لمدوّنة وطن "esyria": يعدُّ الشاعر "فايز خضور" في طليعة الجيل الثاني لشعراء الحداثة بعد "قباني" و"درويش" و"أدونيس" وقد كرس نفسه في هذا الاتجاه" الحداثوي" الذي عدّ الرفض شعاراً له، من خلال رفض الماضي ممثلاً بالعادات والتقاليد والسير على خطى القدماء فكراً وأدباً وشعراً، ليتجه في شعره نحو الميثيولوجيا الشرقية جاعلاً من "آداد" إله المطر والعواصف، رمزاً في شعره الذي يتميز بغنى واسع في الفكر والمفردات والصور المجنحة والانزياحات في المعنى والمبنى، كما في قصيدته المطولة في مجموعة "حصار الجهات العشر" التي تحتوي جميع مفرداتها على حرف الجيم، وقد قيل في شعره أنه يحمل آفة الشعر العظيم وهذا الرأي قيل في شعر "المتنبي".

ويتابع "بلال" بالقول: " أخرج "خضور" القصيدة من قوالبها الشكلية الجامدة، والمحكومة باللغة المعيارية الصارمة، فجدد في لغته وتعمق في معانيه، وحاول فك القيود الشعرية الشكلية إلى حد ما، ضمن قالب التفعيل، لينجز قصيدة بثوب جديد يليق بلغة وأسلوب الحداثة الشعرية المنشودة من دون أن يظل محكوماً بإطار القصيدة التقليدية التي تقيد حركته".

"خضور" في أحد نشاطاته

شاعر الحداثة

من دواوينه

اتفق معه في ذلك الناقد "أحمد هلال" حين يقول: "فايز خضور" واحد من أهم شعراء الحداثة العربية، على مستوى قصيدة التفعيلة، وثيماتها، ومكوناتها وتقاناتها، وهو الأدل في سياق شعريته، المؤسسة على جدارة التجاوز والاختلاف، ضمن منظومات هي خلاصة فكر، والتعلق بالتجريب الواعي، فهو صاحب قصيدة" الرؤيا"، ومحمولاتها التراثية والحداثية، بما جهر به أسلوبه وفرادته وخصوصيته، على مستوى التجربة الشعرية السورية والعربية انطلاقاً من الصورة ونبرتها الكلية، وعلى مستوى دينامية قصيدته بوصفها تجليّاً لشواغله المخصبة لفكر الشعر وأسئلته العابرة أزمنتها، أسئلة التمرد، والرفض، أسئلة الرؤيا المحايدة للواقع وجدلياته الأثيرة.

مسيرة حياة

ولد "فايز خضور" في "القامشلي" عام 1942 لأسرة تعود أصولها إلى مدينة "سلمية" في محافظة "حماة"، تنقّل بين محافظات عدة، درس الثانوية في مدينة "مصياف"، ودرس اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة دمشق، وتخرج منها عام 1966.

غلاف أعماله الكاملة

عمل في الصحافة بين "دمشق" و"بيروت"، وعمل كأمين تحرير لمجلتي "الأسبوع الأدبي" و"الموقف الأدبي" اللتين تتبعان لاتحاد الكتاب العرب، بدأ بكتابة الشعر منذ السادسة عشرة من عمره، وأصدر ديوانه الأول "الظل وحارس المقبرة" عام 1966، له العديد من الدواوين منها: "صهيل الرياح الخرساء، عندما يهاجر السنونو، أمطار في حريق المدينة، كتاب الانتظار، ويبدأ طقس المقابر، غبار الشتاء، الرصاص لا يحب المبيت باكراً، آداد، ثمار الجليد، سلماس" وآخر أعماله "مرايا الطائر الحر"، توفي الشاعر "فايز خضور" بدمشق في الخامس من شهر أيار 2021 تاركاً خلفه إرثاً ثقافياً كبيراً.