أبهر الجميع بإبداعه لوحاتٍ تنتمي للمدرسة الواقعية، ولمع اسمه كأحد أكثر الفنانين أهميةً وتميزاً في "الإمارات"، حيث جسّد نموذجاً فريداً في رسم المشاعر والانفعالات في لوحات واقعية، وتفاصيل شديدة الدقة يصعب التصديق أنّها مجرد رسومات وليست لقطات فوتوغرافية بجودة عالية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 8 تشرين الأول 2020 مع الفنان "أسامة خلف" المقيم في دولة "الإمارات" ليحدثنا عن بداياته، قائلاً: «برزت موهبة الرسم لدي منذ عمر الأربع سنوات بالفطرة، وكانت عائلتي هي الداعم الأساسي التي تشجعني دائماً بالإضافة لاهتمام مُدرسات الفنون بموهبتي في المرحلة الابتدائية، وعندما أردتُ الاشتراك بمسابقة "رواد طلائع البعث" كانت النتيجة عدم القبول لأني كنت أرسم بمستوى الكبار رسماً واقعياً وأنا كنت طفلاً في عمر الثانية عشرة.

تحدي الذات ومحاولة استرجاع ذلك الفنان النائم وإثبات أني قادر على العطاء وتقديم شيء جميل لنفسي، بغض النظر عن الأهمية المادية لأن الرسم والفن عموماً بنظري ليس مهنة، الفن هو مصطلح نسبي لكنه يُبقي المجتمعات مرتبطة بتعبير أكبر عن نفسها

وما إن أنهيتُ الثانوية العامة حتى قررت دراسة الفنون الجميلة في جامعة "دمشق" وتخرجت منها عام 2002 من قسم الاتصالات البصرية.

لوحة بعنوان "gratitude"

ابتعدت عن الرسم عام 2002 لأنه خلال تلك الفترة سافرت إلى "ليبيا" لمدة عامين ومنها سافرت إلى "السودان" عملت فيها لخمسة أعوام ثم انتقلت إلى "دبي" عام 2009 وأسستُ مع مجموعة من الأشخاص شركة في "الإمارات" للدعاية والإعلان تدعى "Cmyk" وهي شركة سورية مصرية أعمل فيها مدير التسويق والمبيعات».

وعن عودته إلى الرسم تابع: «عام 2017 قررت العودة إلى الرسم من جديد وهذا ما استغرق مني ساعات طويلة في محاولة استخراج الفنان النائم طوال تلك المدة.

أثناء استلامه الجائزة في مسابقة "Global art awards 2018"

في عام 2018 اشتركت بمعرض فنون العالم في "دبي"، واشتركت بمسابقة جوائز الفن العالمية "Global art awards 2018" وحصلت على المركز الثاني بمجال الرسم بلوحة للحصان العربي.

وبدأت العمل كمدرب في مركز "دبي" العالمي للفنون ومركز "تشكيل" التابع لمنظمة الفنون في "دبي" وأقمت العديد من الورشات التدريبية، وحالياً بسبب فايروس "كورونا" أُدرب (أون لاين) عن بُعد».

لوحة الخيل العربي التي فازت بمسابقة "Global art awards 2018" في "دبي"

وعن أسلوبه في الرسم قال: «تأثرت جداً بالمدرسة الواقعية وعمالقتها أمثال "مايكل أنجلو" و"كارفاجيو" واتخذتها نهجاً لقلمي، فأنا أرسم بالأقلام ولم أستخدم الريشة أبداً بلوحاتي، تلهمني الطبيعة جداً والظلال والنور لكن بالدرجة الأولى أحب رسم البورتريه والرسم الواقعي الذاتي، فأحاول رسم حالات البشر من الطفل الصغير حتى من هم في عمر التسعين عاماً.

أرسم بالفحم والرصاص ومن هذين القلمين أحاول استخراج جميع درجات الظل والنور والإسقاطات الضوئية على الأشياء ومنها تولد حالة الشخص المرسوم على ورقي وبواسطة أقلامي.

لا أحدد وقتاً معيناً لإنهاء لوحاتي فلوحة "الامتنان Gratitude" استغرقت حوالي مئة ساعة تقريباً كان من الممكن أن تكون أقل لكن لم أرد أن تنتهي بسرعة، فقد كنت أعيش معها كل سنوات عمرها، كل لحظة وتجعيدة حفرها الزمن».

وتابع عن التحديات التي واجهته: «تحدي الذات ومحاولة استرجاع ذلك الفنان النائم وإثبات أني قادر على العطاء وتقديم شيء جميل لنفسي، بغض النظر عن الأهمية المادية لأن الرسم والفن عموماً بنظري ليس مهنة، الفن هو مصطلح نسبي لكنه يُبقي المجتمعات مرتبطة بتعبير أكبر عن نفسها».

وفي حوار مع الفنانة التشكيلية "رندة حجازي" قالت: «"أسامة" صديقي من أيام الجامعة منذ حوالي 24 عاماً فقد درسنا القسم والاختصاص ذاته وغالباً ما كان عملنا مشتركاً، إنه من الأشخاص المندفعين كثيراً للحياة والعمل والفن، ونستطيع أن نرى الفن في عيونه فهو دائماً لديه الفضول للمعرفة والعلم ولالتقاط المعلومات التي تهمه، وهو نشيط وقادر على تقبل أي معلومة تصل له وهذا ما كان يظهر من خلال النتائج الممتازة بالمشاريع التي كان ينجزها أثناء دراسته وينال إعجاب زملائه وأساتذته، فقد دخل قسم الاتصالات البصرية بجدارة وعن حب لهذا الاختصاص، كان دائماً متميزاً وتخرج من المتفوقين.

إنه من الأشخاص الذين يفكرون باللا منطق لإطلاق أفكاره، فقد كان يعيد صياغة الأفكار والأمور المنطقية والواقعية ويقدمها بطريقة غريبة وتكنيك عالٍ جداً وقدرة على إيصال أفكاره بطريقة صحيحة تبهر أي شخص».

تابعت: «من الناحية العملية من خلال متابعتي له فإنه إلى الآن يتعلم ويحب الاطلاع وتجديد المعلومات والابتكار، وهو مستمر بالتطور لا يقف عند حد معين ويقدم دائماً شيئاً جديداً حتى لو بالأسلوب الواقعي ذاته الذي يعمل به، متمكن من كل أدواته والمواد التي يستخدمها بين يديه، خبير جداً بالتعاطي مع اللون ولديه نظرة ثاقبة للظل والنور، فالتعامل مع اللون مسألة صعبة وهو من أكثر الأشخاص الذين يعرفون التعامل معه ومزجه بالطريقة الصحيحة.

أسامة إنسان معطاء ومحب لا يبخل بخبراته على أحد ويحب أن يقدم كل ما تعلمه لغيره، وهذا ما نراه من خلال الدورات والورشات التي يجريها لطلابه، أنا شخصياً أحبه جداً وأحترمه كفنان لأنه صادق مع نفسه وزملائه ويؤدي عمله بكل حب».

الجدير بالذكر أنّ "أسامة خلف" من مواليد "دمشق" عام 1977.