بعد أن كان يرسم الفرح والتفاؤل عبر لوحاته الفنية داخل الوطن، تحوّلت تلك الأحاسيس والمشاعر إلى سواد في بلاد الاغتراب شوقاً وحزناً، لكنه حافظ من خلالها على حنايا روحه المتلهفة للعودة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 27 أيلول 2020 تواصلت مع الفنان "أحمد زكي" في مكان إقامته بـ"ألمانيا" للحديث عن مشواره الفني، فقال عن البدايات: «عشقت الفن منذ الصغر، فقد وجدتُ في الألوان وأقلام الرسم غايتي وبهجتي، وتحقيق أحلامي وأهدافي، خاصة تلك التي أحلم بها في المستقبل، استطعتُ أن أرسم ما أطمح إليه بلوحات فنية، كانت عبارة عن خربشات في بداية الأمر، ثم تطورت مع مرور الأيام والسنين، وكانت ميولي إلى عالم النحت عندما جلست على مقاعد الدراسة الابتدائيّة، وذلك بسبب توفر بعض المواد الأولية، فلم تكن لديّ القدرة على شراء مستلزمات هوايتي، فكنت أنحت على قوالب الصابون، وأحفر على القطع الخشبيّة المتوفرة، ألمّها من هنا ومن هناك، أبحث عنها في الأزقة، وفي كل مكان، فالرسم والنحت عنواني في الحياة، وكثيراً ما كنت أجرح نفسي وأنا أنحت، خاصة أصابعي، لم يكن يهمني الوجع، ولا الدم الذي يتساقط ويختلط مع ألوان الرسم، فقلم الرصاص والألوان الخشبية يلازموني على مدار الساعة».

تابعت أعماله الفنية ومعارضه عندما كان في البلد، كانت معبرة وهادفة، يعشق موهبته بطريقة احترافية، طوّر نفسه وإمكاناته منذ الطفولة حتى تخصص بدراستها، وأكثر من ذلك، علّم شباباً كثر الرسم والنحت وحفزهم لإدراك كل تفاصيلها، أدهشني في الاغتراب، وهو يرسم حاله وواقعه الحزين بلوحات تحكي كل شيء، هذا هو الفنان الحق، ينقل ويكتب ويحكي بالدفتر والقلم

وصل إلى مرحلة، بات جلّ التركيز والاهتمام على فن الرسم، قال عن تلك المرحلة: «بعد نيل الشهادة الثانوية، وإيماناً مني بإكمال دراستي الفنية والإتقان فيها، توجهت إلى معهد الرسم، مبتعداً بشكل كلّي عن فن النحت، رغم تميزي به، وإشادة الكثيرين من أهل المهنة بموهبتي، لكنني أردتُ التفرغ للرسم، والإبداع فيه، فقد وجدت نفسي بهذا الفن، كسبتُ معرفة وخبرة كبيرة أثناء دراسة المعهد، بالتزامن كان عملي يومياً مع الدفتر والقلم والألوان، أرسم لوحات فنية بعناوين مختلفة، كلها تنثر التفاؤل وتنشد الأمل، وبعد التخرج عملتُ مدرّساً لمادة التربية الفنية في معهد إعداد المدرسين بـ"القامشلي"، وفي معهد الفنون النسوية، ومن ثم مدرساً للتربية الفنية في عدد من مدارس مدينتي، ساهمت بتعليم الكثير ممن يعشقون هذا الفن من التلاميذ والطلاب، بالإضافة إلى ذلك شاركتُ في معارض فنية سواء فردية أو جماعيّة، أغلبها في المراكز الثقافية بمدينتي "الحسكة"، و"القامشلي"، لم أتوقف عن المشاركة في المعارض منذ عام 1996 حتى عام 2014 عندما حان موعد الرحيل».

لوحة فنية هادفة

لم يفارق ريشة الرسم والألوان عندما قرر الاغتراب، فتحدث عن ذلك بالقول: «عندما وصلتُ إلى "ألمانيا" عام 2015 تغيرت مباشرة أفكاري ومشاعري، انتقلت من الفرح إلى الحزن، من السرور إلى السواد، فهي عناوين كل شخص يقيم في هذه البلاد الغريبة البعيدة، كل ذلك قدمته ورسمته في لوحاتي، وشاركت بمعارض فنية هنا، مثل المعرض الفني المشترك في "بون" 2018، ومعرض آخر في "هنوفر" 2019، والفنان الذي يتابع لوحاتي منذ القديم، يعرف بأن مدرستي الفنيّة هي المدرسة الواقعية والواقعية التعبيرية، رغم أنني متمسك بثوابت وقوانين وقيم بلدي في لوحاتي، لكن الأنين يحشر نفسه في كل لوحة فنية لي، فالغربة قاتلة، ولن تعود البهجة إلى لوحاتي إلا بعد عودتي للوطن».

الفنان "محمود درويش" من أهالي "القامشلي" قال عن موهبة زميله "أحمد": «تابعت أعماله الفنية ومعارضه عندما كان في البلد، كانت معبرة وهادفة، يعشق موهبته بطريقة احترافية، طوّر نفسه وإمكاناته منذ الطفولة حتى تخصص بدراستها، وأكثر من ذلك، علّم شباباً كثر الرسم والنحت وحفزهم لإدراك كل تفاصيلها، أدهشني في الاغتراب، وهو يرسم حاله وواقعه الحزين بلوحات تحكي كل شيء، هذا هو الفنان الحق، ينقل ويكتب ويحكي بالدفتر والقلم».

لوحات فنية بعناوين مختلفة

يذكر أنّ الفنان "أحمد زكي" من مواليد "القامشلي" عام 1977.

في بلاد الاغتراب