هدفه تحويل الخيال إلى واقع فني ملموس عبر منحوتات دمجت بين الزخارف المعمارية القديمة والحديثة، فبأدواته البسيطة وموهبته التي رافقته منذ الصغر أنتج أيقونات فنية متميزة مجسدة على أرض الواقع، تحاكي قيم التاريخ وتحيي قصص الحضارات، إنه النحات "مهند المر".

لمعرفة المزيد عن تجربته الفنية في عالم النحت، مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 11 أيلول 2017، مع النحات "مهند محمد المر" المقيم في "لبنان"، ليحدثنا عن مسيرته الفنية بالقول: «كانت البدايات مع النحت منذ الصغر في بيت يزخر بالأعمال النحتية، ومن خلال مشاهدتي للنماذج الفنية المتنوعة بحكم أن والدي وجدي كانا نحاتين، أضف إلى أن البيئة التي نشأت وترعرعت فيها كان لها دور في صقل موهبتي وتطويرها، ففي مدينة "معرة النعمان" أبصرت عيناي النور عام 1989، تلك المدينة التي نشأ فيها "أبو العلاء المعري"، والتي تزخر بإرث الحضارات القديمة والتراث الثقافي والفكري، هذا التنوع أغنى تجربتي ووسع أفق أفكاري. وباعتبار الفن موهبة تخلق بالفطرة، وتتطور بما يكتسبه الإنسان من تراكم الخبرات التي مرت بها حياته، فقد بدأت النحت منذ سنوات طفولتي الأولى بأعمال نحتية بسيطة، لأن والدي منعني من العمل بأدوات النحت لكونها تحمل الكثير من المخاطر حتى أصبحت في الرابعة عشرة من عمري، حيث استخدمت أدوات النحت الكهربائية. وبعمر 18 سنة احترفت المهنة أكثر، ووصلت إلى مرحلة متقدمة بنحت الزخارف والتزيينات النباتية والهندسية ذات الطابع الإسلامي، إضافة إلى تقوية الرسم الهندسي والمعماري الذي ساعدني على تعلمه أبي النحات "محمد المر" بخبرته الطويلة في مجال النحت والبناء والترميم، فقد كان له دور أساسي في ترميم العديد من الآثار السورية في فترة الثمانينات والتسعينات، كمسرح "تدمر" الأثري و"قصر الحير الشرقي"، وغيرهما من الأوابد الأثرية السورية».

شاركت في معرض "أحاسيس وألوان" في "لبنان"، ومعرض الفن التشكيلي السابع "عالية"، و"سمبوزيوم المنية" الأول عام 2017، وشاركت في معرض "لنرسم السلام" في مدينة "صيدا"، حيث عرضت منحوتة تعبر عن الأم الحزينة، ولدي مشاركات قادمة في "طرابلس" ومعرض "إهدن الدولي"

وتابع عن قصته مع الحضارة، ونظرته إلى فن النحت: «في أعمالي النحتية أبحث دائماً عن العراقة، وأعدّ نفسي إنساناً مرتبطاً بالقديم؛ فالزخارف اليونانية والرومانية المنقوشة على الأوابد الأثرية تجذبني لتجسيدها بمنحوتاتي؛ وخصوصاً أنني من محبي تاريخ الحضارات ومتابعيها، فكنت دائماً أطلع على الأبنية المعمارية المعقودة ذات الطابع القديم بما تحملها من نقوش ورسومات، والأبنية الحديثة المعاصرة بهدف خلق روح عصرية وعريقة في منحوتاتي التي أجسّدها بلوحات رخامية تعيد قيم التاريخ وهويته، وتظهر عبق الماضي بالدخول إلى أعماق المكان الذي أقوم بنحته وأضفي عليه طابعاً من الجمال والتفرد، أضف إلى أن الفن هو التعبير الجمالي عن الواقع الذي يقدمه الفنان بأبهى صورة، فقد رافق البشرية بكل مراحلها التاريخية، ونقل من خلالها قيم وثقافة حضارات مرت عبر الزمن لتكون نتاجاً من ماض يعكس الحاضر ونظرة إلى المستقبل. وحالياً أركز في أعمالي النحتية على فن المجسمات والأشكال التجريدية والكلاسيكية التي من خلالها أستطيع إبراز الحالات الإنسانية المرتبطة بالمجتمع وكافة التأثيرات والانفعالات الناجمة عنها، وتكمن مصداقية العمل من خلال ارتباط الفنان ببيئته وما يحمله من موروث فني وثقافي من تراثه العريق، والاستفادة من باقي الثقافات لنهل المزيد من الخبرات، فأغلب منحوتاتي مصنوعة من الصخر والرخام الذي فضلته على غيره من المواد المستخدمة في النحت، كالصلصال، والطين، والجبصين؛ باعتباره يحافظ على طبيعته وشكله مئات السنين ويبرز قوة النحات ومهارته بإظهار جمالية المنحوتة».

من أعماله النحتية

ويكمل: «بما أن الفن يقوم بترقية العقل والأحاسيس لدى البشر، فمن الضروري أن يكون لكل عمل فني هدف ورسالة ينشر من خلالها الفنان فنه الصادق النابع من وجدانه، فهو مرآة المجتمع يعكس من خلالها الفنان أفكاره ورؤيته الخاصة به ويجسدها بأعماله الفنية على شكل رسالة يحاول إيصالها إلى المشاهد، فأنا كنحات أعمل لأقول إن بلدنا "سورية" أم الحضارات ومهدها، والنحات السوري خلق بصمته الخاصة عبر حضاراته العريقة منذ القدم ومازال حتى يومنا هذا، على الرغم من الظروف الصعبة التي يتعرض لها مجتمعنا السوري، فهو قادر على الإبداع، لكونه مجتمعاً واعياً ومثقفاً وقادراً على النهوض».

وعن أهم نشاطاته ومعارضه، يقول: «شاركت في معرض "أحاسيس وألوان" في "لبنان"، ومعرض الفن التشكيلي السابع "عالية"، و"سمبوزيوم المنية" الأول عام 2017، وشاركت في معرض "لنرسم السلام" في مدينة "صيدا"، حيث عرضت منحوتة تعبر عن الأم الحزينة، ولدي مشاركات قادمة في "طرابلس" ومعرض "إهدن الدولي"».

منحوتة تحمل اسم منحوتة أمل وتفاؤل

وعنه قال الناقد التشكيلي "محمد منذر زريق": «على الرغم من أن النحات "مهند المر" لم يتجاوز الثلاثين من عمره، إلا أنه صاحب خبرة نادرة بالنسبة لنحات من جيله، فقد عمل بالنحت والترميم منذ نعومة أظفاره، حيث رافق والده وجدّه بأعمال الترميم لآثار "تدمر" وقصر "الحير الشرقي"؛ وهذا أكسبه خبرة ومهارات عالية جداً في فنون النحت والزخرفة والتزيينات الهندسية ذات الطابع الإسلامي، إضافة إلى نحت العديد من الأعمال من الحجر والرخام الطبيعي التي تميزت بانسيابية مذهلة وبراعة نادرة، استطاع من خلالها رسم بصمته الخاصة في عالم النحت، وله أثر كبير في الساحة الفنية في "لبنان" أيضاً».

إحدى شهاداته التي حصل عليها