كان الشعر بالنسبة إليه حالةً ذهنيةً معقّدةً احتاجت الكثير من الجهد والدراسة لتضعه في طريق الإبداع، وتجعله صنعةً سهلةً في متناول قلمه وآفاقه الفكرية، فيضع بذلك خطواته الثابتة في طريق القصيدة الموزونة.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 28 حزيران 2017 الشاعر "أحمد فاعور" ليحدثنا عن رحلته في عالم الأدب، فقال: «كان الشعر بالنسبة لي في بداياته طلسماً معقداً يحتاج إلى الفكّ والتدريب والتعلّم، وكان هذا الغموض حافزاً قوياً للتعمق والاستزادة من العلوم الأدبية؛ لذا بدأت من المرحلة الثانوية دراسة علم العروض والبحور الشعرية والمحسنات البديعية، وتمحصت في الصور البيانية واختلافاتها الجمالية وأهمية المحسنات اللفظية، وقد اتبعت خطاً يعتمد المطالعة والدراسة كثيراً، والكتابة قليلاً، فدرست الأدب العربي القديم والحديث، وتأثرت بالعديد من الشعراء، خصوصاً "المتنبي" و"أبو فراس الحمداني" و"نزار قباني" و"فدوى طوقان" و"بدر شاكر السياب"، وقد كوّنت القراءة المستمرة حلقة قوة جعلتني أتعمق أكثر في خصوصية القافية ومضمون القصيدة».
أجد أن المجتمع يفضّل القصائد الغزلية بمجملها؛ فهي مستحبة ومستساغة من كافة الأعمار والفئات، ومن قصائدي الغزلية قصيدة "كرمى لها"، التي أقول فيها: "الوجه بدرٌ فسبحان الذي خلقا... وأبدع الثغر والأهداب والحدقا حمرُ الشفاه كما العنّاب وا لهفي... والثغرُ يفتر عن دُرٍ إذا برقا رجوتك الله يــا سمراء قلت لها... رفقاً بقلبي قليلاً حينما خفقا كرمى لعينيها هذا الشعر أكتبه... سأعشق الحبر والأقلام والورقا أستغفر الله من شركٍ ومن زللٍ... إن كنتُ يوماً لحور العين معتنقاً"
أما عن رحلته الشعرية في القصيدة المقفّاة، فقال: «لاحظت منذ بداياتي أن الشعر الموزون المقفى وحده الذي يغريني؛ فهو أدب ساحر يتميز بسلاسة الطرح مع جزالة اللفظ بعيداً عما غمر الأدب الحديث المعاصر، الذي يحتوي بعض التصنع في المعنى والتكلف في توظيف الكلمة على الرغم من جماله وتوجه معظم الشعراء نحوه، لكنني -وحسب رأيي الشخصي- أظنّ أنه يفتقر إلى الموسيقا؛ لذا يمكنني القول إنني من أنصار المذاهب الاتباعية الكلاسيكية، ففي كل مرة تأخذني القصيدة الموزونة في رحلة مختلفة وترتدي فيه ثوباً وحلةً جديدةً؛ فهي ابنة الخيال مع أنها تُحاكي الواقع بأدق التفاصيل، وبإمكان الشاعر أن يضيف إليها أفكاره المجردة وصوره البيانية لتعطيها قدرتها الإبداعية، وتختزن فيها الصور الجمالية بأفضل طريقة».
أما عن تأثير البيئة المحيطة في قصائده، فقال: «الشاعر ابن بيئته، فهي تترك آثارها الجلية على صوره وتعابيره وفي طرحه لقصائده واختيار الأدوات المناسبة لصياغتها؛ فكل بيئة تحتوي أدوات وألفاظاً تختلف عن البيئة الأخرى، وقد كان لطبيعة "الغاب" الساحرة دور كبير بتعزيز مدركاتي الحسية، حيث إن الطبيعة الغنية كانت مصدراً ملهماً للكثير من أعمالي الأدبية، كما تساهم البيئة الاجتماعية بتعزيز أفكار الشاعر من خلال ما يُقوّم ويُحوّر ويُضيف، فيأخذ من البيئة سحرها ليغرسها داخل ذهن المتلقي في حالات مثيرة ممتعة، وقد مثّلت المنتديات الأدبية لي دافع دعم قوياً، فالتوجيهات والتعليقات والنقد البناء وتبادل الأفكار والثقافات يعزز ملكة الشاعر الإبداعية، ويساهم في خلق جوّ من التحفيز المستمر والرغبة بالتميز».
أما عن جمالية القصيدة الموزونة، فقال: «إن الشعر بحدّ ذاته ملمح جمالي إذا ما أضيف إلى شيء أو وصف به شيء، فأنت إذا ما أردت أن تصف لوحة فنية أو مقطوعة موسيقية أو أي نتاج إبداعي، فلن تجد أدقّ من القصائد لتكون الوصف القرين للجمال والروعة والإبداع، وأرى أن جماليات القصيدة تنبع من العمق بالتكثيف والمغايرة والتنوع الذي يحدث قدراً من الاتساع الدلالي، ويمنح القارئ خيارات متعددة من إعمال العقل ليصبح شريكاً في العملية الإبداعية، بما يمنحه له النص من مدى متسع من التأويلات، فالتداعي الدلالي والمغايرة والقدرة على الإدهاش كلها مفردات لنسق جمالي، حيث إن الجمالية قرينة الإبداع الحقيقي بعيداً عن أي متغيرات، ويجب أن يبتعد الشاعر عن الإسراف في الذهنية كي لا يُخرج النص الشعري من حالة التميز، فيصبح من الصعب الوصول إلى نسق جمالي مختلف ومتنوع».
وأضاف: «أجد أن المجتمع يفضّل القصائد الغزلية بمجملها؛ فهي مستحبة ومستساغة من كافة الأعمار والفئات، ومن قصائدي الغزلية قصيدة "كرمى لها"، التي أقول فيها:
"الوجه بدرٌ فسبحان الذي خلقا... وأبدع الثغر والأهداب والحدقا
حمرُ الشفاه كما العنّاب وا لهفي... والثغرُ يفتر عن دُرٍ إذا برقا
رجوتك الله يــا سمراء قلت لها... رفقاً بقلبي قليلاً حينما خفقا
كرمى لعينيها هذا الشعر أكتبه... سأعشق الحبر والأقلام والورقا
أستغفر الله من شركٍ ومن زللٍ... إن كنتُ يوماً لحور العين معتنقاً"».
دكتور علم الاجتماع السياسي والتربية وعضو جمعية البحوث والدراسات "أكرم الشلي"، قال عن تجربة الشاعر "أحمد فاعور": «يمكن القول عن تجربته إنها متفردة ومميزة وناجحة، خصوصاً أنه لم يدرس الأدب العربي وعلم العروض دراسة أكاديمية، وإنما تمكن من الوصول إلى مراحل متقدمة نتيجة اجتهادات شخصية بحتة وإصرار ترفع لأجله القبعة، حيث إن كثيرين من الأكاديميين والجامعيين لا يمتلكون هذا الزخم والرغبة لترك بصماتهم في عالم الأدب، وإنما يتجهون صوب أنشطة مختلفة ومتنوعة، وتعتمد قصائده الرمزية المفهومة والواضحة والمتماسكة من دون الحاجة إلى المغالاة وطغيان الهمّ الفلسفي والفكري على المفردات، فالمبدع هو الذي يستطيع أن يجعل لغة النص تأسرك كمتلقٍّ لتذوب معها، ويوظف مفرداته توظيفاً جيداً، ويتعامل مع اللغة ككائن ينمو ويتطور ليمنح التركيبات اللغوية زخماً دلالياً يفوق بكثير معناها المعجمي الضيق».
الجدير بالذكر، أنّ الشاعر "أحمد مرشد فاعور" من مواليد عام 1952، قرية "تل التتن" التابعة لناحية "عين الكروم" في محافظة "حماة"، وهو خريج جامعة "بيروت" قسم الحقوق، وعضو في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وقد نشر العديد القصائد والمقالات في صحيفتي "البعث" و"الفداء"، ومجلتي "جيش الشعب" و"الجندي العربي"، كما نشر عدداً من المقالات النقدية في صحيفة "تشرين".