المهنة عشق؛ هذا ما قاله الحرفي "فياض سيوفي" عن صناعة السيوف الدمشقية المطعمة بالمعادن الثمينة، وهو ما يعرف بـ"التكفيت"، التي ورثها من والده؛ فأبدع رسومات هندسية ونباتية وصنع أدواتها بنفسه.

مدونة وطن "eSyria" التقته بتاريخ 22 نيسان 2015، ضمن فعالية "أيام التراث السوري" المقامة في "خان أسعد باشا"، وعن عشقه لهذه المهنة قال: «تعلمت المهنة بالنظر، حيث كان والدي يصحبني معه، في البداية كنت أراقبه إلى أن بدأت أرسم رسومات وأملؤها بالمعادن الثمينة، المسمى فن "التكفيت" وهو تطعيم المعدن بالمعادن الثمينة».

تستهويني صناعة الخنجر الدمشقي؛ فهو تحفة فنية رائعة والحرفي يظهر إبداعه ضمن مجال ضيق، وأغلب الناس كانوا يضعونه على الخصر ليتباهوا به

وعن فنّه قال: «يعود تاريخ هذا الفن إلى 700 سنة، وما زال يمارس بنفس الطريقة التي وجد فيها، المعروف أن الحداد أبو الصناعات لأنه يصنع أدواته بنفسه، ونحن نقوم بتصنيع الأدوات بأنفسنا».

تكريم الحرفي "فياض سيوفي" ضمن فعالية أيام التراث السوري

ويتابع: «عشقت هذه المهنة من عشقي لوالدي وطورتها فرسمت على غمد السيف ونصله أشكالاً هندسية، ورسوماً نباتية جديدة، وأبيات شعر نابعة من إحساسي بأن هذه التشكيلات رافقت السيف والمسلمين الذين عرفوا بأنهم الوحيدون الذين كانوا يقاتلون بسلاح جميل، والكتابات وجدت لتمجد السيف وتحافظ على عظمة تاريخه. تعلقت بهذه المهنة لأنها خليط من عدة مهن؛ فالغمد ملبس بالمعدن والجلد والعاج الطبيعي لأنه يمتص العرق من يد المقاتل، إضافة إلى المعادن الثمينة من خيوط الذهب والفضة. الأدوات المستخدمة هي "المطرقة والملزمة والمبرد"، وأداة للحفر على النصل ونسميها "سنمك"، وأقلام حفر خاصة».

وعن مراحل التصنيع قال: «نجهز النصل بإعطائه الشكل الذي نريد، ثم نقوم بتشطيبه بأداة الحفر "سنمك"، وللحرفي حرية اختيار نقطة البداية؛ ونقوم بصف الخيوط تلو بعضها وهذه تعتمد على النظرة الفنية لعين الحرفي، ونثبتها قليلاً بالطرق، ثم ندخلها في النار من أجل أن يلصق معدن النصل أو الغمد بالمعدن المضاف وبعدها نبدأ التلميع، وهذه المهنة تحتاج أن يعطيها الحرفي من روحه لتعطيه شكلاً بديعاً».

غمد سيف - من صنع "فياض سيوفي"

ويضيف: «تستهويني صناعة الخنجر الدمشقي؛ فهو تحفة فنية رائعة والحرفي يظهر إبداعه ضمن مجال ضيق، وأغلب الناس كانوا يضعونه على الخصر ليتباهوا به».

وعن السيف الدمشقي المطعم بالمعادن الثمينة حدثنا الباحث بالتراث الشعبي "محمد الفياض"، وأمين تحرير مجلة "الحرفيين" قائلاً: «السيف الدمشقي غني عن التعريف، فالمعروف أن سر الجوهر الدمشقي لم يعد موجوداً في مفردات الصناعة الدمشقية، لكن تمكن حرفيونا من ترك بصماتهم الإبداعية ومنهم الحرفي "سيوفي" أحد مبدعي "التكفيت" المعروف بحبه لمهنته وحرصه على إظهارها في أغلب الفعاليات المقامة؛ حيث شارك في أكثر من 40 فعالية عربية ودولية ومحلية».

الباحث بالتراث محمد الفياض

يذكر أن "سيوفي" شارك بمسابقة للأعمال الفنية والإسلامية بـ"تونس" ونال جائزة عن عمله "درع" لعام 2000، وأيضاً كرم في فعالية أيام التراث السوري من قبل وزارة الثقافة لحفاظه على هذه المهنة.