تحتل الرحلات التي كانت تقوم بها النساء يوم الجمعة من شهري حزيران وتموز للبحث عن نبات "المكانس" مكاناً مهماً في الذاكرة، التي باتت مع الوقت من التراث القديم، غير أن بعض النساء ما زلن على علاقة بهذا النبات الأخضر الطويل، المعلق على جدار المنازل.
مدونة وطن "eSyria" التقت السيدة "جليلة العريضي" يوم الجمعة الواقع في 11 آب 2014، المولودة في قرية "الجنينة" في العام 1955، لتتحدث عن تلك العادة القديمة في جلب المكانس: «كانت النسوة قبل أن يصبح هناك آلات للنقل يقمن برحلة طويلة مشياً على الأقدام من أجل الوصول إلى البرية، حيث المكان الذي تنبت فيه "المكانس"، وهي أمكنة فيها الكثير من الحجارة والتراب، أو ما يسمى التلال القليلة الارتفاع، وهي هضاب غير مزروعة تتوافر فيها الرطوبة المناسبة لإنبات الأعشاب والنباتات مثل المكانس والشيح والعكوب وغيرها، وهي تخرج من الأرض كما القمح ولكنها أطول، وتنتهي ببذار صغيرة مجتمعة خلف بعضها بعضاً، حيث تقوم النساء بشتله من جذوره كما هو بواسطة (الحاشوشة)، وهي عبارة عن قطعة معدنية تنتهي بيد خشبية تشبه المنجل الصغير، ويقمن بتنظيفه من التراب المجتمع عند الجذور، وربطه بالحبال كما هي (غمار) القمح، وقد اتسمت تلك الرحلات البعيدة التي تنتهي قبل غروب الشمس بالكثير من ذكريات المرح واللعب والغناء، والطعام المصنوع على نار الحطب، والتنافس بين النساء على جلب أكبر كمية ممكنة من المكانس لتحمل في طريق العودة على الظهر مربوطة "أغماراً" بحبل».
تعمل المكنسة الطبيعية بشكل سلس على السجاد والموكيت، وهي بما تحويه في مقدمتها من البذار الباقية تستطيع كنس كل شيء، وكلما تقدمت المكنسة بالعمر كانت أفضل بكثير، ويعرف الناس أهمية المكنسة الطبيعية من خلال الرحلات في الحرش، وما كان يقوم أهالي الريف في الجبل ويعرف (بالعزب)، فهم يذهبون بماشيتهم إلى إحدى التلال القريبة لتسمينها لمدة طويلة في المراعي الوافرة الخضرة، ينامون ويقومون في المغارات أو في بيوت الشعر، ومن هنا تكمن أهمية المكنسة في ظروف سكنية صعبة، يكثر فيها الغبار والأتربة
وتصف السيدة "منيرة قرقوط" المولودة في قرية "البثينة" في العام 1958، طريقة تحضير النبات ليصبح مكنسة قابلة للعمل بالقول: «تطرح المكانس على الأرض من أجل تجفيفها بأشعة الشمس من الرطوبة، وبعد ذلك نقوم بتقسيمها إلى مجموعات صغيرة بقدر قبضتي اليدين، وربطها بخيط قوي بالقرب من الجذور التي يجب أن تكون متساوية ومتقاربة تماماً، وهي بالأساس نصف مكنسة، وهي تحمل من الأصل الكثير من الشوائب كالأوراق غير المتساقطة الملتصقة بالسنبلة، وبعض السنابل الميتة سابقاً، وكذلك الأعشاب التي جلبت مع المكانس، حيث نقوم بتنظيف تلك الشوائب بأي قطعة حديدية أو مشط قادر على الدخول في قلب السنابل، ومن الأعلى تقوم النساء بعدة طرق للتخلص من البذور، فمنهن من يقمن بحرقها وضربها مباشرة حتى تحافظ على رونقها، ومنهن من يقمن بفرك السنابل بحجر أو باليدين لتسقط البذور، بعد ذلك يمكن أن (نقص نصف المكنسة) من الأسفل ليصبح منظرها جميلاً، وإذا كانت قاسية بالإمكان وضعها بالماء لتصبح طرية، وهكذا نقوم بعمل كل المكانس بنفس الطريقة حتى ننتهي منها جميعها، حيث نقوم بجمع كل نصفين بواسطة حبل رفيع، ويمكن أن نترك في نهاية المكنسة خيطاً رفيعاً لتعليقها بمكان مناسب».
وعن العمل الذي يميز المكنسة الطبيعية عن غيرها من المكانس الصناعية أكدت السيدة "نايفة الصحناوي" ذلك بالقول: «تعمل المكنسة الطبيعية بشكل سلس على السجاد والموكيت، وهي بما تحويه في مقدمتها من البذار الباقية تستطيع كنس كل شيء، وكلما تقدمت المكنسة بالعمر كانت أفضل بكثير، ويعرف الناس أهمية المكنسة الطبيعية من خلال الرحلات في الحرش، وما كان يقوم أهالي الريف في الجبل ويعرف (بالعزب)، فهم يذهبون بماشيتهم إلى إحدى التلال القريبة لتسمينها لمدة طويلة في المراعي الوافرة الخضرة، ينامون ويقومون في المغارات أو في بيوت الشعر، ومن هنا تكمن أهمية المكنسة في ظروف سكنية صعبة، يكثر فيها الغبار والأتربة».