استخدم أهالي "دير الزور" "الدنج" لتقشير حبة القمح لصنع البرغل والفشيق والحبية، هذه الآلة التي تتكون من حجر بركاني على شكل دائري يتم تحريكها من خلال ربطها بدابة معصوبة العينين ولتقشير حبة القمح أغانٍ شعبية مميزة كان الأهالي يرددونها لتمضية الوقت.

«"الدنج" هو عبارة عن حجر بركاني موجود بمنطقة "دير الزور" في الجهة الشمالية والغربية، وله صناع مختصون، وشكل "الدنج" دائري منحوت كحجر الرحى مثقوب من وسطه يقارب قطره المتر ونصف المتر وسماكته أربعون سنتيمتراً، يدور على مصطبة مدورة قطرها أربعة أمتار ينتصب وسطها عمود من الخشب القاسي من شجر التوت قطره 25سم، في وسطه وتد معدني قطره 7سم، صقل أعلى المصطبة بعد رصفها بالصخر القاسي ليدور عليها حجر "الدنج" الضخم، يدخل في وسطه عمود يجعل الحجر يقف عمودياً على حافته العريضة ليدور حول المحور الذي وسطه المصطبة، وتربط الدابة في الطرف الثاني للعمود الذي يسمونه "قوساً" ليدير الحجر بعد أن يفرش سطح المصطبة بالقمح الطري والقاسي المرطب بالماء». هذا ما قاله السيد "عايد العلي" وهو مزارع من قرية "الصبحة" لمدونة وطن "eSyria" في 23 آذار 2014 عن شكل "الدنج" ومواصفاته.

يردد الأهالي أثناء تدنيج القمح الكثير من الأنغام والأغاني الشعبية، وذلك للتسلية وتمضية الوقت بينما ينتهون من تدنيج القمح، وهي نغمات تترافق مع صوت حجر "الدنج" الذي يدور ويصدر أصواتاً متنوعة وفقاً لنوع القمح، ومن هذه الأغاني الشعبية التي مازلت أذكرها وكانت حبابتي (جدتي) ترددها: "حنطة عذية من العذايا ولا عيروا بيچي الولايا حنطة عذية ما بها زوان ولا عيروني بيچ نسوان حنطة عذية من الجزيرة ولا تعيروا بيچ العشيرة"

ويضيف: «يستخدم "الدنج" لتقشير حبة القمح دون أن تنكسر، ولكل من أنواع القمح طريقة في "التدنيج"؛ ففي صناعة البرغل يتم "تدنيج" حبة القمح القاسية بعد سلقها في قدور كبيرة حتى تكبر الحبة وتطرى ومن ثم يفرش على بسط فوق سطح المنزل في الخريف مدة يومين وبعدها ينظف ويرسل إلى "الدنج" لتقشيره، أما لصناعة "الفشيق" فلا يحتاج القمح إلى السلق وإنما يتم اختيار القمح الأبيض ذي الحبة الكبيرة ويدنج لإخراج القشر منه ومن ثم ييبس ويجرش ويغربل لاستخراج الحبة الصغيرة التي تستخدم في صنع الكبة، والحبة الكبيرة لصنع "الفشيق" الذي يستخدم في شوربة الكما، وهناك أيضاً "الحبية" التي تصنع من القمح الأبيض الطري بعد تدنيجها ومن ثم يتم تنظيفها لتطبخ بالسمن مع اللحم».

جمال عبد الكريم

لـ"الدنج" أنغام وأغانٍ شعبية يرددها الأهالي، هذا ما أشار إليه السيد "جمال عبد الكريم" من حي القصور بالقول: «يردد الأهالي أثناء تدنيج القمح الكثير من الأنغام والأغاني الشعبية، وذلك للتسلية وتمضية الوقت بينما ينتهون من تدنيج القمح، وهي نغمات تترافق مع صوت حجر "الدنج" الذي يدور ويصدر أصواتاً متنوعة وفقاً لنوع القمح، ومن هذه الأغاني الشعبية التي مازلت أذكرها وكانت حبابتي (جدتي) ترددها:

"حنطة عذية من العذايا ولا عيروا بيچي الولايا

سلق القمح قبل وضعه بالدنج

حنطة عذية ما بها زوان ولا عيروني بيچ نسوان

حنطة عذية من الجزيرة ولا تعيروا بيچ العشيرة"».

كان "الدنج" ينوجد في المناطق القريبة من النهر، ويذكر "عبد الكريم" ثلاثة منها عند نزلة "الرديسات": «وكان أيضاً بجانب النصارى الذين اشتهروا بفتل الشعيرية، كما كان هناك حارة بـ"الجبيلة" اسمها حارة "الدنج" وهي آخر الرديسات، وحسب مشاهداتي كان هناك "دنج" بـ"الحميدية" قبل بيت المختار "عباس العكلة"، وعند الدوار القريب من محل "مرعي الحويجة" لبيت جاجان كان هناك "دنج" بالشارع المتجه من السجن باتجاه نادي الضباط، ولكن لم يعد موجوداً في المدينة واقتصر وجوده فقط في بعض قرى المحافظة ويعود ذلك إلى استخدام الآلة في تقشير حبة القمح وتوافر المواد التي كانوا يقومون بتدنيجها في الأسواق من برغل وفشيق وحبية وبكميات تتواجد على مدار العام».