يشتهر "ريف إدلب" بـ"القصيد" و"العتابا"، لكون القصيد امتداداً للشعر النبطي، و"العتابا" من عتاب المحبوب لحبيبه، وبالتالي كلا اللونين حصيلة لمخزون ذلك الإنسان من الأغاني الريفية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 نيسان 2014 الشاعر والقاص "خالد جمعة الحسين" الذي تحدث بالقول: «يعد "القصيد" شعراً خاصاً بأهل الريف، يكتب على الشكل التقليدي للقصيدة، وهو امتداد للشعر "النبطي"، والقصيدة في الريف تبدأ بالغزل القليل البسيط المؤثر، ثم تنتقل إلى وصف كل ما يدور من حوله، فيقولون:

شكل "القصيد" هو على شكل المزدوج والمربع والمخمس، ويختلف الغرض بين قصيد وآخر، فهو متعدد تعدد حاجاته وخواطره، فمنه: الغزل، والرثاء، والتفجع، والمديح، والعتاب، والجدل، والشكوى، والتنصل من اللوم، وعادة يختم القصيد الشعبي بذكر الأولياء والقديسين ولكن ذلك لا يتم في قصائد الغزل

"علامَ تحيد عن دربي علام... أريد أنسى وأودعك بالسلامه

الباحث عبد الحميد مشلح

أيا ذيب البـراري شبيـك ترزم... عجب مثلي اللي مضيعك فطامه

اسـمك ذيب واسمي مولع بهن... واسم الزين عالــــدوم يتنامى".

جلسة عتابا في الريف

ويشير الباحث "عبد الحميد مشلح" في كتابه "معنى ومغنى من إدلب" بالقول: «تنتشر "القصيد" في نواحي "سنجار" و"أبو الظهور" والمناطق الشرقية من المحافظة، وهو يشبه القصيدة الفصحى نظماً وشكلاً وسلماً وغرضاً وعروضاً بجميع بحوره؛ تامة أو مشطورة أو مجزوءة أو منهوكة. ويسمى شاعر القصيد "القاصود" ويكون نظم البيت الأول فيه على أحد البحور العروضية واضعاً له رويين وقافيتين فيها الروي الأول مختلف عن الثاني، وكذلك القافية، أي إن روي الصدر غيره في العجز، ويندر أن نجد "التصريع" المعتاد في القصيدة الفصيحة، والتصريع هو سجعة الصدر والعجز أي العروض والضرب».

ويلتزم الشاعر هذا النظم في الأبيات كافة فللصدر سجعة وللعجز سجعة مفترقة عنها نحو:

"ياراكبا منفوق صهوة عبيان... أدهم رجوج الرأس، سرجه يماني

مضمر سريع الجري بالكون له شان... مدخر لحزات اللقا منزماني".

ويتابع: «شكل "القصيد" هو على شكل المزدوج والمربع والمخمس، ويختلف الغرض بين قصيد وآخر، فهو متعدد تعدد حاجاته وخواطره، فمنه: الغزل، والرثاء، والتفجع، والمديح، والعتاب، والجدل، والشكوى، والتنصل من اللوم، وعادة يختم القصيد الشعبي بذكر الأولياء والقديسين ولكن ذلك لا يتم في قصائد الغزل».

وبين "مشلح" عن غناء "العتابا" بالقول: «تشتهر محافظة "إدلب" بغناء "العتابا" وهو لون جميل من الغناء الشعبي، فله حكاية شعبية تقول: إنه منذ سنين كثيرة كان يقيم فلاح شاب يكسب قوته من عرق جبينه، وعلى الرغم من شظف العيش كان يملك شيئاً واحداً يجد فيه عزاءه الوحيد هو زوجته "عتابا" الشابة الجميلة، إلا أن مالك القرية الإقطاعي الكبير انتزعها منه وغادرت كوخها إلى قصر الملاك، ولما عاد الزوج لم يجد في البيت "عتابا" فأخبروه الجوار بأنها ذهبت إلى قصر الملاك إلى الأبد، فأنشد قائلاً:

"عتابا بين برمي وبين لفتي... عتابا ليش لغيري ولفتي

أنا ما روح للقاضي ولا أفتي... عتابا بالثلاث مطلقـــا"».

ويضيف "مشلح" بالقول: «تعدّ "العتابا" من فنون الأغنية الشعبية، ويؤلف بيت العتابا وحدة كاملة، وهذا هو سر انتشاره وولع الشعراء الشعبيين به، ودلالته على ثروة لفظية كبيرة لاعتماده على فن الجناس البديعي، كما يدل على إيجاز بليغ ويتركب بيت "العتابا" عادة من أربعة أشطر على الأغلب وأحياناً خمسة أو ستة، وتبنى أغراض الأشطر الأول والثاني والثالث على جناس واحد ويظل الضرب الوحيد مستقلاً عنها».

"حسدت الميل اللي زار عينو... على خشف صدفني وزار عينو

قرنفل يهل الله زار عينـــو... تحت في الجديـلة والعصــاب".

وأيضاً:

"أنا الخمار للخمرة عصرها... يريد بنا شرف سامي عصرها

قبل ما تنحرم شمسك عصرها... تودع من أزاهير الهنـــا".

وعادة ما يرافق غناء "القصيد والعتابا" آلة موسيقية وهي الربابة.