يحفل التراث الشعبي الحلبي بتفاصيل كثيرة تبلور العرس الحلبي القديم، فمن مهن إلى طقوس وتقاليد خاصة بتزيين العروس وذلك قبيل زفها من بيت أهلها إلى بيت عريسها.

حول هذه المهن التقليدية والطقوس الخاصة بالمناسبة في "عفرين" من "ريف حلب الشمالي" تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 آذار 2014 العمة "زينب عبدو" من "جنديرس" قائلة: «قبل نحو 25 عاماً تقريباً كان لكل قرية من قرى الريف في منطقة "عفرين" امرأة خبيرة بتزيين العروس وتلبيسها، وكانت عملية التزيين حينها –أي قبل ظهور الكوافيرات العصريات- تضم تمشيط شعر العروس وتكحيل عيونها ووضع الحمرة على خدودها وشفاهها وتلبيسها ثيابها وكذلك وضع التاج على رأسها، وكانت تقبض أجرها مقابل عملها كيلين من القمح وذلك يساوي 25كغ.

في اليوم الذي يسبق زفة العروس الحلبية هناك مجموعة من الطقوس الاجتماعية الخاصة بزينة العروس التي تمارس بهذه المناسبة السعيدة، وهناك مجموعة من السيدات الخبيرات اللواتي يقمن بهذه العملية وفق تقاليد شعبية قديمة هن: "الماشطة"، و"النقيشة"، و"القيّمة"

تلك المرأة كانت خبيرة بأمور الزينة واللباس التقليدي وخاصة قبعة العروس الذي يسمى محلياً "كُم" أو "قبعة مراش" وهي عبارة عن طربوش أصغر قليلاً من الطربوش الأحمر المعروف وُيصنع من اللباد وفيها ثلاث قطع خشبية لتعليق قطع الذهب والفضة والنقود عليها بقصد الزينة، كما كان على تلك المرأة أن تضع على القبعة ريش النعام.

السيدة زينب عبدو

بعدها تقوم بتلبيس العروس لباسها الخاص مثل الفستان وغطاء الوجه القطني الأحمر والزنار القماشي الحريري والمليتان وهو قميص من دون أكمام يصل إلى أسفل الظهر.

أما الكحل فكانت تحضّره من السخم الموجود على طناجر الطبخ أو مصابيح الكاز بعد مزجه بكمية قليلة من زيت الزيتون قبل أن تكحّل بها عيون العروس».

عروس حلبية في الحمام العام

العمة "كريمة حمو" من حي "الشيخ مقصود –غربي" في "حلب" قالت: «في اليوم الذي يسبق زفة العروس الحلبية هناك مجموعة من الطقوس الاجتماعية الخاصة بزينة العروس التي تمارس بهذه المناسبة السعيدة، وهناك مجموعة من السيدات الخبيرات اللواتي يقمن بهذه العملية وفق تقاليد شعبية قديمة هن: "الماشطة"، و"النقيشة"، و"القيّمة"».

وتضيف: «قبل العرس ووفق التقاليد الاجتماعية بـ"حلب" يتم أخذ العروس من قبل أمها وأقربائها إلى الحمام العام في المدينة لتقوم سيدة تسمى "القيّمة" بغسل جسم العروس سبع مرات بعد أن تضيف إلى ماء الحمام مادة "البيلون بورد" التي تتميز "حلب" بصناعتها وهي مؤلفة من حجر "البيلون" الممزوج بماء الورد كما تضع لها الحناء وتمشطها خلال عملية الاستحمام.

مكحلة .. من أدوات زينة العروس الحلبية

ثم تأتي المرأة الخبيرة برسم النقوش على الأجساد وتسمى "النقيشة" لتقوم برسم النقوش على جسد العروس قبيل زفافها بواسطة عجين يتم ترقيقه ثم تمد عليه فتائل الحناء على تزاويق ولصقه على كفي العروس ومعصميها وقدميها؛ وذلك بعد دهنها بالزيت ومن ثم تقوم "النقيشة" بربط مكان "النقيشة" نهاراً وليلة لتقوم بإزالته فترتسم نقوش جميلة على جسدها».

وخلال عمل "النقيشة" تغني للعروس بعض الأغاني الشعبية الحلبية، ومنها تذكر منها العمّة "كريمة": «"يا يامو شوفي وشوفي والحنة نقشت كفوفي".

أما الاطفال فلهم أهازيجهم الخاصة بالمناسبة منها: "هلّ الهلّ الهلّاني، راح عالحج وخلاني، خلاني بضيعتو، ولبسني قبيعتو، وطبخ لي عجّور محشي، وقال لي: تفضلي تعشي، قلت لو: بنزع نقشي، شمر زندو وطعماني".

ومن النساء الخبيرات بتزيين العروس أيضاً السيدة التي تسمى "ماشطة" ومهنتها التي ورثتها عن أمها وجدتها عادةً هي تمشيط شعر العروس.

تدهن "الماشطة" جسد العروس ببودرة بيضاء كما ترش عليه عطر الورد وتضع الحمرة على شفتيها وتكحل عيونها وتنزع شعر حواجبها، ومن وظيفة "الماشطة" أيضاً وضع الإسوارة بإحدى يديها والسنارة بيدها الأخرى وتضع الحلق بأذنيها، وأخيراً تضع لها "الباجاية" أي غطاء وجه العروس وتلبسها "الملحفة" أو "المانتو".

ومن الأقوال الشعبية التي ترددها "الماشطة" خلال عملها: "قربان هالوج، يما يسلملي هالجبين، يخزي العين عن عيونك، ما شا الله وميت ما شا لله على حسنك وجمالك، الله هو يحرسك ويحميكي والسعد يخدمك، إي يا رب يا محبب القلب".

ومن الأمثال الشعبية الحلبية الخاصة بالماشطة وعملها: "أش بدا تعمل الماشطة بهالوج الكشح؟" أي مهما عملت "الماشطة" في الوجه القبيح لن تستطيع أن تجمّله».