ينشأ الأطفال في "إدلب" على أشعار صافية ونقية تغنيها الأم لطفلها عند النوم، وعندما تفقد أحد الأحبة، معبرة عما بداخلها من عواطف وأحاسيس، مشكلة أدباً شعبياً مفعماً بالصدق.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 آذار 2014 السيدة "خنساء إبراهيم" التي قالت: «عبّر أهالي "إدلب" عن مناسبات الأطفال سواء بدفع الحسد أو في حالة التهدئة للنوم، أو من خلال ترقيص الطفل بأغانٍ حلوة وبسيطة، وعلى الرغم من مرور سنوات طوال على سماعها إلا أنها ماتزال تغنى حتى هذه الأيام، وعندما تغنيها الأم فإنها تترافق مع حركات هز السرير أو الأرجل أو اليدين، وتشيع هذه الأغاني أرق العواطف وأنبل الأحاسيس والمعاني معبرة عن وجدانياتها. ولا تقتصر أغاني الأطفال على الأم وحدها، فلا بد لأفراد الأسرة أن تشاركها بتلك الأشعار».

تترك الأم لدى الطفل بصمات واضحة، إذ تجعله يتجاوب مع النغم، والإيقاع لهذه السيمفونية الرائعة، فتشرئب رأسه ويفتح أذنيه محاولاً أن يخرج حرفاً بحركات دافئة من يديه أو شفتيه ما يجعل الأم تطير فرحاً بتجاوبه

وعندما تريد الأم أن تلاعب طفلها وهو بين يديها ترقصه وتناغيه فتقول:

"تستك تستك تستايه... بعرسك لطبخ رشتايه

وان عيروني النسوان... لضربهم بالجمجايه

تستك تستك ع الفولي... عينو سودا ومكحولي

أبوك شب وغاوي... وإمك إلها جنجولي".

الباحث "عبد الحميد مشلح" أشار في كتابه "مغنى ومعنى من إدلب" بالقول: «للطفولة في تراثنا أغان وأهازيج ترددها الأمهات عندما يردن أن يلاعبن أطفالهن، لأن الطفل في هذه المرحلة يكتسب المعرفة وينتقل بها من البسيط إلى المركب، إذ تبث الأم عواطفها ومشاعرها نحو غريزة استمرارية الحياة فيها، فكانت هذه الأغاني بالفعل أدباً شعبياً مفعماً بالصدق، فالأم هي التي تبث وليدها فرحتها به، ومشاعرها نحوه، حتى يقال: (القط بعين أمه غزال) كناية عن محبتها ونظرتها إلى ولدها أنه أجمل خلق الله، وأحسن وأفهم من كل أقرانه من الأطفال».

ويذكر "مشلح" بعض الأغاني التي ترددها الأم لطفلها في هذه المحافظة:

"مسيكي ودان القطة... ساويلي الدار محطة

الناظم عنده قطة... راحت من جوعا فراري

الهبرة أيضاً والشحمي... بتساوي للمرا زحمي

وحقك يا ستي رحمي... ما شفتي الستي بالدار".

وتقول بصوت مفعم بالحزن يعتصره في هدأة الليل وسكونه:

"نامي يا بنتي نامي... وعين الله ما نامت

وعمرا شدة يا بنتي... على مخلوق ما دامت

عديت على المصبغة... أصبغ أنا توبي

ما قلتلك يا مصبغة... ما عدا محبوبي".

وعندما تكون المرأة حزينة وفاقدة أحد المقربين إليها أخ أو زوج تغني لطفلها غناءً حزيناً:

"قتلوك يا محمد... في أرض الوحلة

يا دم محمد... غرق السهلة

قتلوك يا محمد... يا أبو الفانيلة

وأخوتك ستة... سترتهم جميلة".

كما تغني الأم لطفلها للرد على الحساد فتقول:

"اللي ما يقولك روح... يقع من فوق السطوح

تنكسر أيدو ورجله... وعينه اليمين تروح".

ويضيف مشلح بالقول: «تترك الأم لدى الطفل بصمات واضحة، إذ تجعله يتجاوب مع النغم، والإيقاع لهذه السيمفونية الرائعة، فتشرئب رأسه ويفتح أذنيه محاولاً أن يخرج حرفاً بحركات دافئة من يديه أو شفتيه ما يجعل الأم تطير فرحاً بتجاوبه».

أما عند النوم فتقول:

"ابني بنام نومة الكمون... والصيف عافل يابني بس الشتي مجنون

يا أبو الوليدات ما تنام مهموم... ورزق الوليدات يابني عارب السم ابهون

راحوا ماودعوك يا قلب عالمينا... ولا ودعونا ولا وصوا حدا فينا

ويا ربي تبعث لنا الطير يودينا... ونحنا الغرابا اشتقنا لها لينا".