"بشّار الرّحيّة" عازف عود بدأ تجربتهُ كهوايةٍ، وحين فاضت ريشته عزفَ معبّراً عن فرح الناسِ وحزنهم العفويّ في الحفلاتِ وفي البيوت.

مدوّنة وطن "eSyria" التقت العازف في منزله في قرية "الزّهيريات" في ريف "جبلة" بتاريخ 4 شباط 2014 للحديث عن بداياته، فقال: «عشتُ طفولتي في بيت أخوالي وكان ثلاثة منهم يعزفون على العود، ولكلّ واحدٍ منهم عودُه الخاصّ حيث رسم لي هذا الجوّ العفويّ طريقي في الحياة، وكنتُ دائماً حين أعود إلى منزل والديّ أشعر بحنينٍ إلى جلسات العود هذه التي ابتدأتها بالمراقبة وبالتأثر فقط، وشعرتُ بأن أصابعي تريد أن تعزف، ومع الوقت في العامّ 1997 بدأتُ العزفِ ولفتِ نظر أسرتي، وفي العامِ نفسه كنتُ على موعدٍ مع عزف "الدّلعونا" بكافة أنواعها و"رقصة السّتّ"؛ حيثُ أشاد بي بعض المهتمّين بالفنّ في قريتي كعازف الإيقاع "مالك منصور"، والفنّان الشّعبي "جهاد منصور"، ونصحاني بتعلّم عزف العود أكاديميّاً».

بعد سيطرة "الأورغ" الحديث على الحفلات اكتفيتُ من العزف بالهواية ولم أعد أشارك في أيّ حفلة، ورغم ذلك لايزال العود صديقي الوفيّ الذي لا يخذلني

وتابع: «بعد هذه الإشادة ذهبتُ لتعلّم عزف العود على يدِ الأستاذ "جهاد محمّد" في مركز تدريبه "بيت الموسيقا" في مدينة "جبلة"، وبقيت لمدّةِ شهرٍ واحدٍ فقط، وخلالها كنت أتعلّم العزف بشكلٍ سماعيّ، وكنت أدعمُ ذلكَ بالتدريب الشخصيّ في البيت، فعزفت في هذه الفترة تقاسيم فريد الأطرش "معزوفة الرّبيع"، ومعظم الأغاني الطّربية: "أمّ كلثوم، وعبد الحليم حافظ "».

يدوزن العود في إحدى جلساته العفوية

وتابع: «في العام 2003 درستُ النوتة الموسيقية تحت إشراف أستاذ الموسيقا "جمال يوسف"، وتعلّمت عنده مدّة أربعة أشهر؛ لتنتهي بذلك هذه المرحلة من الدّراسة الأكاديمية».

وعن عالم الحفلات ودخوله إليها قال: «بعد تحقيقي لشهرةٍ مقبولة بين الأصدقاء والوسط الفنّي الشعبي في قريتي وفي السّاحل بشكلٍ عام دعيتُ للمشاركة في حفلات النّاس وأعراسهم على الرّغم من أنّني كنتُ أميل إلى الغناء الطّربي الذي لا يناسب غالباً مثل هذه الأجواء؛ حيث حلقات الدّبكة والرّقص، ولكننّي اقتحمتُ هذا الجوّ مستفيداً من موهبتي التي أعتبرها قادرةً على التكيّف، فاشتريتُ عوداً كهربائيّاً ليكون صديقي في ليالي الفرح تاركاً عودي الخشبيّ لجلساتي الخّاصة في منزلي ومنزل الأصدقاء».

ثم أضاف: «أوّل حضورٍ لي كان مع الفنان "جهاد منصور" الذي أحيا معظم حفلاتِ قريتنا ولكنّ الحظّ لم يساعده كثيراً، كذلك مع المطرب الشعبيّ "بشّار حمامة"، وأكثر حفلاتي كانت مع الفنّان "بهاء اليوسف" ابنُ "حمص" الذي تنتشر أغانيه في القنوات الغنائية، والذي حقّق شهرةً مهمّة على صعيد الغناء الشّعبيّ. وعلى الرّغم من مشاركتي للكثيرين من المطربين الشّعبيّين في حفلاتهم، فإنني أعتبر أنّ أهمّ محطّاتي في عزف العود هي جلساتي الخاصّة العفوية مع الفنان الأستاذ "بسّام بيطار"، والمطرب "شهار عجيب"، ولقائي عازف العود "فراس حمّادي" الذي تعلّمتُ منه كيفَ أنتمي إلى العود وكأنّه امتدادٌ لأصابعي».

وختم حديثه بالقول: «بعد سيطرة "الأورغ" الحديث على الحفلات اكتفيتُ من العزف بالهواية ولم أعد أشارك في أيّ حفلة، ورغم ذلك لايزال العود صديقي الوفيّ الذي لا يخذلني».

الفنان الشّعبيّ "باسل إسماعيل" تحدّث عنه فقال: «"بشّار" إنسانٌ عفويٌّ ونبيل، وتجربتُه في العزف تجربة مهمّة، وقد زرته وهو الصّديق والجار القريب أكثر من مرّة لتعلّم عزف العود على يديه، لكنّ الوقت لم يكن لمصلحتنا دوماً».

عازف الإيقاع "مالك منصور" أضاف: «أحيينا معاً معظم الحفلات في أزمنة الطّرب والسّماع والفرح العفويّ، وما أعرفه عن "بشّار" هو انتماؤه إلى عودِه حيثُ يبثّه أحزانه وفرحه، وهو من قلّة قليلة يحتضن عوده ولا يفارقه ولو بنظرة أثناء العزف، وكأنّه مشغولٌ عن نفسِه وعن الآخرين».

يُذكر أنّ عازف العود "بشّار الرّحيّة" من مواليد قرية "الزّهيريات" في "ريف جبلة"، عام 1980م.